مقدمة

إنّ الحمد لله تعالى نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وبعد :

Alhamdulillah, berkat Taufiq serta Hidayah-Nya, akhirnya blog sederhana ini dapat terselesaikan juga sesuai dengan rencana. Sholawat salam semoga selalu tercurah kepada Nabi Muhammad SAW beserta keluarga dan sahabat-sahabatnya.

Bermodal dengan keinginan niat baik untuk ikut serta mendokumentasikan karya ilmiah perjuangan Syaikhina Muhammad Najih Maemoen, maka sengaja saya suguhkan sebuah blog yang sangatlah sederhana dan amburadul ini, tapi Insya Allah semua ini tidak mengurangi isi, makna dan tujuhan saya.

Blog yang sekarang ini berada di depan anda, sengaja saya tampilkan sekilas khusus tentang beliau Syaikhina Muhammad Najih Maemoen, mengingat dari Ponpes Al Anwar Karangmangu Sarang sudah memiliki website tersendiri yang mengupas secara umum keberadaan keluarga besar pondok. Tiada lain tiada bukan semua ini sebagai rasa mahabbah kepada Sang Guru Syaikhina Muhammad Najih Maemoen.

Tidak lupa saya haturkan beribu terima kasih kepada guru saya Syaikhina Maemoen Zubair beserta keluarga, terkhusus kepada beliau Syaikhina Muhammad Najih Maemoen yang selama ini telah membimbing dan mengasuh saya. Dan juga kepada Mas Fiqri Brebes, Pak Tarwan, Kak Nu'man, Kang Sholehan serta segenap rekan yang tidak bisa saya sebut namanya bersedia ikut memotifasi awal hingga akhir terselesainya blog ini.

Akhirnya harapan saya, semoga blog sederhana ini dapat bermanfa’at dan menjadi Amal yang di terima. Amin.

Minggu, 30 Mei 2010

حزب الاتحاد التعمير إحدى الوسائل لعمل الأمة بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الحمد لله رب العالمين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فإن المسلمين في جميع بقاع الأرض قد أصابهم ما لا يخفى من التشتت والبلاء والضعف والانكسار والذل والهوان فكل فرد منهم حريص على خير نفسه أو خير جمعيته أو عشيرته ولا يفكر في مجتمعه وإخوانه المسلمين من غير أهل رابطته. وكل رابطة أو هيئة أو جمعية تحرص على ما يهمها من صلاح معاشي دنيوي بحت بله كل حكومة ودولة فأصحابها مهتمون باستدامة رياستهم واستمرار مناصبهم الدنيوية.
ولا أنكر وجود المساعدات والمواساة بين أفراد المسلمين بعضهم لبعض وبين جمعياتهم وهيئاتهم بعضها لبعض إلا أنها مشوبة بالدعاوى والهتافات والنداءات التي تعلي وترفع فضل المواسيين على الآخرين ومقرونة بالرياء الإعلاني أمام الجمهور والشعوب فلا فارق بين الأصول وبين فروعها ولا بين الآلات وغاباتها.
وكذلك الخطابات الوعظية في الحفلات الدينية لا تزال بحمد الله تعالى
مستمرة وموجودة إلا أنها كثيرة التكلفات والتكليفات في أمور لا تمت إلى جوهر الوعظ والإرشاد بصلة ولا سبب. ولم يبق لنا في بلادنا إندونيسيا طمأنينة النفوس ولا قرة الأعين في العمل بهذا الدين الحق بعد أركانه الخمسة إلا قيام المعاهد والمدارس الدينية بواجب التعليم والتربيو لطلابها بالأخلاق المحمدية والشريعة الإسلامية على صاحبها أفضل الصلاة والتحية إلا أنها في استمرارها واستقامتها على الطريق تحتاج إلى تأييدات المجتمع والحكومة ومناصرتهما لها وسيرهما معها.
فبهذه الرسالة نضع ونقلد أمانة التأييد والنصر لله ولرسوله في تلك المعاهد والمدارس الدينية الإسلامية عموما والسنية خصوصا على عواتق أهل الديوان ونواب المسلمين في حزب الاتحاد وعلى كواهل العلماء والزعماء ورؤساء الحكومة المسلمين في سائر الجمعيات والهيئات والأحزاب.
وسأكتب هنا النصوص الواردة عن الشارع الحكيم سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وحملة شرعه في فرضية إحياء الشعائر الدينية خصوصا شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء كان بالوعظ أم بالتعليم أو بمواجهة أولي الأمر بالخطاب والنصح ووجوب التأييد والانتصار لكل جمعية ورابطة دينية إسلامية وإن محي عنها قانونيا أساس الإسلام بموجب أمر الدولة الحاكمة. ومن تلك الجمعيات الإسلامية في أصل أساسها حزب الاتحاد فيجب على المسلمين تكثير سوادة فإنه الملتزم برفع أصوات المسلمين وإعلاء مبادئهم وإحياء شعائرهم قديما وحديثا. قال سيدنا حسان بن ثابت الأنصاري:
سجية تلك فيهم غير محدثة * إن الخلائق فاعلم شرها البدع
وهذا الوجوب الذي نتكلم فيه إنما هو من حيث الحكم الديني الأصلي فمن كانت عنده الضرورة أو الحاجة الشديدة الزائدة على مفسدة امتثال الأمر المذكور فهو كشأننا كلنا في قبول مبدأ فانجاسيلا لأجل الضرورة وعدم القوة في أنفسنا. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "(إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)".وقال تعالى: من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان  الآية(1). فإن المسلمين الإندونيسيين إذا أهملوا أمر الولاية والسياسة في هذه البلاد ولم يتدخلوا في شئونهما لحصلت المفاسد والفتن الدينية والدنيوية باستيلاء أهل الكفر والفساد وسعيهم في الأرض فسادا.

ولو أن أهل الحزب أو أصحاب الوظائف الحكومية لم يتصرفوا التصرفات الصحيحة العادلة في أموال الدولة لاغتصبتها وانتهبتها أيدي الخائنين والفاسقين. قال تعالى في قصة سيدنا يوسف عليه السلام:  فلما كلمه  أي كلم الملك يوسف  قال  أي الملك (إنك اليوم لدينا  مكين  أي ذو منزلة رفيعة  أمين  أي ذو أمانة على كل شيء فما ترى أيها الصديق  قال  أرى أن تزرع في هذه السنين المخصبة زرعا كثيرا وتبني الخزائن وتجمع فيها الطعام فإذا جاءت السنون المجدبة بعنا الغلاة فيحصل بهذا الطريق مال عظيم. فقال الملك: ومن لي بهذا الشغل. فقال يوسف:  اجعلني على خزائن الأرض  أي ولني أمر خزائن أرض مصر  إني حفيظ  لما وليتني ولجميع مصالح الناس  عليم  (2)بوجوه التصرف في الأموال وبجميع السن الغرباء الذين يأتونني. وفي هذا دليل على جواز طلب الولاية إذا كان الطالب ممن يقدر على إقامة العدل وإن الطلب من يد الكافر. إهـ. كلام الشيخ محمد نووي في تفسيره المنير.
