مقدمة

إنّ الحمد لله تعالى نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وبعد :

Alhamdulillah, berkat Taufiq serta Hidayah-Nya, akhirnya blog sederhana ini dapat terselesaikan juga sesuai dengan rencana. Sholawat salam semoga selalu tercurah kepada Nabi Muhammad SAW beserta keluarga dan sahabat-sahabatnya.

Bermodal dengan keinginan niat baik untuk ikut serta mendokumentasikan karya ilmiah perjuangan Syaikhina Muhammad Najih Maemoen, maka sengaja saya suguhkan sebuah blog yang sangatlah sederhana dan amburadul ini, tapi Insya Allah semua ini tidak mengurangi isi, makna dan tujuhan saya.

Blog yang sekarang ini berada di depan anda, sengaja saya tampilkan sekilas khusus tentang beliau Syaikhina Muhammad Najih Maemoen, mengingat dari Ponpes Al Anwar Karangmangu Sarang sudah memiliki website tersendiri yang mengupas secara umum keberadaan keluarga besar pondok. Tiada lain tiada bukan semua ini sebagai rasa mahabbah kepada Sang Guru Syaikhina Muhammad Najih Maemoen.

Tidak lupa saya haturkan beribu terima kasih kepada guru saya Syaikhina Maemoen Zubair beserta keluarga, terkhusus kepada beliau Syaikhina Muhammad Najih Maemoen yang selama ini telah membimbing dan mengasuh saya. Dan juga kepada Mas Fiqri Brebes, Pak Tarwan, Kak Nu'man, Kang Sholehan serta segenap rekan yang tidak bisa saya sebut namanya bersedia ikut memotifasi awal hingga akhir terselesainya blog ini.

Akhirnya harapan saya, semoga blog sederhana ini dapat bermanfa’at dan menjadi Amal yang di terima. Amin.

Minggu, 30 Mei 2010

رسالة في الأخبار التي لا سند لها ولا بيان لمراجعها الحديثية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي حمى شريعته المطهرة بفحول العلماء والصلاة والسلام على سيد الأنبياء محمد وآله وصحبه أولي العلم والحلم الأتقياء.
أما بعد: أخي الفاضل العالم الأديب الأستاذ محمد نور خالص محمود بجاتي روكية بربس ديم غزه مكللا بالمجد والعلاء. وصل إلي كتابك العظيم الدال على فضلك واهتمامك بالعلم الشرعي وأهله جزاك الله خير وأعانك عليه فأقول مستعينا بحول الله وقوته:
إن هذا الخبر بأننا منعنا الناس من قراءة كتب درة الناصحين والعصفورية وأمثالهما لا يوافق ولا يطابق الواقع في تلك الحلقة, إنما الذي وقع القرار عليه وهو استكشاف ما في تلك الكتب من الأحاديث غير معزوة إلى أئمة الحديث وكتبهم المعروفة وتوزيع هذا المشروع على الخريجين من معهد سيدنا الوالد الحبيب محمد علوي المالكي حفظه الله, نعم, وقع في الحلقة المباحثة والمناظرة حول هذه القضية وأن بعض العلماء من أهل الحديث الشريف في الأزهر وهو الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف في مقدمة كتاب (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الموضوعة ) ذكر بعض تلك الكتب وحكم أنها مشحونة بالموضوعات ولكن أهل المجلس لم يقرروا حكم هذا المحدث ولم يريدوا نشره إلى أصحاب المعاهد والمدارس ومجالس التعليم في بلادنا.
أنظر ما كتبته في جريدة سوارا مرديكا عمود رسائل القراء تاريخ 27 ديسمبر ونقلت فيه قول الإمام النووي في تقريبه الذي شرحه السيوطي وتحرم روايته أي الموضوع مع العلم به في أي معنى من المعاني إلا مبينا أي مع بيان وضعه. قال الإمام ابن حجر الهيتمي في الفتاوي الحديثية ص 37, وأما الاعتماد في رواية الحديث على مجرد رؤيته في كتاب ليس مؤلفه من أهل الحديث أو في خطب ليس مؤلفها كذلك فلا يحل إهـ.
وكلام بعض المتناظرين فيما بينهم أثناء المباحثة ليس هو فتوى ولا قرارا فلا يجوز نسبة المنع من قراءة الكتب المذكورة إلي وأنا من المنع برئ والمهم أنني بلغت إلى الناس كلام العلماء الفقهاء المحدثين في هذا الشأن وهذا يكفيني إن شاء الله في الدعوة إلى أخذ العلوم من أهلها أفلا نكتفي برياض الصالحين والأذكار للنووي والتجريد الصريح والنصائح الدينية والجامع الصغير والمجالس السنية وسنن أبي داود والنسائي وجامع الترمذي والموطأ وابن ماجه وإرشاد العباد وجواهر البخاري ومختصر ابن أبي جمرة وصحيحي البخاري والمسلم ومسند الإمام أحمد والترغيب والترهيب للمنذري وأمثالها ومؤلفوها كلهم أئمة هذا الشأن وأهله "(فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)", نعم أخذ المواعظ من تلك الكتب لا شك في جوازه بل استحسانه ولكن نسبة أحاديثها التي لم تؤخذ من كتب أهل الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هي محل نظر وسؤال إلى الآن والذي اطمئن إليه قلبي هو جواب الغمام ابن حجر المذكور سابقا هذا ولا نحكم على الأحاديث الموجودة في تلك الكتب بالوضع إلا إذا نص أئمة الحديث على كونها موضوعة ولكن إذا لم نجد مصادرها من كتب الحديث نقول: هذه أحاديث لم نجد لها أصلا ولم نقل بأنها موضوعة لأننا لسنا من أئمة الحديث ولكننا مقلدون لهم في مسئلة رواية الحديث.
وقال الإمام السيوطي في الحاوي للفتاوي (جـ: 1/صـ: 293): (ومنها) سألت عن كتب فيها أحاديث عن رسول الله  ليست في الموطأ ولا في الصحيحين وليس عندكم من يعلم ذلك فما تفعلون, والجواب لا ترووا منها إلا ما ثبت وروده وإذا علمتم أن الحديث في سائر الكتب الستة ومسند الإمام أحمد فارووه مطمئنين وكذلك ما كان مذكورا في تصانيف الشيخ محيي الدين النووي أو المنذري صاحب الترغيب والترهيب فارووه مطمئنين. (فإن قال قائل): إذا كنت على مقتضى تقليدك لأئمة الحديث منعت رواية الأحاديث من الكتب المذكورة للفتوى والتذكير إلا إذا وجدت منصوصة في كتب أهل الحديث فلم لا تمنع قراءة تلك الكتب في المعاهد ومجالس التعليم؟. (قلنا): قد جرى العلماء على قراءة كتب الإمام الغزالي رضي الله عنه خصوصا كتابه الإحياء وقد عرف المحدثون إنه اشتمل على أحاديث لا أصل لها كما قال السيوطي في مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود فإن قلت إنه صلى الله عليه وسلم كان يسرح لحيته كل يوم مرتين قلت: لم أقف على هذا بإسناد ولم أر من ذكره إلا الغزالي في الإحياء ولا يخفى ما فيه من الأحاديث التي لا أصل لها.إهـ. نقله الشيخ جمال الدين القاسمي في قواعد التحديث (صـ: 183).
وكذلك الشيخ المحدث العلامة أبو الفضل عبد الله بن صديق الغماري في مقدمة كتابه (الكنز الثمين) قال: وكتابه الإحياء ممتلئ بالأحاديث الواهية والموضوعة أيضا وفيه مائة حديث لا أصل لها ذكرها التاج السبكي في ترجمته من طبقات الشافعية. إهـ. ولكنهم مع هذا التصريح لم يمنعوا الناس من قراءة هذا الكتاب الجليل الذي لم يصنف مثله في الإسلام لكثرة فوائده وغزارة علومه وسعة مفاهيمه وعجيب تأثيره في نفوس قارئيه رضي الله عن مؤلغه ونفعنا به, وهكذا كتب التفسير الكبار مثل كتب ابن جرير الطبري, والقرطبي, والزمخشري, والفخر الرازي, قرؤوها واستفادوا منها العوائد في علم التفسير ومن الإحياء علوم السلوك والأدب والسير إلى الله مع معرفتهم بما فيها من القصص الإسرائيلية والأحاديث التي لا أصل لها لأن هذه القصص الإسرائيلية والأخبار الموضوعة لا تبلغ عشر معشار ما في الكتب وقد عرفوا القواعد التي ميزوا بها الصحيح من غيره والمقبول من غيره فمصالح تلك الكتب تربوا على مفاسدها.

