مقدمة

إنّ الحمد لله تعالى نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وبعد :

Alhamdulillah, berkat Taufiq serta Hidayah-Nya, akhirnya blog sederhana ini dapat terselesaikan juga sesuai dengan rencana. Sholawat salam semoga selalu tercurah kepada Nabi Muhammad SAW beserta keluarga dan sahabat-sahabatnya.

Bermodal dengan keinginan niat baik untuk ikut serta mendokumentasikan karya ilmiah perjuangan Syaikhina Muhammad Najih Maemoen, maka sengaja saya suguhkan sebuah blog yang sangatlah sederhana dan amburadul ini, tapi Insya Allah semua ini tidak mengurangi isi, makna dan tujuhan saya.

Blog yang sekarang ini berada di depan anda, sengaja saya tampilkan sekilas khusus tentang beliau Syaikhina Muhammad Najih Maemoen, mengingat dari Ponpes Al Anwar Karangmangu Sarang sudah memiliki website tersendiri yang mengupas secara umum keberadaan keluarga besar pondok. Tiada lain tiada bukan semua ini sebagai rasa mahabbah kepada Sang Guru Syaikhina Muhammad Najih Maemoen.

Tidak lupa saya haturkan beribu terima kasih kepada guru saya Syaikhina Maemoen Zubair beserta keluarga, terkhusus kepada beliau Syaikhina Muhammad Najih Maemoen yang selama ini telah membimbing dan mengasuh saya. Dan juga kepada Mas Fiqri Brebes, Pak Tarwan, Kak Nu'man, Kang Sholehan serta segenap rekan yang tidak bisa saya sebut namanya bersedia ikut memotifasi awal hingga akhir terselesainya blog ini.

Akhirnya harapan saya, semoga blog sederhana ini dapat bermanfa’at dan menjadi Amal yang di terima. Amin.

Minggu, 30 Mei 2010

عقود اللجين وتمييزها في الصحاح والضعاف والموضوعات

الحمد لله الذي وفق من شاء لنشر دينه وإحياء سنة نبيه وأشهد أن لا إله إلا الله المعين من سعى في إحياء شريعته وأمده بفضله وأشهد أن محمدا رسول الله القائل: "من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة"، صلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم أما بعد:
فإن خير ما يدعو إليه المسلم هو نشر الدين الإسلامي الذي جاء به رسول الإنسانية وصفوة الخلائق سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه مبعوثا به إلينا من الله جل شأنه دينا نقيا من شوائب الخرفات والبدع الأهواء دينا قويا في بنيانه، راسخة أركانه، ثابتة دعائمه، صالحة تعاليمه للبشرية جمعاء في كل زمان ومكان فهو دين الإنسانية التي لا خلاص لها مما هي فيه إلا بأن تتسك بحبله. وحيث أن الدين الإسلامي هو القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة التي أوضحها الرسول الأعظم مبينا للناس ما نزل إليهم من ربهم كان لحديثه صلوات الله وسلامه عليه المقام الرفيع المنزلة السامية في قلوب المسلمين في شتى أقطارهم وأمصارهم يحصون عليه تعليماته وحركاته وسكناته وتقريراته كما أن دينه نشخ كل دين قبله فهو دين الإنسانية حقا من تمسك به نجى ومن حاد عنه ضل وغوى.
ولذلك أمرنا مرشدنا في العلم والعمل محب السنة النبوية وخادمها شيخنا محمد نجيح ميمون حفظه الله ونفعنا بعلومه أن نعمل تخريج أحاديث عقود اللجين وتمييزها في الصحاح والضعاف والموضوعات، فقمنا بعناية الله وتوفيقه مع عدد من طلبة زاوية دار الصحيحين من معهد الأنوار بشيء من التخريج لأحاديث ذلك الكتاب خدمة لسنة الرسول  فإنه من الكتب ا لمتداولة المقروءة في عامة المعاهد الإسلامية السلفية وبعض المدارس والمصليات في بلادنا. وقد اشتمل على كثير من الأحاديث المتعلقة بأمور الزوجين كما ذكر ذلك الشيخ محمد عمر نووي البنتني من الحقوق الواجبات وأحكام النساء من المحرمات التي قد اشتهرت في بلادنا الآن كامعاشرة والاختلاط بين الرجال والنساء والمجالس شابهم وعجوزهم وخروج النساء بغير إذن أزواجهن مع عدم الحياء بزينتهن ويظهرن مفاتنهن ويكشفن خمرهن وأرجلهن في بعض الطرق والأسواق مما يدعو إلى الفتنة. وقد نص تعالى ذلك التحريم في محكم كتابه:  قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهن ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما تصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها…الآية . وقال رسول الله : النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه. رواه الطبراني. وقال : أيما امرأة خرجت من دارها بغير إذن زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع. رواه الخطيب.
ولذلك لا يجوز تولية المرأة الإمامة لقوله : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. رواه البخاري. فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات ولا يحل لقوم توليتها لأن تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجب كما عبر به صاحب نيل الأوطار. وأما عدد أحاديث عقود اللجين التي لها أصل: 67 وعدد أحاديثها الموضوعة التي لم نجد لها أصلا: 35.
وقد علمنا ودربنا على فن تخريج الأحاديث النبوية شيخنا المحدث محمد نجيح ميمون فجزاه الله عنا وعن تلاميذه أكرم الجزاء وأعظمه في الدارين آمين.
نسأل الله تعالى أن ينفع بهذا التخريج القائمين به والقارئين لكتاب عقود اللجين وسائر الأمة الإسلامية نفعا عاما عاجلا وآجلا بشفاعة رسول الله  وكرامته عند ربه. آمين.