ومن لم تكن عنده الضرورة فلا عذر ولا مندوحة ولا سبيل له في ترك المناصرة لجماعة
المسلمين سياسيا واجتماعيا وتعليميا واقتصاديا وغيرها.
وقد كثر الآن التعلل والاحتجاج بأن حزب الاتحاد لا يهتم بشأن الشعب والضعفاء الاقتصادي. قلنا: إن أهم الشئون الاجتماعية الآن وقبل الآن إنما هو شئون التعليم والتربية والعبادة لله سبحانه وتعالى. قال تعالى:  وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون  (1). أي ليعرفوني ويوحدوني ويمجدوني ويقدسوني لا يشركون بي شيئا. وقال تعالى:  لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد  (2).
قال الشيخ محمد نووي في تفسيره المنير:  لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد  أي لا تنظر إلى ما عليه الكفرة من السعة ووفور الحظ ولا تغتر بظاهر ما ترى منهم من التبسط في المكاسب والمتاجر والمزارع  متاع قليل  أي ذلك الذي ترى من الخير منفعة يسيرة في الدنيا لا قدر لها في مقابلة ما أعد الله للمؤمنين من الثواب. قال صلى الله عليه وسلم: "(ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع)". [رواه مسلم].  ثم مأواهم  أي مصيرهم  جهنم وبئس المهاد  أي بئس ما مهدوا لأنفسهم جهنم.إهـ.
وقد قام حزب الاتحاد بهذه الوظيفة خير قيام وأفضل اهتمام بالنسبة لغيره من الأحزاب. وأما شأن الاقتصاد أو حرية الفكر ورفع الصوت فليس عند أهل حزب الاتحاد مال فائض يجودون به على البؤساء ولا ولاية أو سلطنة كما هو معلوم وهذه المنقصة أتت من قبل تقصير المسلمين في أمر السياسة والانتخاب لما هو المهتم بأوامر الشارع وقد تأتي من قبل ضعف أهـل الحزب أنفسهم الذي يقتضي منا أن ننبههم
ونرشدهم إلى واجبهم لا أن ننبذهم ونخذلهم.
(ولعل قائلا يقول): إن أهل الديوان أو النواب من حزب الاتحاد يرحلون مع إخوانهم في السياسة أهل الحزبين الآخرين إلى خارج البلاد ويتمتعون ويتنزهون. (فنقول): إن هذا أيضا من البلاء والإكراه الحاصل من أصحاب السلطة بعللهم وحججهم المعروفة ولو أن أهل حزب الاتحاد لم يسافروا مع أصحابهم في السيامة لما كان هناك صلاة الخمس ولا صيام رمضان إلا عند أفراد تعد بالأصابع ولما هناك حياء ولا استحياء من ارتكاب المحظورات وفعل المنكرات ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(ولعل قائلا آخر يقول): إن رؤساء حزب الاتحاد لا يحترمون العلماء ولا يكرمون أهل السنة والجماعة. (نقول): إن هذا الواقع المرير قد مضى عهده عند ما أدخلت الأيدي العادية المفسدة في رياسة الحزب أحد الفتانين المخذولين المفرقين لجمعية نهضة العلماء في أمر سياستها فصارت الجمعية الآن تعود إلى حالتها قبل الاستقلال وصارت غريبة في قعر ديارها وكأن أصحاب السلطة الآن عندها لا يزالون هولا نديين كافرين مستعمرين وصار رؤساء الجمعية وأعضاؤها متشتتين متفرقين متنقلين بين دار إلى دار وبين شجر إلى بقر ولا حول ولا قوة إلى بالله العلي العظيم.
فيجب علينا وعليهم التيقظ والانتباه عن رقدة الغفلة وفتنة التفرق ونمشي جميعا إلى كلمة الحق العدل لا إله إلا الله محمد رسول الله ولنترك مصلحة الطائفة لأجل تحقيق جمع الشمل وتوحيد الكلمة واتحاد الأمة وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.
والحاصل أن السياسة الموجودة المستقرة في بلادنا إندونيسيا ليست سياسة إسلامية لا أصلا ولا فرعا. وإيجاد السياسة الإسلامية يحتاج إلى اتحاد كلمة المسلمين على العمل بالقرآن وسنة سيد المرسلين. فإذا لم يتمكنوا من الوحدة الإسلامية في الأسس والمبادئ فلا أقل من اتحاد الأعمال والتصرفات الإسلامية وسط السياسة الغير الإسلامية رعاية لأخف الضررين.ولا زلنا نقول بمقتضى كلمتي الشهادة العليا أن الحق واحد وهو الإسلام الذي أنزله الله تعالى ورضي عنه دينا كاملا شاملا لجوانب العبادات والمعاملات المالية وسياسات الأمة.
فهنيئا لمن تمسك بهذه العقيدة وصرح بها أمام الدنيا وأهلها وولاتها وأمر بها في نفسه وأهله وشعبه. قال تعالى:  والعصر. إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر  (1). ولا نقول بكفر أهل السياسة الحالية من المسلمين المقرين بالشهادتين فإنهم إنما عملوا بالسياسات الضالة جهلا أو حبا في دوام السلطنة والكراسي المعاش أو تعصبا في سنن الأولين الجاهلين الجبابرة من الملوك المستعمرين لشعوبهم وهذا الأخير قريب من الكفر أو بل هو هو. قال أحد الصحابة الفاتحين لبلاد الفرس: إن الله ابتعثنا لتخرج الناس من عبادة الناس إلى عبادة الله الرحمن ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام والإيمان ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة.
ونحن نرى أن مبدأ فانجاسيلا والعصبية القومية الإندونيسية أخف مفسدة من المبادئ الاشتراكية والرأسمالية المستوردة من الشرق والغرب التي لا حاصل لها إلا الثروة الفائضة لطائفة مخصوصة من الشعب وغرق الآخرين في شقاء الفقر والمتربة المدقعة.
ومعلوم أن السياسة الإسلامية ليست ديموقراطية خالصة ولا طبقية جبروتيه محضة بل هي جامعة بين سلطانية النصوص المتواترة الواردة في القرآن والسنة المطهرة وبين شورى الحاكمين وعلماء الاجتهاد فيما لم يرد فيه نص مما ذكر.
فدفعا لفتنة التفرق وتزعزع الأمن وتشعب الأهواء من أبناء العصر الحديث الذي ينبهرون من الحضارة الغربية التي رفعت شعارات حذابة كذابة من المساواة والديموقراطية ونحوها نضطر إلى الوحدة القومية الإندونيسية مع رجاء الصحوة الإسلامية في أبناء الشعب الإندونيسي المسلم عن طريق عقائد وأعمال أهل السنة والجماعة المقررة في كتبهم السلفية المباركة رضي الله عن علمائهم وأوليائهم وألحقنا بهم في جنة الخلد آمين يا رب العالمين.
وهذا أوان الشروع في المقصود بعون الملك المعبود. فأقول متوسلا بسيد أهل الوجود من جنهم وإنسهم محمد المحمود صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما صلى لربهم الركع السجود:
قال الإمام النووي رضي الله عنه في تبويبه لصحيح مسلم:
 باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع
وترك قتالهم ما صلوا ونحو ذلك 
أخرج مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "(ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع قالوا أفلا نقاتلهم قال : لا، ما صلوا)".