وأما الكتب الصغار الممتلئة بالروايات التي لم ينقلها مؤلفها إلى كتب الحديث فهل تلحق بسيرة البكري التي حرم قراءتها الإمام السيوطي في الحاوي للفتاوي ولا أذكر الآن رقم الصحيفة وكذلك الإمام ابن حجر الهيتمي في فتاويه الحديثية (صـ: 138), قال: لا يجوز قراءتها لأن غالبها باطل وكذب وقد اختلط فحرم الكل حيث لا مميز إهـ. أم تلحق بالإحياء وأمثاله من الكتب الكبار التي احتوت على علوم ومواعظ وآثار وأفكار ذات أثر طيب في أخلاق المجتمع ولم تبلغ أحاديثها التي لا أصل لها مقدار عشر معشارها فلترددنا في الأمر لم نحكم ولم نفت فيه بشيء ونرفع الحكم فيه إلى سادتنا العلماء الأجلاء وثقوب نظرهم وسعة فكرهم وقد قمنا بأمانة العلم التي تقلدناها من بيان نصوص العلماء في هذا الأمر وبقي علينا العمل والاحتياط في دين الله وشريعة رسوله صلى الله عليه وسلم .
واعلم, أن بعض الناس لم يزالوا لا يفرقون بين الضعيف والموضوع من الأخبار. فالأول: مقبول في الجملة خصوصا في فضائل الأعمال. والثاني: هو المردود وإن شئت البسط فانظر في كتب المصطلح والله الموفق المعين, حفظكم الله ورعاكم وبلغ مناكم في الدارين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محبكم
محمد نجيح ميمون

( ملاحظة )
إن بعض الناس افتروا علي بأني قلت إن كثيرا من الكتب السلفية التي سموها الصفراء مضلة للناس في دينهم وهذا بلا شك كذب وزور ولعنة الله على الكاذبين فلم أقل ذلك البتة, بل لا أزال مشتغلا بخدمتها في أكثر أوقاتي رزقني الله القبول والإخلاص والاستقامة فيها وأقول عن وجود الأحاديث التي لا أصل لها في تلك الكتب كما قال الشيخ جمال الدين القاسمي وظاهر أنهم لم يوردوا ما أوردوا مع العلم بكونه موضوعا بل ظنوه مرويا إهـ, فلا ضلال ولا إضلال وإنما هو ترغيب وترهيب وهداية وإرشاد لكن يجب علينا الرجوع في كل فن إلى أهله إذ لكل مقام مقال ولكل فن رجال, والله أعلم.
"(زيادة توضيح)": بعد ما تصفحنا كتاب المجالس السنية بتين لي إن صاحبه الشيخ أحمد بن حجازي الفشني من الذين جروا على المسلك الصوفي فإنه كثيرا ما ذكر الأحاديث بلا سند ولا بيان من أخرجها ومع ذلك اشتهر في أسماعنا أنه من كبار العلماء الفقهاء الوعاظ وكتابه المجالس أكبر دليل على ذلك وكذا كتابه مواهب الصمد شرح الزبد ونقل عنه الشيخ المناوي في فيض القدير التصحيح والتحسين قال الشيخ عبد الله بن صديق الغماري في مقدمة كتابه الكنز الثمين ولا ذلك لا يعتمد لأنه ليس من أهل التصحيح والتحسين وإن كان هو وشيخه عالمين فاضلين فقيهين شافعين. إهـ.
وذكر الشيخ حجازي ناقلا عن الأئمة الصوفية مثل اليافعي وابن عربي أنه ورد في السبعين ألف تهليلة أنها عتاقة من النار خبر نبوي ثم قال الشيخ نجم الدين الغيطي لكن الحديث المذكور قال بعض المشايخ لم يرد به سند فيما أعلم قال وقد وقفت على صورة سؤال للحافظ ابن حجر رحمه الله عن هذا الحديث وهو من قال لا إله إلا الله سبعين ألفا فقد اشترى نفسه من الله هل هو حديث صحيح أو حسن أو ضعيف؟ وصورة جوابه: أما الحديث المذكور فليس بصحيح ولا حسن ولا ضعيف بل هو باطل موضوع لا تحل روايته إلا مقرونا ببيان حاله. إهـ.
قال الشيخ نجم الدين رحمه الله لكن ينبغي للشخص أن يفعلها اقتداء بالسادة الصوفية واقتداء بقول من أوصى بها وتبركا بأفعالهم إهـ. ص 70,71.ومن الدلائل على وجود خلاف بين المحدثين وبين الصوفيين في العصور المتأخرة في جواز العمل بما روي حديثا لا أصل له ولا شك أن أهل الحديث لم يعولوا على قول المخالفين البتة ما قاله الشيخ الفقيه المحدث ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج ص 238 ج 2. ووقع في عوارف العوارف للإمام السهروردي أن من جلس بعد الصبح يذكر الله إلى طلوع الشمس وارتفاعها كرمح يصلي بعد ذلك ركعتين بنية الاستعاذة بالله من شر يومه وليلته ثم ركعتين بنية الاستخارة لكل عمل يعمل في يومه وليلته قال وهذه تكون بمعنى الدعاء على الإطلاق وإلا فالاستخارة التي وردت بها الأخبار هي التي يفعلها أمام كل أمر يريده. إهـ. وهذا عجيب منه مع إمامته في الفقه أيضا وكيف راج عليه صحة وحل بنية مخترعة لم يرد لها أصل في السنة ومن استحضر كلامهم في رد صلوات ذكرت في أيام الأسبوع علم أنه لا تجوز ولا تصح هذه الصلوات بتلك النيات التي استحسنها الصوفية من غير أن يرد لها أصل في السنة. نعم, إن نوى مطلق الصلاة ثم نوى بعدها بما يتضمن نحو استعاذة واستخارة مطلقة لم يكن بذلك بأس. إهـ.
وقال الشيخ الطحطاوي معلقا على قول صاحب الدر المختار:وأما الموضوع فلا يجوز العمل به بحال ولا روايته إلا ببيانه أي حيث كان مخالفا لقواعد الشريعة وأما لو كان داخلا في أصل عام فلا مانع منه لا بجعله حديثا بل لدخوله تحت أصل عام إهـ. وإن كان الشيخ عبد الفتاح أبو غدة المحدث في الديار الشامية الآن حفظه الله رد كلام الطحطاوي المذكور لكن هذه النصوص الثلاثة من الشيخ الفشني والشيخ ابن حجر والشيخ الطحطاوي تدل على وجود قول من الصوفية المتأخرة مخالف لما عليه المحدثون وقيل العمل بذلك القول الذي لا دليل عليه إلا التبرك وحسن الظن والإقتداء بأفعال الأكابر الصوفيين مع اعتراف قائله بعدم كون المروي حديثا مقبولا عند أهله, قيل ذلك يجب علينا معرفة والتزام قيوده وشروطه ومحامله. وأما كتاب النصائح الدينية فقد قابلناه في مكة المكرمة مع صديقنا الحبيب العلامة السيد صالح بن أحمد العيدروس الملانجي فوجدناه يدور على الصحاح والحسان والضعاف المقبولة والله أعلم.