 قال الفقير  إلى رحمة رب الغفار محمد المعترف بالأوزار بصره الله عيوب نفسه وجعل يومه خيرا من أمسه. الحمد لله كما ينبغي له والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه عدد كل معلوم لك.
 أما بعد  فهذا شرح طلبه مني بعض المحبين على الرسالة المتعلقة بأمور الزوجين التي صنفها بعض الناصحين، وسميتها  عقود اللجين في بيان حقوق الزوجين  وأرجو من الله تعالى الإعانة والإخلاص والقبول والنفع به بجاه سيدنا محمد وأزواجه وذريته وحزبه وأهديت ذلك للوالدين راجيا من الله تعالى غفران ذنوبهما وارتفاع درجاتهما أنه تعالى واسع المغفرة وأرحم الراحمين.
قال المصنف شكر الله سعيه  بسم الله الرحمن الرحيم  اعلم: أن البسملة كثيرة البركة من ذكرها حصل له المأمول ومن واظب عليها حظى بالقبول، قيل: أن الكتب المنزلة من السماء إلى الأرض مائة وأربعة، صحف شيث ستون، وصحف إبراهيم ثلاثون، وصحف موسى قبل التوراة عشرة، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان. ومعاني كل الكتب مجموعة في القرآن ومعاني القرآن مجموعة في الفاتحة ومعاني الفاتحة مجموعة في البسملة ومعاني البسملة مجموعة في بائها.
وكان بعض العلماء الصالحين أصابه مرض شديد أعجز الأطباء فتفكر في بعض الأحيان تلك العبارة فواظب على البسملة من غير عدد محصور فشفاه الله تعالى ببركتها.
وحكي أن امرأة كان لها زوج منافق وكانت تقول على كل شيء من قول أو فعل بسم الله فقال زوجها: لأفعلن ما أخجلها به، فدع إليها صرة، وقال: احفظيها، فوضعتها في محل وغطتها فغافلها وأخذ الصرة ورماها في بئر في داره ثم طلبها منها فجاءت إلى محلها وقالت: بسم الله الرحمن الرحيم فأمر الله تعالى جبريل عليه السلام أن ينزل سريعا ويعيد الصرة إلى مكانها فوضعت يدها لتأخذها فوجدتها كما وضعت فأخذتها وناولتها إلى زوجها فتعجب من ذلك غاية التعجب وتاب إلى الله تعالى من نفاقه.
(الحمد لله حمدا نستفتح به الخيرات) أي نطلب بذلك الحمد الفتح للخيرات (والنصرة على تحصيل) الفاضلات (النفحات) أي نطلب بذلك الحمد الفتح للعطايا والنصرة على تحصيلها (والصلاة) أي رحمة الله المقرونة بالتعظيم للأنبياء. ومطلق الرحمة لغيرهم والدعاء بخير من العباد (والسلام) أي تحية الله العظمى وهو تعظيم للأنبياء كما يحيّي أحدنا ضيفه. وطلب العباد لذلك (على سيدنا محمد سيد البريات) أي رئيس المخلوقات (وعلى آله) أي أتباعه على الإيمان ولو عصاة (وصحبه) وهم المجتمعون بنبينا محمد  مؤمنين ولو لحظة (الأئمة) أي المقتدى بهم في أمور الدين (الثقات) فيها.
 أما بعد: أي بعد البسملة والحمدلة والصلاة والسلام (فهذه) أي الحاضرة في الذهن (رسالة) أي كتاب صغير جدا (مهمة) محزنة للقلوب (رتبتها) أي هذه مقسومة (على أربعة فصول) أي إفراز (وخاتمة) وهي ما تذكر لإفادة ما يتعلق بالمقصود وكأن ذلك التعلق تعلق اللاحق بالسابق وهو التعلق من حيث التكميل وزيادة التوضيح.
( الفصل الأول في) بيان (حقوق الزوجة) الواجبة (على الزوج) وهي حسن العشرة ومؤنة الزوجة ومهرها والقسم وتعليمها ما تحتاج إليه من فروض العبادات وسننها ولو غير مؤكدة ومما يتعلق بالحيض ومن وجوب طاعته فيما ليس بمعصية.
( الفصل الثاني في) بيان (حقوق الزوج) الواجبة (على الزوجة) وهي طاعة الزوج في غير معصية وحسن المعاشرة وتسليم نفسها إليه وملازمة البيت وصيانة نفسها من أن توطئ فراشه غيره والاحتجاب عن رؤية أجنبي لشيء من بدنها ولو وجهها وكفيها، إذ النظر إليهما حرام ولو مع انتفاء الشهوة والفتنة وترك مطالبتها له بما فوق الحاجة ولو علمت قدرته عليه وتعففها عن تناول ما يكسبه من المال الحرام وعدم كذبها على حيضها وجودا وانقطاعا.
(الفصل الثالث في) بيان (فضل صلاة المرأة في بيتها وفي أنها) أي صلاة المرأة في بيتها (أفضل من صلاتها مع النبي ) قال : " أقرب ما تكون المرأة من وجه ربها إذا كانت في قعر بيتها وأن صلاتها في صحن دارها أفضل من صلاتها في المسجد، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في صحن دارها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها"(1). والمخدع بضم الميم بيت في بيت وذلك للستر.
(الفصل الرابع في) بيان (حرمة نظر الرجل إلى النساء الأجنبيات والعكس) أي نظرهن إليه فما يحرم رؤيته على الرجل يحرم رؤيته على المرأة منه. والمراهق في ذلك كالرجل فيلزم وليه منعه من النظر إلى الأجنبية ويلزمها الاحتجاب منه وكالمرأة في ذلك الأمرد الجميل الوجه. كذا في النهاية للشيخ محمد المصري. (و) في (ما وقع فيه) أي النظر (من الزجر) أي المنع من الكتاب والأحاديث ويحرم على الرجل ولو مجبوبا وخصيا وعنينا ومخنثا وهما نظره إلى أجنبية مشتهاة حتى إلى وجهها وكفيها ظهرا وبطنا وهو المفتى به لكن نقل عن الأكثرين حل النظر إلى ذلك.