قال الإمام النووي في شرحه: هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة بالأخبار بالمستقبل ووقع ذلك كما أخبر صلى الله عليه وسلم. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "(فمن عرف فقد برئ)" وفي الرواية التي بعدها "(فمن كره فقد برئ)". فأما رواية من روى (فمن كره فقد برئ) فظاهرة ومعناه من كره ذلك المنكر فقد برئ من إثمه وعقوبته وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه فليكرهه بقلبه وليبرأ. وأما من روى (فمن عرف فقد برئ) فمعناه –والله أعلم- فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت له طريق إلى البراءة من إثمه وعقوبته بأن يغيره بيديه أو بلسانه فإن عجز فليكرهه بقلبه. وقوله صلى الله عليه وسلم (ولكن من رضي وتابع) معناه ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت بل إنما يأثم بالرضى به أو بأن لا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه. وأما قوله: (أفلا نقاتلهم، قال: لا، ما صلوا) ففيه معنى ما سبق أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئا من قواعد الإسلام(1).
وأخرج البخاري عن زيد بن وهب قال : سمعت عبد الله قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "(إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها). قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟، قال: (أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم).
قال الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري: قوله: (إنكم سترون بعدي أثرة) وحاصلها الاختصاص بحظ دنيوي. قوله: (وأمورا تنكرونها) يعني من أمور الدنيا. قوله: (قالوا: فما تأمرنا) أي أن نفعل إذا وقع ذلك. قوله: (أدوا إليهم) أي إلى الأمراء (حقهم) أي الذي لهم المطالبة به وقبضه سواء كان يختص بهم أو يعم. ووقع في رواية الثوري: (تؤدون الحق الذي عليكم). أي بذل المال الواجب في الزكاة والنفس في الخروج إلى الجهاد عند التعيين ونحو ذلك. قوله: (وسلوا الله حقكم) في رواية الثوري: (وتسألون الله الذي لكم)، أي بأن يلهمهم أنصافكم أو يبدلكم خيرا منهم.
وفي حديث يزيد بن سلمة الجعفي عند الطبراني أنه قال: يا رسول الله إن كان علينا أمراء يأخذون بالحق الذي علينا ويمنعون الحق الذي لنا أنقاتلهم؟ ، قال : لا ،
عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم.
وفي حديث عمر في مسنده للإسماعيلي من طريق أبي مسلم الخولاني عن أبي عبيدة بن الجراح عن عمر رفعه قال: "(أتاني جبريل فقال: إن أمتك مفتتنة من بعدك، فقلت: من أين؟، قال: من قبل أمرائهم وقرائهم، يمنع الأمراء الناس الحقوق فيطلبون حقوقهم فيفتنون، ويتبع القراء هؤلاء الأمراء فيفتنون. قلت: فكيف يسلم من سلم منهم؟، قال: بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منهوه تركوه. إهـ.(1).
وأخرج البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليمان قال: كان الناس من يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟، قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟، قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟، قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟، قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟، قال: نلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟، قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.(2)
قلت: والآن لم توجد حكومة ولا إمامة إسلامية إلا في المملكة السعودية على ما فيها من أثرة واستبداد واستناد وتبعية في خططها وخطواتها السياسية والاقتصادية إلى الدول الكافرة وبقي لنا بحمد الله في بلاد إندونيسيا التي أسست أمور تعميرها وشؤون إصلاحها على زعم ولاتها على الإيمان بالواحد الأحد وتقواه حزب الشعب المسلم المسمى بحزب الاتحاد المتكون من مجموع الأحزاب السابقة التي كانت مؤسسة على الإسلام وأحكام الشريعة.
فدولتنا الإندونيسية وإن لم تكن دولة إسلامية لكنها تحترم الأديان الخمسة وأن أساءت وظلمت في عدم الاعتراف بأن الإسلام هو الدين الصحيح الحق وأن ما بعده ضلال وخسران مبين.
فمن الخسران المبين والإثم الكبير أن نضيع فرصة الاحترام الذي خطته الدولة وأن لا نختار الحزب الذي يلتزم برفع أصوات المسلمين إلى الحكومة السائدة ويتعاهد على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمام أولي الأمر وإن كان هنا وهناك لدى النواب المسلمين أنواع من الضعف العلمي والعملي والاضطهاد من قبل الظروف والمجتمع. فالله يغفر لنا ولهم الذنوب والسيئات ويوقظهم عن سكرة الغفلات واتباع الشهوات. آمين.
قال الإمام النووي في تبويبه لصحيح مسلم:
 باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد والخير
وبيان معنى لا هجرة بعد الفتح 
أخرج مسلم من حديث مجاشع بن مسعود السلمي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أبايعه على الهجرة، فقال: (إن الهجرة قد مضت لأهلها ولكن على الإسلام والجهاد والخير).
وفي لفظ آخر له عن عاصم عن أبي عثمان قال: أخبرني مجاشع بن مسعود السلمي قال: جئت بأخي أبي معبد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح، فقلت: يا رسول الله بايعه على الهجرة، قال: (قد مضت الهجرة بأهلها)، قلت: فبأي شيء تبايعه؟، قال: (على الإسلام والجهاد والخير). قال أبو عثمان: فلقيت أبا معبد فأخبرته بقول مجاشع فقال: صدق.
وفيه أيضا عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فتح مكة : (لا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا).
قال النووي رضي الله عنه في شرحه:
قوله: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أبايعه على الهجرة، فقال: إن الهجرة قد مضت لأهلها ولكن على الإسلام والجهاد والخير) معناه: أن الهجرة الممدوحة الفاضلة التي لأصحابها المزية الظاهرة إنما كانت قبل الفتح ولكن أبايعك على الإسلام والجهاد وسائر أفعال الخير وهو من باب ذكر العام بعد الخاص فإن الخير أعم من الجهاد ومعناه أبايعك على أن تفعل هذه الأمور. قوله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فتح مكة لا هجرة ولكن جهاد ونية) وفي الرواية الأخرى: لا هجرة بعد الفتح.
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة وتأولوا هذا الحديث تأويلين. (أحدهما):لا هجرة بعد الفتح من مكة لأنها صارت دار الإسلام فلا تتصور منها الهجرة. (والثاني): وهو الأصح، أن معناه أن الهجرة الفاضلة المهمة المطلوبة التي يمتاز بها أهلها امتيازا ظاهرا انقطعت بفتح مكة ومضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة لأن الإسلام قوي وعز بعد فتح مكة عزا ظاهرا بخلاف ما قبله. قوله صلى الله عليه وسلم: (ولكن جهاد ونية) معناه: تحصيل الخير بسبب الهجرة قد انقطع بفتح مكة ولكن حصلوا بالجهاد والنية الصالحة. وفي هذا الحث على نية الخير مطلقا وأنه يثاب على النية. قوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا استنفروا فانفروا) معناه: إذا طلبكم الإمام للخروج إلى الجهاد فاخرجوا وهذا دليل على أن الجهاد ليس فرض عين بل فرض كفاية إذا فعله من تحصل بهم الكفاية سقط الحرج عن الباقين وأن تركوه كلهم أثموا كلهم. قال أصحابنا: الجهاد اليوم فرض كفاية إلا أن ينزل الكفار ببلد المسلمين فيتعين عليهم الجهاد. فإن لم يكن في أهل ذلك البلد كفاية وجب على من يليهم تتميم الكفاية. وأما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فالأصح عند أصحابنا أنه كان أيضا فرض كفاية. والثاني أنه كان فرض عين واحتج القائلون بأنه كان فرض كفاية بأنه كان تغزو السرايا وفيها بعضهم دون بعض. إهـ.(1)
عن أبي سعيد الحذري رضي الله عنه أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الهجرة، فقال: ويحك إن شأنها شديد فهل لك من إبل تؤدي صدقتها؟، قال: نعم، قال: فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئا.