*****
( إهداء)
أهدي هذه النصوص من العلماء الأجلاء لمن يهمه أمر الدعوة إلى الله وإلى دينه الحنيف ولمن يعتني ويهتم بأحاديث رسول الله  ويجعلها مصدرا أساسيا لدعوته وتعليمه تاليا لكتاب الله العزيز ثم يتلوهما أقوال الأئمة المجتهدين سواء في الفقه والأصول الألوهية والأصول التربوية السلوكية رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بهم آمين. ولا أريد بهذا التقرير أثارة الفتنة بين المسلمين دعاتهم وعامتهم ولكن أريد مجرد تبيان الحقائق العلمية المستمدة من أقوال أرباب الفن العظيم وهو الحديث النبوي الشريف. أما من جعل مذهبه ودينه وعقيدته هو المسلك العملي الذي سلكه بعض المشايخ الصوفيين من العمل أو الاحتجاج بكل ما أثر ونسب إلى رسول الله  في الكتب المتقدمة وإن كانت على غير طريقة أهل الحديث المقررة فلا أهدي إليه هذه النصوص الغراء لأنه قد اختار مذهبا عمليا مخالفا للمذهب العلمي الذي بينه أولئك الأئمة المحدثون الذين أوردنا كلامهم في هذه الوريقات ولم يطمع ويرغب في انتهاجه ولم أطمع أيضا في مجادلته ومخاصمته فلكل أحد شرعة ومنهاج.
أما خلاصة فكري ورأيي في المسألة إذا سألني أحد عنها فأقول وبالله التوفيق: إن ما عمل به المشايخ الصوفية هو العمل المبني على أساس حسن الظن ونحن أيضا نحسن الظن بهم فإنهم لا يتعمدون الكذب البتة وحاشهم من ذلك. أما إذا أردنا المذهب العلمي الصحيح المأخوذ من قرارات وتوضيحات علماء السنة النبوية فإنهم قد قرروا بالمنع وقد ابتلينا نحن أحيانا بمخالفة هذا المذهب العلمي في بعض مواعظنا وتعليماتنا لهوى نفس أو قصور علم ونعتبر ذلك خطأ بل خطيئة فنستغفر الله تعالى منه, والأولى لمن كان داعية إلى الله وخطب أمام الناس أو درسهم أحد الكتب التي لا سند فيها لأحاديث رسول الله  ولا بيان لمخرجيها وأراد حكايتها أن يقول: ذكر مؤلف كتاب كذا هذا القول ونسبه إلى رسول الله  وهو في نفس الأمر قد يكون حديثا وقد لا والعهدة والذمة على المؤلف أو على من نقله المؤلف من كتابه, وإن أراد اختصار الكلام فيقول: ذكر في كتاب كذا هذا الخبر المنسوب إلى رسول الله  وهو كذا وكذا أو يقول: مما أثر ونسب إلى رسول الله  كذا وكذا والله أعلم بصحته.
ويكون ذلك من باب حكاية القول ونسبة الرواية إلى صاحب الكتاب لا من باب روايتنا نحن لتلك الأحاديث ليتفهم هذا الفرق ولعلنا بهذا قد تخلصنا من الفتنة الدهياء والورطة الظلماء والله أعلم وأكرم.
وبمثل هذا أقول: ولا أريد الحكم على الأحاديث الموجودة في تلك الكتب بالوضع أو النكارة لأنني لست من أهل الحديث فضلا عن الجرح والتعديل وإنما أنا طالب الحديث ومقلد علمائه في فنهم. وأقول: يجب في كل فن من فنون العلم الرجوع إلى أهله المعروفين به المشتهرين وإلى كتبهم المعتمدة, ولا نقول في الذين مضوا إلى رحمة الله من الصالحين الأخيار الذين لم تساو أعمالنا في الوزن قدر عشر معشار أعمالهم الصالحة إلا قوله تعالى: " تلك أمة قد خلت ولها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ", وقوله تعالى حكاية عن التابعين الصالحين: "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم ".

وصلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.
كتبه ببنانه وقاله بلسانه الفقير إلى ربه الغني
محمد نجيح ميمون الساراني

نصوص العلماء حول الأخبار الموضوعة والضعيفة
التي لا بيان لمخرجيها
قال (الشيخ الحافظ الإمام أبو عمرو ابن الصلاح) في مقدمته: اعلم, أن الحديث الموضوع شر الأحاديث الضعيفة ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مقرونا ببيان وضعه بخلاف غيره من الأحاديث الضعيفة التي يحتمل صدقها في الباطن حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب.إهـ.
قال (الشيخ التهاوني) في قواعد علم الحديث بتعليق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة, قال في الدر المختار: وأما الموضوع فلا يجوز العمل به بحال ولا روايته إلا ببيانه.إهـ.
قال (الإمام النووي) في تقريبه الذي شرحه الإمام السيوطي (جـ:1 /صـ:274): (وتحرم روايته مع العلم به) أي بوضعه (في أي معنى كان) سواء الأحكام والقصص والترغيب وغيرها (إلا مبينا) أي مقرونا ببيان وضعه. وفي الفتاوي الحديثية لابن حجر (صـ: 138): (سئل نفع الله به هل يجوز قراءة سيرة البكري ؟, فأجاب: لا يجوز قراءتها لأن غالبها باطل وكذب وقد اختلط فحرم الكل حيث لا مميز.إهـ. وفي (صـ: 37) منها: ما ذكره أي الخطيب من الأحاديث في خطبه من غير أن يبين روايتها أو من ذكره فجائز بشرط أن يكون من أهل المعرفة في الحديث أو ينقلها من كتاب مؤلفه كذلك, وأما الاعتماد في رواية الأحاديث على مجرد رؤيتها في كتاب ليس مؤلفه من أهل الحديث أو في خطب ليس مؤلفها كذلك فلا يحل ذلك ومن فعله عزر عليه التعزير الشديد. إهـ.وقال في (صـ: 211): ومن غلب عليه فن يرجع إليه فيه دون غيره. إهـ.
وفي الحاوي للفتاوى للسيوطي (جـ:1/صـ: 293): ومنها سألت عن كتب فيها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست في الموطأ ولا في الصحيحين وليس عندكم من يعلم ذلك فما تفعلون؟, والجواب: لا ترووا منها إلا ما ثبت وروده وإلا فقفوا عن روايتها وإذا علمتم أن الحديث في سائر الكتب الستة أو مسند الإمام أحمد فارووه مطمئنين وكذلك ما كان مذكورا في تصانيف الشيخ محيي الدين النووي والمنذري صاحب الترغيب والترهيب فارووه مطمئنين إهـ.
قال (العلامة ملا علي القاري) في رسالة الموضوعات (صـ: 85) طبع القسطنطنية: حديث من قضى صلاته من الفرائض في أخر جمعة من رمضان كان ذلك جابرا لكل صلاة فاتته في عمره إلى سبعين سنة باطل قطعا ولا عبرة بنقل صاحب النهاية وغيره من بقية شراح الهداية فإنهم ليسوا من المحدثين ولا أسندوا الحديث إلى أحد من المخرجين.إهـ. وقال السيوطي في مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود على حديث نهى أن يمتشط أحدنا كل يوم … :فإن قلت أنه صلى الله عليه وسلم كان يسرح لحيته كل يوم مرتين قلت لم أقف على هذا بإسناد ولم أر من ذكره إلا الغزالي في الإحياء ولا يخفى ما فيه من الأحاديث التي لا أصل لها.إهـ.
وقال (الشيخ المحدث العلامة أبو الفضل عبد الله بن صديق الغماري) في مقدمة كتابه (الكنز الثمين): وكتابه الإحياء ممتلئ بالأحاديث الواهية والموضوعة أيضا وفيه مائة حديث لا أصل لها ذكرها التاج السبكي في ترجمته من طبقات الشافعية.إهـ.
قال (الشيخ جمال الدين القاسمي) في قواعد التحديث (صـ: 193): وظاهر أنهم لم يوردوا ما أوردوا مع العلم بكونه موضوعا بل ظنوه مرويا, ونقد الآثار من وظيفة حملة الأخبار إذ لكل مقام مقال ولكل فن رجال.
ثم قال في نفس الصفحة : وفي فتاوى الشيخ عليش رحمه الله ما مثاله: وسئل عن حديث يس لما قرأت له, فأجاب الحمد لله, نص الحافظ السخاوي في كتابه المقاصد الحسنة على أن هذا الحديث لا أصل له وكذلك سيدي محمد الزرقاني في مختصره ويترتب على من شنع على من أنكر صحة الحديث الأدب الشديد لتجرئه على التكلم بغير علم والظاهر من حال هذا الرجل أنه جاهل جاف غليظ الطبع لم يخالط أحدا من أهل العلم, ومثل هذا يخشى عليه مقت الله تعالى لخوضه في الأحاديث بغير معرفة إذ من له معرفة لا ينكر المنصوص, وشدة الجهل وضعف العقل وعدم الديانة توجب أكثر من ذلك. والله أعلم.إهـ.
وقال (الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف) أستاذ الحديث بكلية الشريعة في مصر القاهرة سابقا في مقدمة كتاب تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوع للإمام ابن عراق الكناني المتوفى (963 هـ): ولتمام الفائدة نذكر طائفة من الكتب التي انتشرت في عصرنا هذا وقد شحنت بالموضوعات ليحذرها القارئون فمن ذلك: كتاب الشهاب للقضاعي فقد ذكر الصاغاني في الدر الملتقط أنه وقع فيه كثير من الأحاديث الموضوعة – كتاب الحكيم الترمذي كما ذكره ابن القيم وابن أبي جمرة – وكتب الواقدي كفتوح الشام – وتفسير ابن عباس المروي من طريق الكذابين كالكلبي والسدي ومقاتل كما ذكره السيوطي وابن تيمية – نزهة المجالس ومنتخب النفائس للصفوري – فإنه مشحون بالموضوعات وبما لا أصل له من القصص والحكايات – تنبيه الغافلين وقرة العيون ومقرح القلب المحزون وهما لأبي الليث السمرقندي كما ذكره الذهبي – قصص الأنبياء للثعلبي – درة الناصحين للخوبوي – بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إباس – الروض الفائق في المواعظ والرقائق للحريفيش كما ذكره الحوت البيروتي والبشير ظافر – وصايا الإمام علي كما ذكره الصاغاني وغير ذلك من الكتب في المناقب وفضائل البلدان والملاحم والخواص الطيبة والأعمال الروحانية إهـ.