أما نظر الرجل إلى زوجته وأمته في حال حياة كل منهما فجائز ولو مع وجود مانع من الاستمتاع قريب الزوال كحيض ورهن لكن يكره نظر الفرج حتى من نفسه بلا حاجة بخلاف المانع البطئ الزوال كأن اعتدت الزوجة عن شبهة فيحرم النظر إلى ما بين سرتها وركبتها دون غيره كالمحارم والأمة المزوجة. أما النظر لأجل النكاح فيجوز إلى الوجه والكفين فقط من الحرة وإلى ما عدا ما بين السرة والركبة من الأمة. ويجوز النظر إلى الأجنبية في الوجه فقط للشهادة والمعاملة وإلى الأمة عند شرائها فيما عدا العورة من ظاهر البدن ويجوز النظر إلى الأجنبية ومسها للمداواة في المواضع التي يحتاج إليها ولو فرجا بشرط حضور من يمنع الخلوة من محرم ونحوه وبشرط فقد جنس معالج ويجوز النظر إليها أيضا لتعليم الواجب فقط عليها كما قاله السبكي وغيره وذلك عند فقد من يعلمها من المحارم والنساء قياسا على المداواة وعند تعسر التعليم من وراء حجاب ولا يجوز النظر إليها لأجل تعليم المندوب بخلاف الأمرد فيجوز النظر إليه لأجله. كذا في شرح النهاية للشيخ محمد المصري على الغاية لأبي شجاع.


(في) بيان (حقوق الزوجة) الواجبة (على الزوج)
(قال الله تعالى) في سورة النساء:  وعاشروهن بالمعروف  أي بالعدل في المبيت والنفقة وبالإجمال في القول. (وقال) في سورة البقرة:  ولهن  على الأزواج  مثل الذي  لهم  عليهن  من الحقوق في الوجوب واستحقاق المطالبة عليها لا في الجنس  بالمعروف  أي بما يستحسن شرعا من حسن العشرة وترك الضرر منهم ومنهن. قال ابن عباس رضي الله عنهما: معنى ذلك إني أحب أن أتزين لامرأتي كما تحب أن تتزين لي لهذه الآية.  وللرجال عليهن درجة  أي فضيلة في الحق من وجوب طاعتهن لهم لما دفعوه إليهن من المهر ولإنفاقهم في مصالحهن.
(روي عن النبي  أنه قال في حجة الوداع) أي آخر حجه  وهو حجة الجمعة (بعد أن حمد الله) تعالى (وأثنى عليه ووعظ) الحاضرين (ألا) (2)أي تنبهوا يا قوم لما يلقى إليكم (واستوصوا بالنساء خيرا) الباء للتعدية أي اقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها وارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن فإن الوصية بهن آكد لضعفهن واحتياجهن إلى من يقوم بأمرهن. وفي نصب خيرا وجهان؛ أحدهما: أنه مفعول استوصوا لأن المعنى افعلوا بهن خيرا. والثاني: معناه اقبلوا وصيتي وائتوا خيرا فهو منصوب بفعل محذوف كقوله تعالى:  ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم  أي انتهوا عن ذلك وائتوا خيرا (فإنما هن عوان) أي أسيرات (عندكم) فعوان بالنون المكسورة جمع عانية وهي بصيغة منتهى الجموع، وإنما قيل للمرأة عانية لأنها محبوسة كالأسير عند الزوج وفي لفظ فإنهن عوار بالراء جمع عارية فإن الرجال أخذوهن بأمانة الله (ليس) أي الشأن (تملكون منهم شيئا غير ذلك) أي الخير (إلا أن يأتين بفاحشة) أي نشوز (مبينة) أي ظاهرة بأن ظهرت أماراته (فإن فعلن) بأن أظهرن النشوز (فاهجروهن في المضاجع) أي اعتزلوهن في الفراش واتركوا مضاجعتهن أي النوم معهن. وهذا الهجر لا غاية له لأنه لحاجة صلاحها فمتى لم تصلح فالهجر باق وإن بلغ سنين ومتى صلحت فلا هجر. وعند بعض العلماء غاية الهجر شهر (واضربوهن ضربا غير مبرح) وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين عضوا أي ضربا غير شديد وذلك إن لم يرجعن بالهجران (فإن أطعنكم) فيما يراد منهن (فلا تبغوا) أي لا تطلبوا (عليهن سبيلا) أي طريقا إلى ضربهن ظلما واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له (ألا) أي تنبهوا (إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليهن أن لا يوطئن فراشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) روى هذا الحديث الترمذي وابن ماجه.
(وقال : (3)حق المرأة على الزوج) أي من حقها عليه (أن يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه) أي عند نشوزها (ولا يقبح) بتشديد الموحدة مكسورة أي لا يسمعها مكروها ولا يقل قبحك الله (ولا يهجر) وفي رواية ولا يهجرها (إلا في المبيت) أي المضجع عند النشوز. أما الهجر في الكلام فإنه حرام إلا لعذر رواه الطبراني والحاكم عن معاوية بن حيدة بفتح المهملة. (وقال : (4)أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر ليس في نفسه) أي قلبه (أن يؤدي إليها حقها خدعها فمات ولم يؤد إليها حقها لقي الله يوم القيامة وهو زان) أي آثم (الحديث) أي اقرأ الحديث رواه الطبراني. (وقال : (5)إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا) بفعل الفضائل وترك الرذائل (وألطفهم) أي أرفقهم وأبرهم (بأهله) أي من نسائه وأولاده وأقاربه رواه الترمذي والحاكم عن عائشة. (وقال : (6)خيركم خيركم لأهله) أي حلائله وبنيه وأقاربه (وأنا خيركم لأهلي) رواه ابن حبان. وقال عليه السلام: خيركم خيركم لنسائه وأنا خيركم لنسائي.