(قال: فاعمل من وراء البحار) أي القرى والمدن ، وكأنه قال: إذا كنت تؤدي فرض الله عليك في نفسك ومالك فلا تبالي أن تقيم في بيتك ولو كنت في أبعد مكان. (فإن الله لن يترك) أن ينقصك (من) ثواب (عملك شيئا) وهذا الحديث أخرجه أيضا في الهجرة والأدب والهبة. ومسلم في المغازي ، وأبو داود في الجهاد، والنسائي في البيعة والسير. إهـ. (عون الباري).
قال السيدي عبد الرحمن بن محمد حسين المشهور با علوي في كتابه بغية المسترشدين:
(صـ: 157، مسئلة ش). المكس والعشور المعروف من أقبح المنكرات بل من الكبائر إجماعا حتى يحكم بكفر من قال بحله وليس على المسلم في ماله شيء.
(صـ: 158، مسئلة ك). عين السلطان على بعض الرعية شيئا كل سنة من نحو دراهم يصرفها في المصالح إن أدوه عن طيب نفس لا خوفا وحياء من السلطان أو غيره جاز أخذه وإلا فهو أكل أموال الناس بالباطل لا يحل له التصرف فيه بوجه من الوجوه وإرادة صرفه في المصالح لا تصيره حلالا.
(صـ: 158، مسئلة ب ش). وقعت في يده أموال حرام ومظالم وأراد التوبة منها فطريقه أن يرد جميع ذلك على أربابه على الفور فإن لم يعرف مالكه ولم ييأس من معرفته وجب عليه أن يتعرفه ويجتهد في ذلك ويعرفه ندبا ويقصد رده عليه مهما وجده أو وارثه ولم يأثم بإمساكه إذا لم يجد قاضيا أمينا كما هو الغالب في هذه الأزمنة. إهـ. إذ القاضي غير الأمين من جملة ولاة الجور وإن أيس من معرفة مالكه بأن يبعد عادة وجوده صار من جملة أموال بيت المال كوديعة ومغصوب أيس من معرفة أربابهما وتركة من لا يعرف له وارث وحينئذ يصرف الكل لمصالح المسلمين الأهم فالأهم كبناء مسجد حيث لم يكن أعم منه، فإن كان من هو تحت يده فقيرا أخذ قدر حاجته لنفسه وعياله الفقراء كما في التحفة وغيرها زاد ش: نعم، قال الغزالي: إن أنفق على نفسه ضيق أو الفقراء وسع أو عياله توسط حيث جاز الصرف للكل ولا يطعم غنيا إلا إن كان ببرية ولم يجد شيئا ولا يكتري منه مركوبا إلا إن خاف الانقطاع في سفره. إهـ. وذكر نحو هذا في ك ، وزاد ولمستحقه أخذه ممن هو تحت يده ظفرا ولغيره أخذه ليعطيه به للمستحق ويجب على من أخذ الحرم من نحو المساكين والظلمة التصريح بأنه إنما أخذه للرد على ملاكه لئلا يسوء اعتقاد الناس فيه خصوصا إن كان عالما أو قاضيا أو شاهدا.
( صـ: 247، مسئلة ك).تنعقد الإمامة إما بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم أو باستخلاف إمام قبله باستيلاء ذي الشوكة وإن اختلت فيه الشروط كلها فحينئذ من اجتمعت فيه الشروط التي ذكروها في الإمام الأعظم فهو إمام أعظم وإلا فهو متول بالشوكة فله حكم الإمام الأعظم في عدم انعزاله بالفسق.
(صـ: 249 ، مسئلة ش)، انهمك الحاكم في المعاصي وأكل الرشا فسق وانعزل ولا يكفر إلا إن استحل مجمعا على تحريمه معلوما من الدين بالضرورة فحينئذ ينفسخ نكاحه ويوقف على انقضاء العدة إن كانت. والقول بتكفير أهل الكبائر رأي الخوارج وكثير من الظاهرية وليس من شأن أهل السنة وأما قوله تعالى:  ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .(1) فمحمول على كفر النعمة أو المستحل وينبغي للمفتي أن يحتاط في التكفير ما أمكنه لأن الإيمان محقق فلا يرتفع إلا بيقين.
(صـ: 251، مسئلة ج)، ونحوه أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قطب الدين فمن قام به من أي المسلمين وجب على غيره إعانته ونصرته ولا يجوز لأحد التقاعد عن ذلك والتغافل عنه وإن علم أنه لا يفيد. وله أركان:
(الأول): المحتسب وشرطه الإسلام والتمييز ويشترط لوجوبه التكليف فيشمل الحر والعبد والغني والفقير والقوي والضعيف والدنيء والشريف والكبير والصغير ولم ينقل عن أحد أن الصغير لا ينكر على الكبير وأنه إساءة أدب معه بل ذلك عادة أهل الكتاب. نعم، شرط قوم كونه عدلا ورده آخرون وقص بعضهم بين أن يعلم قبول كلامه أو تكون الحسبة باليد فيلزمه وإلا فلا وهو الحق ولا يشترط إذن السلطان.
(الثاني): ما فيه الحسبة وهو كل منكر ولو صغيرة مشاهد في الحال الحاضر ظاهر للمحتسب بغير تجسس معلوم كونه منكرا عند فاعله فلا حسبة للآحاد في معصية انقضت، نعم، يجوز لمن علم بقرينة الحال أنه عازم على المعصية وعظه ولا يجوز التجسس إلا إن ظهرت المعصية كأصوات المزامير من وراء الحيطان ولا لشافعي على حنفي في شربه النبيذ ولا لحنفي على شافعي في أكل الضب مثلا.
(الثالث): المحتسب عليه ويكفي في ذلك كونه إنسانا ولو صبيا ومجنونا.
(الرابع): نفس الاحتساب وله درجات التعريف ثم الوعظ بالكلام اللطيف ثم السب والتعنيف ثم المنع بالقهر والأولان يعمان سائر المسلمين والأخيران مخصوصان بولاة الأمور. زاد (ج) وينبغي كون المرشد عالما ورعا حسن الخلق إذ بها تندفع المنكرات وتصير الحسبة من القربات وإلا لم يقبل منه بل ربما تكون الحسبة منكرة لمجاوزة حد الشرع وليكن المحتسب صالح النية قاصدا بذلك إعلاء كلمة الله تعالى وليوطن نفسه على الصبر ويثق بالثواب من الله تعالى.