وقال أيضا في أول تلك المقدمة : ونبه العلماء على مراتب ما اشتهر من المرويات, وما لم يشتهر, وفتشواني بطون الكتب, ونظروا فيما يرويه الناس من صدورهم, وما يسمعونه من أفواه الوعاظ والقصاص وغيرهم, ثم بينوا الحكم في هذه الأحاديث, ونصوا على المكذوب منها, وذبوا عن السنة الدخيل عليها, وتوعدوا الكذابين بالوعيد الشديد, واستحقاق العقوبة والتنكيل بهم في الدنيا, فقد كتب الإمام البخاري على حديث موضوع "من حدث بهذا استوجب الضرب الشديد والحبس الطويل(1)" غير أن بعض المحدثين رووا في كتبهم أحاديث موضوعة, من غير تصريح بوضعها, مثل: أبي نعيم والطبراني وابن مندة والحكيم الترمذي وأبي الليث السمرقندي, اكتفاء منهم بذكر أسانيدها. قال ابن حجر: وكان ذكر الإسناد عندهم من جملة البيان,إهـ. يريدان رواية الحديث الموضوع وكتابته حرام ما لم يبين أمره, وعلماء تلك العصور كانوا يعرفون الأسانيد فتبرأ ذمتهم من العهدة بذكر السند, قال السخاوي: ولا تبرأ العهدة في هذه الإعصار بالاقتصار على إيراد إسناده بذلك, لعدم الأمن من المحذور به, وإن صنعه أكثر المحدثين في الإعصار الماضية, في سنة مائتين , وهلم جرا(2).وأكثر ما وجدت فيه الأحاديث المكذوبة والضعيفة من المؤلفات والكتب: كتب المسانيد والمعاجم المختفية التي لم تشتهر عند العلماء من المحدثين والفقهاء, وبقيت مستورة بغير فحص لمتونها وأسانيدها, ولم يكن لها تداول في الاستنباط والمذاكرة, مثل : كتب الخطيب البغدادي, وأبو نعيم, والجوزقاني, وابن عساكر, وابن النجار, والديلمي, وما في كتاب الكامل لابن عدي, ويكاد يلحق بها مسند الخوارزمي, وهذه هي مادة كتاب الموضوعات لابن الجوزي, كما سنعرض(3) له . وكذلك يوجد الموضوع فيما دار على ألسنة كثير من الوعاظ, وأهل الأهواء, مما اختلط بكلام الحكماء وأخبار بني إسرائيل(4).
قال الشيخ محمد جمال الدين القاسمي في كتاب قواعد التحديث
(صـ: 111-113)
"( تشنيع الإمام مسلم على رواة الأحاديث الضعيفة والمنكرة )"
وقد فهم بها إلى العوام وإيجابه رواية ما عرفت صحة مخارجه
قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في خطبة صحيحه: ( فلو لا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثا فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة, والروايات المنكرة وتركهم الاقتصار على الأخبار الصحيحة مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة بعد معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أن كثيرا مما يقذفون به إلى الأغبياء من الناس هو مستنكر عن قوم غير مرضيين ممن ذم الرواية عنهم أئمة الحديث, لما سهل علينا الانتصاب لما سألت من التمييز والتحصيل, ولكن من أجل ما أعلمناك من نشر القوم الأخبار المنكرة بالأسانيد الضعاف المجهولة وقذفهم بها إلى العوام الذين لا يعرفون عيوبها خف على قلوبنا إجابتك إلى ما سألت ). ثم قال : اعلم , -وفقك الله تعالى- أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه, والستارة في ناقليه, وأن يتقي منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع. والدليل أن الذي قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه, قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا . الآية) وقال عز وجل: (ممن ترضون من الشهداء).وقال سبحانه وتعالى :(وأشهدوا ذوي عدل منكم). فدل بما ذكرنا من هذه الآي وأن خبر الفاسق ساقط غير مقبول وأن شهادة غير عدل مردودة والخبر إن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه, فقد يجتمعان في معظم معانيها, إذ خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم, كما أن شهادته مردودة عند جميعهم, ودلت السنة على نفي رواية المنكر من الأخبار, كنحو دلالة القرآن على نفي خبر الفاسق, هو الأثر المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين), ثم ساق مسلم رحمه الله ما ورد في وعيد الكذب عليه صلى الله عليه وسلم مما هو متواتر. ثم أسند عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباءكم, فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم).
تحذير الإمام مسلم من روايات القصاص والصالحين.
روى الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عاصم قال: (لا تجالس القصّاص), وعن يحيى بن سعيد القطان قال: (لم نرى الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث), وفي رواية : (لم نر أهل الخبر في شيء منهم في الحديث). قال مسلم: يعني أنه يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب.
قال النووي: لكونهم لا يعانون صناعة أهل الحديث, فيقع الخطأ في رواياتهم ولا يعرفونه ويروون الكذب, ولا يعلمون أنه كذب.
وفي قواعد التحديث (صـ: 151-152): قال الحافظ في شرح النخبة: (الحكم بالوضع إنما هو بطريق الظن الغالب. لا بالقطع, إذ قد يصدق الكذوب, لكن لأهل العلم بالحديث ملكة قوية يميزون بها ذلك, وإنما يقوم بذلك منهم من يكون اطلاعه تاما, وذهنه ثاقبا, وفهمه قويا, ومعرفته بالقرائن الدالة على ذلك متمكنة, وقد يعرف الوضع بإقرار واضعه). ثم قال: (ومن القرائن التي يدرك بها الوضع, ما يؤخذ من حال الراوي, كما وقع للمأمون بن أحمد, إنه ذكر بحضرته الخلاف في كون الحسن سمع من أبي هريرة أو لا فساق في الحال إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سمع الحسن من أبي هريرة وكما وقع لغياث بن إبراهيم, حيث دخل على المهدي فوجده يلعب بالحمام, فساق في الحال إسنادا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر –أو جناح-. فزاد في الحديث "أو جناح" فعرف المهدي أنه كذب لأجله فأمر بذبح الحمام, ومنها : ما يؤخذ من حال المروي كأن يكون مناقضا لنص القرآن, أو السنة المتواترة, أو الإجماع القطعي, أو صريح العقل, حيث لا يقبل شيء من ذلك التأويل, ثم المروي تارة يخترعه الواضع وتارة يأخذ كلام غيره, كبعض السلف الصالح, أو قدماء الحكماء أو الإسرائيليات, أو يأخذ حديثا ضعيف الإسناد, فيركب له إسنادا صحيحا ليروج.
والحامل للواضع على الوضع إما عدم الدين, كالزناقة أو غلبة الجهل كبعض المتعبدين أو فرط العصبية كبعض المقلدين أو اتباع هوى بعض الرؤساء أو الأغراب لقصد الاشتهار, وكل ذلك حرام بإجماع من يعتد به. إلا أن بعذ الحرامية وبعض المتصوفة نقل عنهم إباحة الوضع في الترغيب والترهيب من جملة الأحكام الشرعية, واتفقوا على أن تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر وبالغ أبو محمد الجويني فكفر من تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم . إهـ.