(وروي عن النبي  أنه قال: (7)من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطى أيوب عليه السلام على بلائه) فالله ابتلاه بأربعة أمور فقد ماله وولده وتمزيق جسده وهجر جميع الناس له إلا زوجته فإنه كان له من أصناف المال إبل وبقر وغنم وفيلة وحمر وكان له خمسمائة فدان فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد ومال وكان معه ثلاثة نفر قد آمنوا به وكانوا كهولا وكان إبليس لا يحجب عن شيء من السموات فيقف فيهن حيثما أراد فسمع صلاة الملائكة على أيوب فحسده وقال: إلهي نظرت في عبدك أيوب فوجدته شاكرا حامدا ألا ولو ابتليته لرجع عن شكرك وطاعتك، فقال الله له: انطلق فقد سلطتك على ماله فانطلق وجمع عفاريت الشياطين والجن، وقال لهم: قد سلطت على مال أيوب، وقال لعفريت منها: ائت الإبل ورعاتها فاحرقها ثم جاء إبليس إلى أيوب فوجده قائما يصلي، فقال له: أحرقت النار إبلك ورعاتها فقال أيوب: الحمد لله هو أعطانيها وهو أخذها ثم فعل مثل ذلك بالغنم ورعاتها ثم جاء إلى أيوب وقال له: نسفت الريح زرعك فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إبليس: سلطني على ولده، فقال له: انطلق قد سلطتك على ولده، فذهب إلى ولده وزلزل بهم القصر وقلبه عليهم فماتوا جميعا ثم جاء أيوب وأخبره بموت ولده فاستغفر، ثم قال: سلطني على جسده، فقال: سلطتك على جسده غير قلبه ولسانه وعقله، فذهب إلى أيوب فوجده ساجدا فجاء من قبل وجهه ونفخ في منخريه نفخة اشتغل منها ووقع فيه حكة فحكها بأظفاره حتى سقطت كلها ثم حكها بالمسوح الخشنة ثم بالفخار والحجارة فلم يزل يحكها حتى تقطع جسده وأنتن فأخرجه أهل القرية وجعلوه على كناسة لهم وجعلوا له عريشا وهجره الناس كلهم إلا زوجته المسماة رحمة فكانت تخدمه بما يصلحه وتأتيه بالطعام وهجره الثلاثة الذين آمنوا ولم يتركوا دينهم.
وروي أن رجلا جاء إلى عمر  يشكو إليه خلق زوجته فوقف ببابه ينتظره فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها وهو ساكت لا يرد عليها فانصرف الرجل قائلا إذا كان هذا حال أمير المؤمنين فكيف حالي فخرج عمر فرآه مدبرا فناداه: ما حاجتك ؟، فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك خلق زوجتي واستطالتها علي فسمعت زوجتك كذلك فرجعت وقلت إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي، فقال له عمر: يا أخي إني احتملتها لحقوق لها على أنها طباخة لطعامي خبازة لخبزي غسالة لثيابي مرضعة لولدي وليس ذلك بواجب عليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي، قال عمر: فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة نسيرة (ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله من الأجر مثل ثواب آسية امرأة فرعون) وهي بنت مزاحم وذلك أن موسى عليه السلام لما غلب السحرة آمنت به آسية فلما تبين لفرعون إيمانها دق ليديها ورجليها أربعة أوتاد في الأرض وشبحها فيها كل عضو بحبل وجعلها في مقابلة الشمس فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة وأمر فرعون بصخرة عظيمة لتلقى عليها فلما أتوها بالصخرة قالت: رب ابن لي عندك بيتا في الجنة فأبصرت البيت من مرمرة بيضاء فانتزعت روحها فألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه ولم تجد ألما.
(قال سيدنا) أي أكرمنا (الحبيب) أي المحبوب السيد (عبد الله الحداد) صاحب الطريقة المشهورة والأسرار الكثيرة فاصطلاح بعض أهل البلاد أن ذرية رسول الله إذا كان ذكرا يقال له حبيب وإن كانت أنثى يقال لها حبابة واصطلاح الأكثر يقال له سيد وسيدة (الرجل الكامل) أي في دينه (هو الذي يسامح) أي يساهل (في حقوقه) كالزينة (ولا يسامح في حقوق الله تعالى) كالصلاة ووصل الشعر فذلك حرام (والرجل الناقص هو الذي يكون على العكس) بأن يتسع في حقوق الله تعالى ولا يتسع في حقوق نفسه.
حكاية كان لبعض الصالحين أخ صالح يزوره كل سنة مرة فجاء مرة لزيارته فدق بابه فقالت زوجته: من هذا، فقال: أخو زوجك في الله جاء لزيارته، فقالت: ذهب يحتطب لا رده الله وبالغت في سبه فبينما هو كذلك وإذا بأخيه قد حمل الأسد حزمة حطب وهو مقبل به ثم أنزل الحطب عن ظهر الأسد، وقال له: اذهب بارك الله فيك، ثم أدخل أخاه بعد التسليم عليه والترحيب به فأطعمه ثم ودعه وانصرف على غاية العجب من صبره عليها وعدم جوابه في سبها ثم جاء أخوه في العام الثاني فدق الباب فقالت امرأة: من هذا، قال: أخو زوجك جاء يزوره، قالت: مرحبا وبالغت في الثناء عليه وعلى زوجها وأمرته بانتظاره فجاء أخوه والحطب على ظهره فأدخله وأطعمه فلما أراد مفارقته سأله عما رأى من تلك وهذه ومن حمل الأسد حطبه فقال: يا أخي توفيت تلك الشرسة وكنت صابرا على شؤمها فسخر الله تعالى لي الأسد لصبري عليها ثم تزوجت هذه الصالحة وأنا في راحة معها فانقطع عني الأسد فاحتجب أن أحمل الحطب على ظهري لأجل راحتي مع هذه الصالحة.