إذا علمت ذلك فنقول حكم أهل الحرف والصناع والسوقة في اختلاطهم الرجال بالنساء مع حرفهم وفي الأسواق والطرق مع كشق الوجوه وبعض الأبدان من النساء من المنكرات المألوفة في العادة على المعتمد عند النووي وغيره فحينئذ يجب على الوالي أو منصوبه إنكارها بحسب المراتب المتقدمة فيعرف أولا بأن ذلك حرام لا يجوز فعله بكلام لطيف إن أجدى ثم بالسب والتعنيف نحو يا جاهل يا فاسق وليتوعده بالعقوبة ثم يعاقبه بالضرب ولا يبلغ به حدا فلا يبلغ الحر أربعين سوطا والأولى عشرة وإن أراد التعزيز بالحبس وذلك حيث كانت المعاقبة لترك واجب كترك التعلم يحبس حتى يتعلم وإلا فلا يزيد على ستة أشهر والأوسط شهر والأقل ثلاثة أيام ويجتهد ما بين ذلك حسب المنكر ويعاقب كلا بما يليق به فيكفي التهديد لذوي الهيئة ويغتفر له المرة والمرتان لحديث أقيلوا ذوي الهيئات إلخ. والمراد بهم في هذا الزمان من غلبت طاعته سيئاته فإن لم يجد عزر في مكان لائق به بحيث لا يعير به فإن أصر عزر بالإشهار. وأما غير ذوي الهيئة فيعزر بالضرب غير المبرح أو الحبس والأول أولى بجنس المنهيات والثاني لترك المأمورات ويقطع مادة ذلك أن يأمر الوالي النساء بستر جميع بدنهن ولا يكلفنا المنع من الخروج إذ يؤدى إلى إصرار ويغرم على الرجال بترك الاختلاط بهن لا سيما في الخلوة وعلى الوالي وجوبا حمل الناس على إقامة الجمعة والجماعة في المكتوبات إذ هما من أعظم شعائر الدين ولا يأثم من تخلف عن الجماعة إن قام الشعار بغيره إلا من حيث مخالفة أمر الوالي فيعاقب بحسب ما يقتضيه حاله وعليه أيضا حمل أهل الحرف ونحوهم على تعلم ما لا بد من فروض الصلاة إذ أكثرهم لا يحسنونها ولا يعرفون ما تصح به وما لا ويلزمهم بذلك بأجرة منهم لمن يعلمهم إن لم يوجد متبرع إذ هي أهم أركان الإسلام ولا فرق بين من يصلي ولا يحسن ومن يتركها ولا يكلفون حضور مجالس الذكر والتذكير إذا عرفوا الواجب من كل مأمور به أو منهي عنه من أركان الإسلام وغيرها فكم من واجب تاركيه وحرام مرتكبيه كالسرقة والربا الذي فشا وتسلط به المعاملون على الضعفاء والمساكين وهل أقبح من هذا الذنب وأشد منه وكالتحاكم إلى الطاغوت في الأمور التي تنوبهم وتعرض لهم من غير إنكار ولا حياء من الله تعالى ولا من عباده وهذا أمر معلوم ولا يقدر أحد على إنكاره ولا شك أن هذا كفر بالله تعالى وبشريعته وكقطع بعض الورثة عن إرثه وأكل الأوقاف ووضعها في غير موضعها فيجب على الوالي خاصة وكل قادر عامة منابذتهم حتى يرجع إلى حكم الله تعالى ومعلوم أن من جرد نفسه لجهاد هؤلاء واستعان بالله وأخلص له النية فهو منصور وله العاقبة كما في غير آية من الكتاب العزيز فإن ترك من هو قادر على ذلك جهادهم تعرض لنزول العقوبة به وبهم كما هو مشاهد من تسلط الكفر على أهل الإسلام وتسلط الظلمة بسبب عدم التناهي بينهم وعلى الوالي أيضا تفقد العامة وكل من لا يستغل بالعلم حكمه حكم العامة في دينه بل هو واحد منهم وإن كان له نسب شريف وبيت رفيع وربما يظن هذا بنفسه أنه داخل في الخاصة متعلق بشيء من الولايات وهو يخبط خبط عشواء ويظلم العباد والبلاد جهلا أو تجاهلا وجزاؤه على الله تعالى فالواجب على الوالي افتقاد هؤلاء والبحث عن مباشرتهم وكيفية معاملتهم ومن يتولون عليه بل لو كان المتولي على ذلك من أهل العلم فلا بد من تفقده والنظر فيما هو مسئول عليه إذ ليس معصوما لا سيما إذا خالفه غيره من أهل العلم فالحق مع أحدهما فليرجع إلى سؤال العلماء الظاهرين بالولاية الشائع عنهم ترك الدنيا.
(صـ: 104، مسئلة ب)، ما يعطيه التجار بعض الولاة وأعوانهم الظلمة بنية الزكاة لا يحل ولا يجزيهم عنها بل هي باقية بعين أموالهم لأن من لا يقدر أن يستولي على أخيه ويرد ضرره ويمنعه من ظلمه بل لا يقدر على مملوكه فضلا عن غيرهما كيف يوصف بكونه ذا شوكة فضلا عن الإمامة مع أن كل واحد من أولئك وعبيدهم وأعوانهم مستقل بنفسه وبظلمه لمن قدر عليه غالبا أفيجوز دفع حق الفقراء والمساكين والمصالح لمثل هؤلاء؟.
(مسئلة ب ج ك) يجوز دفع الزكاة للسلطان وإن كان جائرا أو يصرفها في غير مصارفها إذا أخذها بنية الزكاة وقد صحت ولايته وقويت شوكته وانعقدت إمامته باستخلاف أو بيعة أو تغلب لكن التفريق بنفسه أو بوكيله أولى ما لم يطلبها الإمام من أموال الظاهرة وهي النعم والعشرات والمعدن وإلا وجب الدفع إليه فضلا عن الجواز وإن صرح بصرفها في الفسق وأما الذي يلزمه التجار كل سنة من الخرس فإن أعطوه إياه عن طيب نفس لا نحو خوف جاز له أخذه وإلا فلا يملكه ولا التصرف فيه ولا تبرأ به ذمتهم عن الزكاة وإن نووها به.
(صـ: 91، مسئلة ك)، يجب امتثال أمر الإمام في كل ما له فيه ولاية كدفع زكاة المال الظاهر فإن لم تكن له فيه ولاية وهو من الحقوق الواجبة أو المندوبة جاز الدفع إليه والاستقلال بصرفه في مصارفه وإن كان المأمور به مباحا أو مكروها أو حراما لم يجب امتثال أمره فيه كما قاله م ر وتردد فيه في التحفة ثم مال إلى الوجوب في كل ما أمر به الإمام ولو محرما لكن ظاهرا فقط وما عداه إن كان فيه مصلحة عامة وجب ظاهرا وباطنا وإلا فظاهرا فقط أيضا والعبرة في المندوب والمباح بعقيدة المأمور ومعنى قولهم ظاهرا أنه لا يأثم بعد الامتثال ومعنى باطنا أنه يأثم.