وقال حجة الإسلام الغزالي في الإحياء جـ:3: (وقد ظن ظانون, أنه يجوز وضع الأحاديث في فضائل الأعمال, وفي التشديد في المعاصي, وزعموا أن القصد منه صحيح وهو خطأ محض, إذ قال صلى الله عليه وسلم: "(من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)". وهذا لا يترك إلا لضرورة, ولا ضرورة, إذ في الصدق مندوحة عن الكذب, ففيما ورد من الآيات والأخبار كفاية عن غيرها, وقول القائل, إن ذلك قد تكرر على الإسماع وسقط وقعه, وما هو جديد فوقعه أعظم, فهذا هوس إذ ليس هذا من الأغراض التي تقاوم محذور الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعلى الله تعالى, ويؤدي فتح بابه إلى أمور تشوش الشريعة, فلا يقاوم خير هذا شره أصلا والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الكبائر التي لا يقاومها شيء, يسأل الله العفو عنا وعن جميع المسلمين.
قال الشيخ محمد محمد أبو زهو من علماء الأزهر الشريف وأستاذ بكلية أصول الدين في كتابه الحديث والمحدثون (صـ: 117-118) بصدد بيان أصناف الوضاعين وابتداء ظهورهم: هذا وهناك صنف من الوضاعين كان شرا مستطيرا على الحديث إلا وهم القصاص الذين يستهوون العامة بالمناكير ويأخذون عليهم قلوبهم برواية العرائب التي لا أصل لها وقد وجد منهم في هذا الدور خلق كثير.
فهذا هو الشعبي التابعي العظيم أحد أعيان المائة الأولى للهجرة (117-104) يقول: بينما عبد الملك بن مروان جالس وعنده وجوه الناس من أهل الشام قال لهم: من أعلم أهل العراق؟, قالوا: ما نعلم أحدا أعلم من عامر الشعبي. فأمر بالكتاب إلي فخرجت إليه حتى نزلت "تدمر" فوافقت يوم جمعة فدخلت أصلي في المسجد فإذا إلى جانبي شيخ عظيم اللحية قد أطاف به قوم فحدثهم قال حدثني فلان عن فلان يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى خلق صورين في كل صور نفختان نفخة الصعق ونفخة القيامة. قال الشعبي: فلم أضبط نفسي إن خففت صلاتي ثم انصرفت فقلت: يا شيخ اتق الله ولا تحدثنا بالخطأ إن الله تعالى لم يخلق إلا صورا واحدا وإنما هي نفختان نفخة الصعق ونفخة القيامة, فقال لي: يا فاجر, إنما يحدثني فلان عن فلان وترد علي ثم رفع نعله وضربني بها وتتابع القوم علي ضربا معه فوالله ما اقلعوا عني حتى حلفت لهم أن الله تعالى خلق ثلاثين صورا له في كل صور نفخة فاقلعوا عني. فرحلت حتى دخلت دمشق ودخلت على عبد الملك فسلمت عليه, فقال لي: يا شعبي…بالله حدثني بأعجب شيء رايته في سفرك فحدثته حديث المتقدمين فضحك حتى ضرب برجليه . ذكره السيوطي في تحذير الخواص (ص 51-52).
فانظر …إلى أي حد بلغ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك العصر وانظر إلى إسماع العامة للأكاذيب وتعلقهم بها حتى أنهم إذا نصحوا ثاروا على الناصح فأهانوا وضربوه. فمن ذلك نأخذ أن مهمة المحدثين في هذا الوقت كانت من أشق ما يكون فقد أفسد القصاص والزنادقة قلوب العامة وحشوها بالخرافات وشأن العامة في كل زمان الاستماع للغريب من الحديث والجلوس إلى القاص إذا ما كان كلامه عجيبا خارجا عن فطر العقول أو كان رقيقا يحزن القلوب ويستفرر العيون. وهذا ابن عمر يزجر القاص ويأمره بالقيام من المسجد فلا يستمع لأمره حتى يستعين عليه بصاحب الشرطة فيبعث إليه شرطيا يخرجه إلى غير ذلك من الحوادث.
وقال في بيان الطوائف التي تعمل نشر الأخبار الموضوعة بعد ما ذكر الطائفتين الكبريين وهما الدعاة السياسيون والزنادقة (ص 265): احترف القصص طائفة من الجهلة بالحديث الذين رق دينهم ليتكسبوا به ولتكون لهم عند عامة الناس الحظوة والصدارة ولقد لاقى المحدثون منهم كل شدة ولحقهم من ورائهم العناء الكبير. ذلك أن طبيعة العامة تنحذب إلى كل غريب من القول لا سيما القصص فأقبلوا على هؤلاء القصاص الذين أخذوا يضعون الأقاويل, ويروونها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منها برئ ونحن نذكر لك بعض الحوادث التي تدل على مبلغ إفسادهم للحديث ومقدار تعلق العامة بهم حتى أنهم كانوا يفضلونهم على الأئمة من العلماء:
1. روى ابن الجوزي في كتابه "القصاص والمذكرين" عن أبي الوليد الطيالسي أنه قال: كنت مع شعبة فدنا منه شاب فسأله عن حديث: فقال له أقاص أنت؟, قال: نعم, قال: اذهب, فأنا لا نحدث القصاص فقلت له لم يا أبا بسطام؟, قال : يأخذون الحديث منا شبرا فيجعلونه ذراعا. فهذه شهادة من شعبة وهو من أعيان المحدثين في هذا العصر تلقى ضوءا على أعمال القصاص الإفسادية للأحاديث كما أنها ترينا مبلغ تنبه العلماء لأفاعيلهم وما يتزيدونه في الحديث من أباطيلهم.
2. وأخرج ابن الجوزي بسنده إلى حجر بن عبد الجبار الحضرمي أنه قال: كان في المسجد قاص يقال له زرعة. فأرادت أم أبي حنيفة أن تستفتي في شيء فأفتاها أبو حنيفة فلم تقبل وقالت: لا أقبل إلا ما يقول زرعة القاص, فجاء بها أبو حنيفة إلى زرعة, فقال: هذه أمي تستفتيك بكذا وكذا, فقال: أنت أعلم مني وأفقه فافتها أنت, قال أبو حنيفة: قد أفتيتها بكذا وكذا, فقال زرعة: القول كما قال أبو حنيفة فرضيت وانصرفت.
فهذه القصة ترينا كيف كان القصاص يسيطرون على عقول العامة؟, أبو حنيفة الذي بلغ في الفقه والعلم والذكاء والفهم مبلغا عظيما وطار صيته في الآفاق لا تقنع أمه بفتواه حتى تطلب فتوى زرعة القصاص. إهـ.
ونقل الشيخ القاسمي في قواعد التحديث (صـ: 164-165) قول العارف بالله الإمام الشعراني قدس سره في العهود الكبرى: "أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نتهور في رواية الحديث, بل نتثبت في كل حديث نرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا نرويه عنه إلا أن كان لنا به رواية صحيحة". ثم قال قدس سره: "واعلم يا أخي, إن أكثر من يقع في خيانة هذا العهد المتصوفة الذين لا قدم لهم في الطريق, فربما رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس من كلامه, لعدم ذوقهم, وعدم فرقانهم بين كلام النبوة وكلام غيرها. وسمعت شيخنا شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى يقول : إنما قال بعض المحدثين: أكذب الناس الصالحون لغلبة سلامة بوطنهم. فيظنون بالناس الخير, وأنهم لا يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمرادهم بالصالحين: المتعبدون الذي لا غوص لهم في علم البلاغة, فلا يفرقون بين كلام النبوة وغيره, بخلاف العارفين فإنهم لا يخفى عليهم ذلك, إهـ.