 فائدة  يجوز للزوج أن يضرب زوجته على ترك الزينة وهو يريدها وترك الإجابة إلى الفراش وأن يضربها على الخروج من المنزل بغير إذنه وعلى ضربها الولد الذي لا يعقل عند بكائه أو على شتم أجنبي وعلى تمزيق ثياب الزوج وأخذ لحيته وقولها له: يا حمار يا بليد وإن شتمها قبل ذلك وعلى كشف وجهها لغير محرم أو تكلمها مع أجنبي أو تكلمها مع الزوج ليسمع الأجنبي صوتها أو إعطائها من بيته ما لم تجر العادة بإعطائه وعلى امتناعها من الوصل وفي ضربها على ترك الصلاة قولان أصحهما له ضربها على ذلك إذا لم تفعل بالأمر.
(واعلم أنه) أي الشأن (ينبغي) أي يطلب (للرجل أن يوصي امرأته) أي يأمرها ويذكرها ويستعطف بها. وفي الحديث: رحم الله رجلا قال يا أهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعل الله يجمعكم معهم في الجنة (وأن ينفق عليها على قدر وسعه) أي طاقته وقوته (وأن يستحمل عليها) إذا آذته بأن يصبر على إيذائها (ويتلطف بها) بأن يداريها بالمعروف فإنهن ناقصات عقل ودين وفي الحديث: لولا أن الله ستر المرأة بالحياء لكانت لا تساوي كفا من تراب (وأن يسلكها سبيل الخير) قال الرملي في عمدة الرابح: ليس له ضربها على ترك الصلاة أي بل يقتصر على الأمر كما قاله عطية (وأن يعلمها ما تحتاج إليه في الدين من أحكام الطهارة) كالغسل من الحيض والجنابة وكالوضوء والتيمم (والحيض) أي من كل ما يتعلق به فالذي لا بد من إرشاد النساء إليه في الحيض بيان الصلوات التي تقضيها فإنها مهما انقطع دمها قبيل المغرب بمقدار ركعة فعليها قضاء الظهر والعصر وإذا انقطع قبيل الصبح بمقدار ركعة فعليها قضاء المغرب والعشاء وهذا أقل ما يراعيه النساء. كذا في الإحياء. (والعبادات) أي فرضها وسننها من صلاة وزكاة وصوم وحج فإن كان الرجل قائما بتعليمها فليس لها الخروج لسؤال العلماء وإن قصر علم الرجل ولكن ناب عنها في السؤال فأخبرها بجواب المفتي فليس لها الخروج فإن لم يكن ذلك فلها الخروج للسؤال بل عليها ذلك ويعصي الرجل بمنعها ومهما تعلمت ما هو من الفرائض عليها فليس لها أن تخرج إلى مجلس علم إلا برضاه.
(قال الله تعالى) في سورة التحريم  يا أيها الذين آمنوا  أي أقروا بالإيمان  قوا أنفسكم وأهليكم  أي من النساء والأولاد وكل من يدخل في هذا الاسم نارا . (قال) ترجمان القرآن سيدنا عبد الله (ابن عباس) في معنى ذلك (فقهوهم) أي علموهم شرائع الإسلام (وأدبوهم) أي علموهم محاسن الأخلاق، وقيل: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من جهل أهل.
(وعن) سيدنا عبد الله (ابن عمر) رضي الله عنهما (عن النبي  أنه قال: (8)كلكم راع) أي حافظ مؤتمن ملتزم لصلاح ما ائتمن على حفظه فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه (ومسئول عن رعيته) في الآخرة فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر وإلا طالبه كل أحد منهم بحقه في الآخرة (فالإمام) الأعظم أو نائبه (راع) فهو ولي عليهم (و) هو (مسئول عن رعيته) هل راعى حقوقهم أو لا (والرجل راع في أهله) أي زوجته وغيرها (و) هو (مسئول عن رعيته) هل وفاهم حقوقهم من كسوة ونفقة وغيرهما كحسن عشرة أو لا (والمرأة راعية في بيت زوجها) بحسن تدبير المعيشة والنصح له والشفقة والأمانة وحفظ نفسها وماله وأطفاله (و) هي (مسئولة عن رعيتها) هل قامت بما عليها أو لا (والخادم راع في مال سيده) بحفظه والقيام بمصالحه (و) هو (مسئول عن رعيته) هل وفى بما عليه أو لا (والرجل راع في مال أبيه) بحفظه وتدبير مصلحته (و) هو (مسئول عن رعيته) هل وفى بذلك أو لا (فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) والفاء جواب شرط محذوف ودخل في هذا العموم المنفرد الذي لا زوج له ولا خادم فإنه يصدق عليه أنه راع في جوارحه حتى يعمل المأمورات ويجتنب المنهيات. رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.
(وقال : (9)الله الله) منصوب بفعل محذوف وجوبا لوجود ا لتأكيد أي اتقوا الله (في النساء فإنهن أمانات عندكم فمن لم يأمر امرأته بالصلاة ولم يعلمها) أي أمور الدين (فقد خان الله ورسوله) (10)وكان آخر ما وصى به رسول الله  ثلاثا تكلم بهن حتى تلجلج لسانه وخفي كلامه وهي قوله : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم لا تكلفوهم ما لا يطيقون الله الله في النساء فإنهن عوان أي أسراء في أيديكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله (وقال تعالى) في سورة طه  وأمر أهلك  أي أهل بيتك وأهل دينك أي أتباعك  بالصلاة  أي الصلوات الخمس.