(صـ: 254، مسئلة ش)، لا يجب قتال الكفار حيث لم يتعين بدخول بلد الإسلام إلا بشرط أن لا يكون له عذر وأن يحضر الصف وأن لا يزيد العدو على الضعف زيادة مؤثرة كمائة شجاع بضعفها وواحد بخلافها بضد الشجعان فلا أثر لزيادة الواحد والاثنين من العدو حينئذ ومن العذر فقد آلات الحرب فلا يلزمه الثبات في الصف فضلا عن غيره ويعتبر في الآلة بحيث تحصل بها مقاومة العدو عرفا فلا أثر للحجر مع من يرمي بالبندق ويجوز الهرب قبل التصاف مطلقا فلو فرض قهر الكفار لمن لا يملك من أمره شيئا فمعذور فإن أمكنه الدفع حرم الاستسلام إلا إن توقع من الأسر السلامة ولو بالفداء ولم يخف نحو زنا به فهو أولى من القتال بلا فائدة وأولى منه الهرب وإن فرض أن معه سلاحا.
(صـ: 254، مسئلة ك)، إقامة المسلمين بدار الكفر على أربعة أقسام: (إما لازمة) بأن قدروا على الامتناع من الكفر والإعتزال عنهم ولم يرجوا نصرة المسلمين لأن موضعهم دار إسلام فإذا هاجروا صارت دار حرب، (أو مندوبة) بأن أمكنهم إظهار دينهم ورجى ظهور الإسلام هناك، (أو مكروهة) بأن أمكنهم ولم يرجوا ذلك، (أو حرام) بأن لم يمكنهم إظهار دينهم فحينئذ إذا كان في إظهار الدين وأحكام المسلمين من حدود وغيرها هلاك البلاد وقتل المسلمين بسبب أنه يتعاطاه الوالي الكافر ولا يفوضه إلى حكم الإسلام حرمت الإقامة عندهم ووجبت الهجرة إلا لعاجز لا يقدر عليها فيعذر بل لو لم يأمن منهم في حاله وماله إلا بإعطائهم شيئا كل سنة كالجزية عكس القضية جاز الإعطاء للضرورة بل وجب إن خيف ضرر على المسلمين ومن ظلمه كافر بأخذ شيء منه قهرا جاز له أخذ قدر ظلامته من ماله على التفصيل في مسئلة الظفر.
(صـ: 255، مسئلة ك)، يجوز عقد الجزية مع اليهود والنصارى والمجوس ومن تمسك بدينهم قبل نسخه ومن أحد أبويه كتابي ومن زعم انه ممن تعقد له الجزية لا الوثني والفلسفي والمعطل ونحوهم فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف فلو عقدها الإمام لهم فعقد فاسد يلزم به كل سنة دينارا إذ هو أقلها على كل ذكر بالغ كعقد الجزية الفاسد بخلاف ما لو بطل كأن عقدها الآحاد فلا يلزم به شيء وحكم هؤلاء الكفار حكم المؤمنين لا يجوز التعرض لهم حتى يبلغوا المأمن وما أخذ منهم فله حكم الفيء فلمن أعطي منه شيئا قبوله إن كان ممن يستحق من الفيء وإلا فلا. ومذهب الحنفية تعقد لكل مشرك كالوثني بشرط كونه عجميا وقال مالك مطلقا إلا من قريش خاصة. فلا تعقد لهم فليقلدهما الإمام لكن يصرفها على مذهبهما.

 حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 
 وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفضيلته والمذمة في إهماله وإضاعته 
ويدل على ذلك بعد إجماع الأمة عليه وإشارات العقول السليمة إليه الآيات والأخبار والآثار: أما الآيات فقوله تعالى:  ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون .(1) ففي الآية بيان الإيجاب فإن قوله تعالى:  ولتكن  أمر ظاهر الأمر للإيجاب وفيها بيان أن الفلاح منوط به إذ حصر وقال:  وأولئك هم المفلحون  وفيها بيان أنه فرض كفاية لا فرض عين وأنه إذا قام به أمة سقط الفرض عن الآخرين إذ لم يقل: [ كونوا كلكم آمرين بالمعروف ] بل قال:  ولتكن منكم أمة  فإذا، مهما قام به أحد أو جماعة سقط الحرج عن الآخرين واختص الفلاح بالقائمين به المباشرين. وإن تقاعد عنه الخلق أجمعون عم الحرج كافة القادرين عليه لا محالة.
وقال:  ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين (1). فلم يشهد لهم بالصلاح بمجرد الإيمان بالله واليوم الآخر حتى أضاف إليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال تعالى:  والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة .قد نعت المؤمنين بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فالذي هجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج عن هؤلاء المؤمنين المنعوتين في هذه الآية. وقال تعالى:  لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون  (2). وهذا غاية التشديد إذ علل استحقاقهم اللعنة بتركهم النهي عن المنكر.
وأما الأخبار فمنها ما روي عن أبي بكر الصديق أنه قال في خطبة خطبها: " أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية وتؤولونها على خلاف تأويلها  يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم  (3).
وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "(ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم فلم يفعل إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده)"- إلى أن قال...- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لكم)". معناه تسقط مهابتهم من أعين الأشرار فلا يخافونهم. (إحياء علوم الدين. جـ: 2/صـ: 304-303).
 شروط الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر 
قال الإمام الغزالي في الإحياء:
(الركن الأول: المحتسب) وله شروط وهو أن يكون مكلفا ومسلما قادرا فيخرج منه المجنون والصبي والكافر والعاجز ويدخل فيه الفاسق والرقيق والمرأة. أما الشرط الأول وهو التكليف فلا يخفى وجه اشتراطه فإن غير المكلف لا يلزمه أمر. وما ذكرناه أردنا به شرط الوجوب فأما إمكان الفعل وجوازه فلا يستدعي إلا العقل حتى إن الصبي المراهق للبلوغ المميز وإن لم يكن مكلفا فله إنكار المنكر. (إحياء علوم الدين. جـ: 2/ صـ: 308)-إلى أن قال...- وربما استدلوا فيه بالنكير الوارد على من يأمر بما لا يفعله مثل قوله تعالى:  أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم  (1).
أما الكافر فممنوع لما فيه من السلطنة وعز الاحتكام، والكافر ذليل فلا يستحق أن ينال عز التحكم على المسلم.
وأما آحاد المسلمين فيستحقون العز بالدين والمعرفة وما فيه من عز السلطنة. والاحتكام لا يحوج إلى تفويض كعز التعليم والتعريف إذ لا خلاف في أن تعريف التحريم والإيجاب لمن هو جاهل ومقدم على المنكر بجهله لا يحتاج إلى إذن الوالي وفيه عز الإرشاد وعلى المعرف ذل التجهيل وذلك يكفي فيه مجرد الدين وكذلك النهي. (إحياء علوم الدين. جـ: 2/صـ: 311).
 تغيير المنكر فريضة 
وحديث القرآن والسنة عن السكوت على المنكر والوقوف موقف السلب من مقترفيه حكاما أو محكمين حديث يزلزل من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان.
يقول القرآن:  لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون  (1).