هل يمكن معرفة الموضوع بضابط من غير نظر في سنده؟
سئل الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية: هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن ينظر في سنده؟, فقال: هذا سؤال عظيم القدر, وإنما يعرف ذلك من تضلع في معرفة السنن الصحيحة, وخلطت بلحمه ودمه, وصار له فيها ملكة واختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار, ومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهديه فيما يأمر به وينهى عنه, ويخبر عنه, ويدعو إليه, ويحبه ويكرهه, ويشرعه للأمة, بحيث كأنه مخالط له عليه الصلاة والسلام بين أصحابه الكرام, فمثل هذا يعرف من أحواله وهديه وكلامه وأقواله وأفعاله. وما يجوز أن يخبر به وما لا يجوز ما لا يعرفه غيره, وهذا شأن كل متبوع مع تابعه, فإن للأخص به, الحريص على تتبع أقواله وأفعاله, من العلم بها, والتمييز بين ما يصح أن ينسب إليه وما لا يصح, ليس كمن لا يكون كذلك. وهذا شأن المقلدين مع أئمتهم, يعرفون من أقوالهم ونصوصهم ومذاهبهم وأساليبهم ومشاريهم ما لا يعرفه غيرهم. ثم أورد جملة مما روي في ذلك. (انظر الموضوعات لملا علي القاري).
وقال ابن دقيق العيد: كثيرا ما يحكمون بالوضع باعتبار أمور ترجع إلى المروي, وألفاظ الحديث. وحاصله يرجع إلى أنه حصلت لهم لكثرة محاولة ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم هيأه نفسانية, وملكة قوية, عرفوا بها ما يجوز أن يكون من ألفاظ النبوة وما لا يجوز. وقد روى الخطيب عن الربيع بن خيثم التابعي الجليل قال: "إن للحديث ضوءا كضوء النهار يعرف, وظلمة كظلمة الليل تنكر".
ونحوه قول ابن الجوزي: "الحديث المنكر يقشعر منه جلد طالب العلم وينفر منه قلبه يعني الممارس لألفاظ الشارع, الخبير بها وبرونقها وبهجتها.