(وروي عن النبي  أنه قال: (11)لا يلقي الله سبحانه وتعالى أحدا بذنب أعظم من جهالة أهله) ويقال: أول ما يتعلق بالرجل يوم القيامة أهله وأولاده ويقولون يا ربنا خذلنا حقنا من هذا الرجل فإنه لم يعلمنا أمور ديننا وكان يطعمنا الحرام ونحن لا نعلم فيضرب على كسب الحرام حتى يتجرد لحمه ثم يذهب به إلى النيران. كذا في الجواهر للشيخ أبي الليث السمرقندي.







(في حقوق الزوج) الواجبة (على الزوجة)
(قال الله تعالى) في سورة النساء  الرجال قوامون على النساء  أي مسلطون على تأديبهن  بما فضل الله  به  بعضهم  أي الرجال  على بعض  أي النساء  وبما أنفقوا  أي عليهن  من أموالهم  في نكاحهن كالمهر والنفقة. قال المفسرون: تفضيل الرجال عليهن من وجوه كثيرة حقيقية وشرعية فمن الأول: أن عقولهم وعلومهم أكثر وقلوبهم على الأعمال الشاقة أصبر وكذلك القوة والكتابة غالبا والفروسية وفيهم العلماء والإمامة الكبرى والصغرى والجهاد والأذان والخطبة والجمعة والاعتكاف والشهادة في الحدود والقصاص والأنكحة ونحوها وزيادة الميراث والتعصيب وتحمل الدية وولاية النكاح والطلاق والرجعة وعدد الأزواج وإليهم الانتساب. ومن الثاني: عطية المهر والنفقة ونحوهما. كذا في الزواجر لابن حجر  فالصالحات قانتات  أي معطيات لأزواجهن  حافظات للغيب  أي لما يجب عليها حفظه أي حال غيبة أزواجهن من الفروج وأموال الزوج وسره وأمتعة بيته  بما حفظ الله  أي بحفظه إياهن وبتوفيقه لهن أو بالوصية منه تعالى عليهن أو بنهيهن عن المخالفة.
وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : (1)خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإن أمرتها أطاعتك وإن غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها  واللاتي تخافون  أي تظنون  نشوزهن  أي بغضهن لكم ورفع أنفسهن عليكم تكبرا  فعظوهن  أي فخوفوهن الله وهو مندوب كأن يقول الرجل لزوجته اتقي الله في الحق الواجب لي عليك واحذري العقوبة ويبين أن النشوز يسقط النفقة والقسم وذلك بلا هجر ولا ضرب فلعلها تبدي عذرا أو تتوب عما جرى منها بغير عذر. ويستحب أن يذكر لها ما في الصحيحين من قوله : (2)إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح، وما في الترمذي من قوله : (3)أيما امرأة باتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة. كذا في شرح النهاية على الغاية  واهجروهن في المضاجع  أي اعتزلوهن في الفراش دون الهجر في الكلام ولا يضربها لأن في الهجر أثرا ظاهرا في تأديب النساء  واضربوهن  ضربا غير مبرح إن أفاد الضرب وإلا فلا ضرب ولا يجوز الضرب على الوجه والمهالك بل يضرب ضرب التعزير والأولى له العفو بخلاف ولي الصبي فالأولى له عدم العفو لأن ضربه للتأديب مصلحة له وضرب الرجل زوجته مصلحة لنفسه حمل الوعظ في هذه الآية على حالة عدم التحقق والهجر على التحقق من غير تكرر والضرب على ما إذا تكرر النشوز هو ما صححه الرافعي لكن صحح النووي جواز الضرب وإن لم يتكرر النشوز إن أفاد الضرب وتقدير الآية عليه واللاتي تخافون نشوزهن فإن نشزن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن فمعنى تخافون حينئذ تعلمون وخرج بالعلم بالنشوز ما إذا ظهرت أماراته إما بقول كأن صارت تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين وإما بفعل كأن يجد منها إعراضا وعبوسا بعد تلطف وطلاقة وجه فإنه يعظها بلا هجر وبلا ضرب  فإن أطعنكم  فيما يراد منهن  فلا تبغوا  أي تطلبوا  عليهن سبيلا  أي طريقا إلى ضربهن كأن توبخوهن على ما مضى فينجر الأمر إلى الضرب ويعود الخصام بل اجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وقال رسول الله :(4) من صبر على خلق زوجته أعطاه الله تعالى مثل ما أعطى أيوب عليه السلام من الأجر والثواب ومن صبرت على خلق زوجها أعطاها الله تعالى أجر من قتل في سبيل الله ومن ظلمت زوجها وكلفته ما لا يطيق وآذته لعنتها ملائكة الرحمة ملائكة العذاب ومن صبرت على أذية زوجها أعطاها الله تعالى ثواب آسية ومريم بنت عمران. كذا في الجواهر للسمرقندي.
(وقال رسول الله : (5)أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) أي مع السابقين أي مع إتيانها ببقية المأمورات وتجنب المنهيات. رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أم سلمة. (وقال : (6)إذا صلت المرأة خمسها) أي المكتوبات الخمس (وصامت شهرها) أي رمضان غير أيام الحيض والنفاس إن كان (وحفظت فرجها) أي من وطء غير حليلها (وأطاعت زوجها) أي في غير معصية (قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) وذلك للإكرام لها. رواه الإمام أحمد.
((7)وجاءت امرأة إلى النبي  فقالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء) أي رسولهن (إليك) لأسألك عن نصيبهن من الجهاد (هذا الجهاد كتبه الله) أي أوجبه (على الرجال فإن يصيبوا) بتشديد الياء المفتوحة مبني للمجهول أي إن أصابهم الجرح (أجروا) أي أثيبوا ثوابا عظيما (وإن قتلوا) في الجهاد (كانوا أحياء عند ربهم) أي ذوي زلفى منه.