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)". [رواه مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري]. ومن الخطأ الظن بأن المنكر ينحصر في الزنى وشرب الخمر وما في معناهما. إن الاستهانة بكرامة الشعب منكر أي منكر وتزوير الانتخابات منكر أي منكر والقعود عن الإدلاء بالشهادة في الانتخابات منكر أي منكر لأنه كتمان للشهادة وتسويد الأمر إلى غير أهله منكر أي منكر وسرقة المال العام منكر أي منكر واحتكار السلع التي يحتاج إليها الناس لصالح فرد أو فئة منكر أي منكر واعتقال الناس بغير جريمة حكم بها القضاء العادل منكر أي منكر وتعذيب الناس داخل السجون والمعتقلات منكر أي منكر ودفع الرشوة وقبولها والتوسط فيها منكر أي منكر وتملق الحكام بالباطل وإحراق البخور بين أيديهم منكر أي منكر وموالاة أعداء الله وأعداء الأمة من دون المؤمنين منكر أي منكر وهكذا نجد دائرة المنكرات تتسع وتتسع لتشمل كثيرا مما يعده الناس في صلب السياسة.
فهل يسع المسلم الشحيح بدينه الحريص على مرضاة ربه أن يقف صامتا؟، ينسحب من الميدان هاربا أمام هذه المنكرات وغيرها خوفا أو طمعا أو إيثارا للسلامة؟.
إن مثل هذه الروح إذا شاعت في الأمة فقد انتهت رسالته وحكم عليها بالفناء لأنها غدت أمة أخرى غير الأمة التي وصفها الله بقوله:  كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله  (1).
ولا عجب أن نسمع هذا النذير النبوي للأمة في هذا الموقف إذ يقول : (إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم فقد تودع منهم) أي فقدوا أهلية الحياة.
إن المسلم مطالب بمقتضى إيمانه ألا يقف موقف المتفرج من المنكر أيا كان نوعه سياسيا كان أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا بل عليه أن يقاومه ويعمل على تغييره باليد إن استطاع وإلا فباللسان. والبيان فإن عجز عن التغيير باللسان انتقل إلى آخر المراحل وأدناها وهي التغيير بالقلب وهي التي جعلها الحديث أضعف الإيمان.
وإنما سماه الرسول تغييرا بالقلب لأنه تعبئة نفسية وشعورية ضد المنكر وأهله وحماته وهذه التعبئة ليست أمرا سلبيا محضا كما يتوهم ولو كانت كذلك ما سماها الحديث تغييرا.
وهذه التعبئة المثمرة للأنفس والمشاعر والضمائر لا بد لها أن تتنفس يوما ما في عمل إيجابي قد يكون ثورة عامة أو انفجارا لا يبقى ولا يذر فإن توالي الضغط لا بد أن يولد الانفجار. سنة الله في خلقه وإذا كان هذا الحديث سمى هذا الموقف تغييرا باللب فإن حديثا نبويا آخر سماه جهاد القلب وهي آخر درجات كما أنها آخر درجات الإيمان وأضعفها. فقد روى مسلم عن ابن مسعود –مرفوعا-: "( ما من نبي بعثه الله تعالى في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)".
 بين الفرد والجماعة 
وقد يعجز الفرد وحده عن مقارنة المنكر وخصوصا إذا انتشر شراره واشتد أواره وقوي فاعله أو كان المنكر من قبل الأمراء الذين يفترض فيهم أن يكونوا هم أول المحاربين له لا أصحابه وحراسه وهنا يكون الأمر كما قال المثل: "حاميها حراميها" أو كما قال الشاعر:
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها * فكيف إذا الرعاة لها ذئاب ؟
وهنا يكون التعاون على تغيير المنكر واجبا لا ريب فيها، لأنه تعاون على البر والتقوى، ويكون العمل الجماعي عن طريق الجمعيات أو الأحزاب، وغيرها من القنوات المتاحة، فريضة أوجبها الدين، كما أنه ضرورة يحتمها الواقع.
 بين الحق والواجب 
إن ما يعتبر في الفلاسفات والأنظمة المعاصرة (حقا) للإنسان في التعبير والنقد والمعارضة يرقى به الإسلام ليجعله فريضة مقدسة يبوء بالإثم، ويستحق عقاب الله إذا فرط فيها.
وفرق كبير بين الحق الذي يدخل في دائرة الإباحة، أو التخيير الذي يكون الإنسان في حل من تركه إن شاء، وبين الواجب أو الفرض الذي لا خيار للمكلف في تركه أو إغفاله بغير عذر يقلبه الشرع.
ومما يجعل المسلم سياسيا دائما: أنه مطالب بمقتضى إيمانه ألا يعيش لنفسه وحدها دون اهتمام بمشكلات الآخرين وهمومهم، وخصوصا المؤمنين منهم، بحكم أخوة الإيمان:  إنما المؤمنون اخوة  (1).
وفي الحديث: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن لم يصبح ناصحا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فليس منهم، وأيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع، فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله.
والقرآن كما يفرض على المسلم أن يطعم المسكين، يفرض عليه أن يحض الآخرين على إطعامه، ولا يكون كأهل الجاهلية الذين ذمهم القرآن بقوله:  كلا بل لا تكرمون اليتيم. ولا تحاضون على طعام المسكين  (2). ويجعل القرآن التفريط في هذا الأمر من دلائل التكذيب بالدين.  أرأيت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين  (3).
ويقرنه القرآن الكريم مع الكفر بالله تعالى في استحقاق العذاب الأليم في الآخرة:  إنه كان لا يؤمن بالله العظيم. ولا يحض على طعام المسكين  (4).
وهذا في المجتمعات الرأسمالية والإقطاعية والمضيعة لحقوق المساكين والضعفاء تحريض على الثورة وحض على الوقوف مع الفقراء في مواجهة الأغنياء.
وكما أن المسلم مطالب بمقاومة الظلم الاجتماعي، فهو مطالب أيضا بمحاربة الظلم السياسي، وكل ظلم أيا كان اسمه ونوعه.
والسكوت عن الظلم والتهاون فيه يوجبان العذاب على الأمة كلها: الظالم والساكت عنه كما قال تعالى:  واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة  (1).
وقد ذم القرآن الأقوام الذين أطاعوا الجبابرة الطغاة وساروا في ركابهم كقوله عن قوم نوح:  واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا  (2). وعن قوم هود :  واتبعوا أمر كل جبار عنيد  (3). وعن قوم فرعون:  فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين  (4). بل جعل القرآن مجرد الركون والميل النفسي إلى الظالمين موجبا لعذاب الله:  ولا تركنوا الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياءهم لا تنصرون  (5).
ويحمل الإسلام كل مسلم مسؤولية سياسية: أن يعيش في دولة يقودها إمام مسلم يحكم بكتاب الله ويبايعه الناس على ذلك، وإلا التحق بأهل الجاهلية، وفي الحديث الصحيح: "(من مات وليس في عنقه بيعة لإمام مات ميتة جاهلية)".
 الصلاة والسياسة 
ثم إن المسلم قد يكون في قلب الصلاة، ومع هذا يخوض في بحر السياسة، حين يتلوا من كتاب الله الكريم آيات تتعلق بأمور، تدخل في صلب ما يسميه الناس "سياسة".