قال سيدي الحبيب علوي بن عباس المالكي رضي الله عنه والد سيدنا الوالد الحبيب محمد بن علوي المالكي:
المسألة الثالثة
في شروط الحديث الضعيف المتفق عيها والمختلف فيها
قد ظهر مما سبق أن الحديث الضعيف الذي لم ينجبر ضعفه لا يحتج به في العقائد والأحكام والتفسير وإنما يحتج به في فضائل الأعمال فقط, والمراد به كل ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد والتفسير وذلك كالترغيب والترهيب بسائر فنونه ولكن يشترط في العمل به في فضائل الأعمال شروط:
(الأول): أن لا يشتد ضعفه أو يكون موضوعا فلا يجوز العمل بخبر من انفراد من كذاب أو متهم بكذب ومن فحش غلطه وقد نقل العلائي الاتفاق على ذلك.
(الثاني): أن يكون له أصل شاهد لذلك, كاندراجه في عموم أو قاعدة كلية فلا يعمل به في غير ذلك.
(الثالث): أن لا يعتقد عند العمل ثبوته بل يعتقد الاحتياط ولا يقدح في اعتبار هذا الشرط الخبر الذي رواه أبو الشيخ وابن حبان في كتابه "الثواب" عن جابر رضي الله عنه وابن عبد البر مرفوعا وهو: من بلغه عن الله عز وجل شيء فيه فضيلة فأخذ به إيمانا به ورجاء لثوابه أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك, فإنه يدل على صحة اعتقاد ثبوته عند العمل به لأنا نقول إن هذا الخبر نفسه ضعيف على أنه يجوز أن يحمل على الظنيات التي لا تكون في نفس الأمر كذلك.
قال السخاوي: ما ذكر من الشروط قد نص عليه الحافظ ابن حجر وأقره وزيد عليه أن لا يعارضه حديث صحيح واعتراضه البعض بأنه لا حاجة إليه لظهور أنه إذا تعارض حديثان ينظر إلى الترجيح ويقتضي هنا بتقديم الصحيح على الضعيف قطعا وزيد عليه أن لا يعتقد النية كما نقله ابن قاسم في حاشية التحفة عن بعضهم وفيه نظر بل لا وجه له لأنه لا معنى للعمل بالحديث الضعيف في مثل ما نحن فيه إلا كونه مطلوبا طلبا غير جازم فهو سنة, وإذا كان سنة تعين اعتقاد سنيتة, فتلخص مما ذكر أن شروط العمل بالحديث الضعيف ستة: أربعة متفق عليها, والخامس اعتبره البعض للإيضاح وأسقطه آخرون لظهوره, والسادس مختلف فيه والأرجح سقوطه, أما الأربعة المتفق عليها, فالأول : منها أن يعمل ي فضائل الأعمال, والثاني: أن لا يشتد ضعفه أو يكون موضوعا من باب أولى, والثالث: أن يكون له أصل شاهد لذلك كاندراجه في عموم أو قاعدة كلية, والرابع: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط. وأما الخامس الذي أسقطه البعض لظهوره فهو أن لا يعارض حديثا صحيح. وأما السادس المختلف فيه والأرجح إسقاطه فهو أن لا يعتقد سنيته وخلف في القول كما تقدم والله أعلم.
وقال سيدي الوالد الحبيب محمد علوي المالكي حفظه الله ورعاه ونفعنا به في كتابه "المنهل اللطيف" في أصول الحديث الشريف في مبحث الموضوع وهو باطل تحرم روايته إلا للتحذير منه أو تعليم ذلك لأهل العلم لمعرفته. إهـ. وقال في باب الأغراض الحاملة على الوضع:
الخامس : طلب ترغيب الناس في أفعال الخير فيوضع الحديث لذلك. وأكثر من يفعل هذا النوع من الوضع من ينتسب للزهد وهؤلاء أعظم الناس ضررا لأنهم يرون ذلك قربة وهو من الكبائر لا سيما وأن الناس يغترون بما أظهروا من الصلاح فيثقون بهم وينقلونها عنهم. والذي سوغ لهم ذلك إما جهلهم بحرمة ذلك وإما زعمهم الباطل إن الممنوع إنما هو الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يضر بشرعه ودينه دون الكذب الذي يروج دينه وما عملوا أن الكل كذب عليه صلى الله عليه وسلم ومما فعل هؤلاء أن وضعوا أحاديث صلوات مخصوصة وصيامات مخصوصة. السادس: قصد تأديب الأولاد فتوضع لهم أحاديث ويلقونها فيعتقدون صحتها ويروونها بعد ذلك.إهـ.
وقال في بيان طبقات كتب الحديث نقلا عن كلام الإمام ولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة:
الطبقة الأولى : كتب جمعت بين الصحة والشهرة وهي منحصرة بالاستقراء في ثلاثة كتب الموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم.
الطبقة الثانية : كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ولكنها تتلوها كأن مصنفوها معروفين بالوثوق والعدالة والتبحر في فنون الحديث والحفظ ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم وتلقاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة واشتهرت فيما بين الناس وتعلق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالها واستنباطا لفقهها وعلى تلك الأحاديث بناء عامة العلوم كسنن أبي داود وجامع الترمذي وسنن النسائي.
الطبقة الثالثة : كتب جمعت بين الصحيح والحسن والضعيف والمعروف والغريب والشاذ والمنكر والخطأ والصواب والثابت والمقلوب ولم تشتهر في العلماء ذلك الاشتهار وإن زال عنها اسم النكارة المطلقة ولم بتداول ما تفردت به الفقهاء كثير تداول ولم يفحص عن صحتها وسقمها المحدثون كثير فحص ومنها ما لم يخدمه لغوي لشرح غريبه فهي باقية على استتارها كمسند أبي يعلى ومصنف عبد الرزاق ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة ومسند عبد بن حميد ومسند الطيالسي وكتب البيهقي والطحاوي والطبراني وكان قصدهم جمع ما وجدوه لا تلخيصه وتهذيبه وتقريبه من العمل.
الطبقة الرابعة : كتب قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جمع ما لم يوجد في الطبقتين الأولين وكانت في المجاميع والمسانيد المختفية فنوهوا بأمرها وكانت على ألسنة من يكتب حديثه المحدثون ككثير من الوعاظ المتشدقين وأهل الأهواء والضعفاء أو كانت من آثار الصحابة والتابعين أو من أخبار بني إسرائيل أو من كلام الحكماء خلطها الرواة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم سهوا أو عمدا أو كانت من محتملات القرآن والحديث فرواها بالمعنى قوم صالحون لا يعرفون غوامض الرواية فجعلوا المعاني أحاديث مرفوعة أو كانت معاني مفهومة لإشارات الكتاب والسنة جعلوها أحاديث مستبدة برأسها عمدا, أو كانت جملا شتى في أحاديث مختلفة جعلوها حديثا واحدا بنسق واحد ومظنة هذه الأحاديث كتاب الضعفاء لابن حبان والكامل لابن عدي وكتب الخطيب وأبي نعيم والجوزقاني وابن عساكر وابن النجار والديلمي. وأصلح هذه الطبقة ما كان ضعيفا محتملا وأسوؤها ما كان موضوعا أو مقلوبا شديد النكارة وهذه الطبقة مادة كتاب الموضوعات لابن الجوزي.
فأما الطبقة الأولى والثانية فعليهما اعتماد المحدثين, وأما الثالثة فلا يباشرها للعمل عليها والقول بها إلا النحارير والجهابذة الذين يحفظون أسماء الرجال وعلل الأحاديث. نعم, ربما يؤخذ منها المتابعات والشواهد, وأما الرابعة فلا يعول عليها أحد من الذين لهم إلمام بالحديث النبوي وهي مصدر لطوائف المبتدعين من الرافضة والمعتزلة يعتمدون عليها في أخذ شواهد مذاهبهم, فالانتصار بها غير صحيح في معارك العلماء بالحديث.
***
وذكر سيدي الحبيب علوي بن عباس المالكي الحسني رضي الله عنه في آخر كتابه:
فائدة
ذكر العلماء كتبا لا ينبغي للإنسان أن ينقل منها حديثا إلا بعد المراجعة والتنقيب بل بعضها يغلب فيه ذكر الأحاديث الموضوعة وذلك مثل كتاب شمس المعارف, ونزهة المعارف لعبد الرحمن الصفوري فلا ينبغي الاعتماد عليها لكثرة الأحاديث الموضوعة فيها حتى إن برهان الدين محدث دمشق حذر من قراءتها وحرمها الجلال السيوطي. ومثلها سيرة الكبرى صاحب فتوح مكة, ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى أنها كذب وغالبها باطل, وكذا فتوح الشام للواقدي, وقصص الأنبياء, وبدائع الزهور, ومؤلفات الواحدي والكلبي فقد نص على حرمتها الجلال السيوطي. ثم قال: فكم من مؤلف حاطب ليل وجارف سيل وناقد لا يفرق بين الصحيح والضعيف, وظن أن كل مدور رغيف ويأتي ببعض الحجج الواهية التي تؤديه للهاوية.

والله أعلم.
كتبه الفقير إلى رحمة ربه الكبير
محمد نجيح بن ميمون


Related Posts by Categories



Tidak ada komentar:

Posting Komentar