(8)وروي أن الله تعالى يطلع عليهم ويقول: سلوني ما شئتم فيقولون: يا ربنا كيف نسألك ونحن نسرح في الجنة في أيها شئنا فلما رأوا أن لا يتركوا من أن يسألوا شيئا قالوا: نسألك أن ترد أرواحنا إلى أجسادنا في الدنيا نقتل في سبيلك وذلك لما رأوا من النعيم (يرزقون) أي من ثمار الجنة. روى ابن عباس أنه  قال(9): أرواح الشهداء في أجواف طيور خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل معلقة في ظل العرش (ونحن معاشر النساء نقوم عليهم) أي بالخدمة ونعينهم على ما هم عليه، فقوله نحن مبتدأ وجملة نقوم خبره وقوله معاشر منصوب على الاختصاص أي أخص معاشر النساء (فما لنا من ذلك) أي أجر الجهاد بالجرح والقتل (فقال رسول الله : أبلغي من لقيت النساء أن طاعة الزوج واعترافا بحقه) أي إقرارا به (يعدل ذلك) أي يماثل الجهاد ويقام مقامه (وقليل منكن من يفعله) أي طاعة الزوج والاعتراف بحقه. رواه البزار والطبراني.
قال الله تعالى في سورة النساء:  للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن  أي للرجال ثواب بسبب ما عملوا من الجهاد وللنساء ثواب مما اكتسبن من حفظ فروجهن وطاعة الله وطاعة أزواجهن فالرجال والنساء في الأجر في الآخرة سواء وذلك أن الحسنة تكون بعشر أمثالها يستوي في ذلك الرجال والنساء وفضل الرجال على النساء إنما هو في الدنيا. كذا قاله الشربيني في تفسيره.
((10)وكان علي  يقول: شر خصال الرجال) أي صفاتهم (وخير خصال النساء البخل) بفتح الباء والخاء المعجمة أو بضم وسكون وهو منع السائل مما يفضل (والزهو) أي الإعجاب بالنفس (والجبن) ضعف القلب (فإن المرأة إذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال زوجها وإذا كانت مزهوة) أي متكبرة (استنكفت) أي امتنعت من (أن تكلم) أي المرأة (كل أحد بكلام لين مريب) أي موقع في التهمة (وإذا كانت جبانة) أي ضعيفة القلب والأفصح جبان بدون التاء (فرقت) بكسر الراء أي خافت (من كل شيء فلم تخرج من بيتها) أي محل إقامتها (واتقت) أي تجنب (مواضع التهم) أي الظنون (خيفة من زوجها). وقال داود عليه السلام: المرأة السوء على بعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير والمرأة الصالحة كالتاج المرصع بالذهب كلما رآها قرت عينه برؤيتها.
(وينبغي) أي يطلب لها (أن تعرف أنها كالمملوكة) أي الأمة (للزوج) وكالأسير العاجز في يد الرجل (فلا تتصرف) أي تنفق (في شيء من ماله إلا بإذنه) أي الزوج (بل قال جماعة من العلماء إنها لا تتصرف أيضا في مالها إلا بإذنه لأنها كالمحجورة له) أي إن المرأة لزوجها كالممنوع من تصرف المال لأجل الغرماء (ويجب على المرأة دوام الحياء من زوجها) وقلة المماراة له (وغض طرفها) بسكون الراء أي خفض عينها (قدامه والطاعة) أي لزوجها (لأمره والسكوت عند كلامه والقيام عند قدومه) أي مجيئه من السفر (وخروجه) أي من المنزل وإظهار الحب له عند القرب وإظهار السرور عند الرؤية له (وعرض نفسها) أي إظهارها (له) أي الزوج (عند) إرادة (النوم والتعطر) أي طيب الرائحة له (وتعهدها الفم) أي تجديد إصلاحه (بالمسك والطيب) ونظافة الثوب (ودوام الزينة بحضرته وتركها) أي الزينة (عند غيبته) قال الأصمعي: رأيت في البادية امرأة عليها قميص أحمر وهي مختضبة وبيدها سبحة فقلت: ما أبعد هذا من هذا، فقالت: من بحر الطويل:
ولله مني جانب لا أضيعه * وللهو مني والبطالة جانب
فعلمت أنها امرأة صالحة لها زوج تتزين له (وترك الخيانة له عند غيبته في فراشه وماله). قال رسول الله :(11) لا يحل لها أن تطعم من بيته إلا بإذنه إلا الرطب من الطعام الذي يخاف فساده فإن أطعمت عن رضاه كان لها مثل أجره وإن أطعمت بغير إذنه كان له الأجر وعليها الوزر (وإكرام أهله) أي الزوج (وأقاربه) ولو بالكلام الجميل (ورؤية القليل منه) أي الزوج (كثيرا) وقبول فعله بالشكر ورؤية حاله بالفضل (وأن لا تمنع نفسها) منه (وإن كانت على ظهر قتب) بفتح القاف والتاء أي سرج البعير وذلك إذا كان التمتع مباحا بخلاف غير المباح كوطء حائض أو نفساء قبل الغسل ولو بعد انقطاع الدم عند الشافعي . وقال ابن عباس رضي الله عنهما: سمعت رسول الله  يقول:(12) لو أن امرأة جعلت ليلها قياما ونهارها صياما ودعاها زوجها إلى فراشه وتأخرت عنه ساعة واحدة جاءت يوم القيامة تسحب بالسلاسل والأغلال مع الشياطين إلى أسفل سافلين.