فمن يقرأ في سورة المائدة الآيات التي تأمر بالحكم بما أنزل الله. وتدمغ من لم يحكم بما أنزل الله سبحانه بالكفر والظلم والفسوق:  ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون  .[المائدة:44]  ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون .[المائدة: 45].  ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون .[المائدة: 47]، يكون قد دخل في السياسة وربما اعتبر من المعارضة المتطرفة، لأنه بتلاوة هذه الآيات يوجه الاهتمام إلى النظم الحاكم، ويحرض عليه، لأنه موصوف بالكفر أو الظلم أو الفسق أو بها كلها‍.
ومثل ذلك: من يقرأ الآيات التي تحذر من موالاة غير المؤمنين:  يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا . [النساء: 144].و  لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير. [آل عمران: 28]. و  يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة . [الممتحنة: 1]. و  يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر . [آل عمران: 118].
ومن قنت "قنوت النوازل" المقرر في الفقه وهو الدعاء الذي يدعوا به في الصلوات بعد الرفع من الــركعة الآخرة وخصوصا في الصلاة الجهرية وهو مشروع عند ما تنزل
بالمسلمين نازلة، كغزو عدو أو وقوع زلزال أو فيضان أو مجاعة عامة أو نحو ذلك.
 قيام حزب الاتحاد التعميري بهذه الوظيفة 
إن حزب الاتحاد التعميري هو الحزب الذي قيامه بموجب الاتفاق العام من أعيان رجال مسلمي إندونيسيا علمائهم وزعمائهم السياسيين أجمعوا على توحيد المسلمين أن يكونوا في كلمة واحدة وحزب واحد فقط بعد أن تفرقوا وتحزبوا في الأحزاب التي هي نهضة العلماء وحزب مسلمي إندونيسيا وحزب الشركة الإسلامية الإندونيسية وحزب التربية الإسلامية. وها هي أسماء زعماء تلك الأحزاب الإسلامية: كياهي مشكور، ومنترجا، وأنوار جكرو أميناطا، وكياهي رسلي خليل تحت إشراف صاحب الفضيلة كياهي دكتور حاج إدهم خالد. قرروا بالتحالف والمعاهدة إنشاء الحزب الوحيد لتوحيد الأمة الإسلامية الإندونيسية هو حزب الاتحاد التعميري الحزب الذي قام على أساس الإسلام له منهج هام للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحت لواء الكعبة. هذه المعاهدة الهامة وقعت في خامس شهر جانوري سنة ألف وتسعمائة وثلاث وسبعين.
ومنذ إعلان قيام هذا الحزب تحققت في إندونيسيا مظاهر اتحاد المسلمين ووحدتهم وخصوصا في الأمور السياسة فلولا أن كانت هناك أشياء عاقت عما كان عليه غرض هذه الأمة وهدفهم الوحيد لعز الإسلام والمسلمين لكاد أن يتحقق الأمل المنشود ولكن عوائق كبيرة حدثت من الداخل والخارج.
ما مضى يوم من الأيام إلا ويزداد الاختلاف والتفرق منهم ولم يصبروا في التكفل على ليلة واحدة بل يكون الأمر على خلاف ذلك ازداد الطين بكون رحال هذا الحزب في أول الأمر كثير منهم يباشرون ويعملون لإسقاطه في شتى الميادين وخرجوا عنه وانضموا إلى حزب آخر ثم أقاموا أحزابا كثيرا ليكون هذا الحزب انمحى عن إندونيسيا حتى لم يبق إلا اسما بدون أن يكون هناك مسمى –ولكن كيف يكون الأمر- ما زال هذا الحزب باقيا في بلدنا فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ممن ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم، واتبع الذين ظلموا ما أترفوا منه وكانوا مجرمين، وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وهم مصلحون.
 السياسة 
السياسة: فإن كانت جارية على مقتضى الدليل الشرعي فليس ببدعة، وإن خرجت عن ذلك فكيف يندب إليها وهو مسئلة النزاع، وأما ما قاله عز الدين فالكلام فيه على ما تقدم فأمثلة واجب منها من قبل ما لا يتم الواجب إلا به، كما قال فلا يشترط أن يكون معمولا به في السلف ولا أن يكون له أصل في الشريعة على الخصوص لأنه من باب المصالح المرسلة لا البدعة. (الاعتصام:جـ: 1/صـ: 197-198).
 أولو الأمر 
أولو الأمر: هم الذين وكل إليهم القيام بالشؤون العامة والمصالح المهمة فيدخل فيهم كل من ولى أمرا من أمور المسلمين من ملك ووزير ورئيس ومدير ومأمور وعمدة وقاض ونائب وضابط وجندي. وقد أوجب رسول الله على كل مسلم السمع لأوامر هؤلاء والمبادرة إلى تنفيذها سواء كانت محبوبة أو بغيضة إليه. (أدب النبوي صـ: 96).
الرعية أمانة في يد الراعي يجب عليه القيام بحفظها وحسن التعهد لها والعمل لمصلحتها فمن ولاه الله شأن الخلق من ملك أو أمير ورئيس ووزير ومدبر ومأمور –إلخ- يجب عليهم أن يخوطهم بنصحه يصلح لهم في حكمه فيكون لهم حكم يكون لنفسه يجب العدل معه والصدق فليكن معهم عادلا وفي معاملاتهم صادقا يجب لنفسه السلامة والعافية والعلم والثروة. (أدب النبوي صـ: 203).
أمر الأمراء ونهيهم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الأمة كما أنه حق لها، والأمة رئيس ومرؤوس فكما يجب على الأمراء أن يأمروا وينهوا الرعية كذلك يجب على الرعية ان تأمر وتنهى أمراءهم قياما بالواجب وأداء للحق وقد مر بك حديث مسلم (ومن جاهدهم بيده) وجهادهم: أن يزيل بيده ما فعلوه من المنكرات بأن يريق خمورهم ويكسر الآلة لهوهم إن فعلوا ذلك، ويبطل بيده ما أمروا به من معصية أو ظلم. (الوافي صـ: 273).
 شروط رئيس الدولة 
شرط الإمام كونه مسلما مكلفا حرا ذكرا قريشا مجتهدا ذا رأي وسمع وبصر. (منهاج الطالبين للنووي جـ: 4/ صـ: 174).
شرط الإمام كونه أهلا للقضاء بأن يكون مسلما حرا مكلفا عدلا مجتهدا ذا رأي وسمع وبصر ونطق لما يأتي في باب القضاء. (فتح الوهاب صـ: 154).
(قوله: وبصر) وضعف البصر المانع من معرفة الأشخاص مانع من الإمامة واستدامتها. (حاشية سليمان الجمل على شرح المنهاج جـ:5/ صـ: 119).
وأما ذهاب البصر فيمنع من عقد الإمامة واستدامتها وإذا طرأ بطلت به الإمامة لأنه لما أبطلت ولاية القضاء ومنع ظهر جواز الشهادة فأولى أن يمنع من صحة الإمامة. (الأحكام السلطانية صـ: 18).
تم كتابة وتصحيح هذه الرسالة في
25 محرم 1425 هـ الموافق لـ 17 مارس 2004 مـ













 

Related Posts by Categories



Tidak ada komentar:

Posting Komentar