ويحرم وطء زوجته بحضرة أجنبي أو أجنبية ويستحب للمجامع أن يبدأ باسم الله تعالى ويقرأ قل هو الله أحد أولا ويكبر ولا يهلل ويقول: باسم الله العلي العظيم اللهم اجعل النطفة ذرية طيبة إن كنت قدرت أن تخرج ذلك من صلبي. وقال عليه السلام: (13)لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان. وإذا قربت من الإنزال فقل في نفسك: الحمد لله الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا، وينحرف عن القبلة ولا يستقبلها بالوقاع إكراما للقبلة وليغط نفسه وأهله بثوب (وأن لا تصوم) أي تطوعا غير عرفة وعاشوراء (إلا بإذنه) فإن فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل الصوم منها (وأن لا تخرج من بيتها إلا بإذنه فإن فعلت) بأن خرجت بغير إذنه (لعنتها الملائكة) أي ملائكة السماء والأرض وملائكة الرحمة وملائكة العذاب (حتى تتوب) أي المرأة (أو ترجع) أي إلى بيته (وإن كان) أي الزوج (ظالما) بمنع خروجها فإن خرجت بإذنه فمختفية في هيئة رئة تطلب المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق محترزة من أن يسمع غريب صوتها أو يعرفها بشخصها ولا تتعرف إلى صديق بعلها وعلم من ذلك المذكور أنه يجب وجوبا متأكدا على المرأة أن تتحرى رضا زوجها وتجتنب سخطه ما أمكن.
 حكاية  قال عبد الله الواسطي: رأيت امرأة على ….وهي تقول من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له فعلمت أنها ضالة فقلت: أيتها المرأة من أين أقبلت، قالت: سبحان الذي أسرى بعده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فعلمت أنها من المقدس، فقلت: ما الذي جاء بك، قالت: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، فقلت: ألك زوج، قالت: ولا تقف ما ليس لك به علم، فقلت: أتركبين بعيري، قالت: وما تفعلوا من خير يعلمه الله، فلما أرادت الركوب قالت: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، فأعرضت عنها فلما ركبت قلت: ما اسمك، قالت: واذكر في الكتاب مريم، فقلت لها: ألك أولاد، قالت: ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب، فعلمت أن لها أولادا، فقلت: ما أسماؤهم، قالت: وكلم الله موسى تكليما واتخذ الله إبراهيم خليلا يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض، فقلت: في أي موضع …..، قالت: وعلامات وبالنجم هم يهتدون، فعلمت أنهم أدلة الركب فقلت: يا مريم ألا تأكلين شيئا، قالت: إني نذرت للرحمن صوما، فلما وصلنا إليهم ورأوها بكوا، قالت: فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة الآية، فسألتهم عنها، فقالوا: إنها ضلت منذ ثلاثة أيام وقد نذرت أن لا تتكلم إلا بالقرآن ثم بعد ذلك رأيتهم يبكون فسألتهم فقالوا: إنها في النزع فدخلت وسألتها عن حالها فقالت: وجاءت سكرة الموت بالحق فلما ماتت رأيتها تلك الليلة في المنام، فقلت: أين أنت، قالت: إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
(وروي عن النبي  أنه قال: (14)ليستغفر للمرأة المطيعة لزوجها الطير) جمع طائر مثل صاحب وصحب وراكب وركب (في الهواء والحيتان) جمع حوت وهو العظيم من السمك ولعل المراد أعم (في الماء والملائكة في السماء) والشمس والقمر (مادامت) أي مدة دوامها (في رضا زوجها).
 حكاية  كان ببغداد رجل متزوج بابنة عمه وكان قد عاهدها أن لا يتزوج عليها فجاءته في بعض الأيام امرأة إلى دكانه وسألته أن يتزوج بها فأخبرها بعهده مع ابنة عمه فرضيت منه في كل جمعة يوما فتزوجها واستمر على ذلك ثمانية أشهر فأنكرت عليه بنت عمه وأرسلت جاريتها لتنظر إلى أين يذهب فدخل بيتا فسألت عنه الجيران فقالوا: قد تزوج فأخبرت الجارية سيدتها بذلك، فقالت: لا تخبري أحدا فلما مات الرجل أرسلت بنت عمه جاريتها بخمسمائة دينار وقالت: اذهبي إلى زوجته وقولي عظم الله أجرك في فلان فإنه مات وترك ثمانية آلاف دينار سبعة لابنه وألف بيني وبينك، فلما أخبرتها بذلك دفعت لها ورقة وقالت: ادفعيها إلى بنت عمه فإذا فيها براءة له من الصداق ولم تأخذ منها شيئا.
((15)وأيما امرأة عصت زوجها فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) وقال علي بن أبي طالب : سمعت رسول الله  يقول: (16)لو أن امرأة جعلت إحدى يديها شواء والأخرى طبيخا ووضعتها لزوجها ولم يرض عنها كانت يوم القيامة مع اليهود والنصارى. وقال عبد الله بن مسعود  : سمعت رسول الله  يقول: (17)أيما امرأة دعاها زوجها إلى فراشه فسوفت به حتى ينام فهي ملعونة. ((18)وأيما امرأة كلحت) أي عبست (في وجه زوجها فهي في سخط الله إلى أن تضاحكه وتسترضيه) أي تطلب رضاه. وقال عبد الرحمن بن عوف : سمعت رسول الله  يقول: (19)أيما امرأة عبست في وجه زوجها إلى قامت من قبرها مسودة الوجه. ((20)وأيما امرأة خرجت من دارها بغير إذن زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع) أي إلى بيته. وقال عثمان بن عفان : سمعت رسول الله  يقول: (21)ما خرجت امرأة من بيت زوجها بغير إذنه إلا لعنها كل شيء طلعت عليه الشمس حتى الحيتان في البحر. (قالت) أم المؤمنين (عائشة رضي الله عنها: يا معشر النساء لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بحر وجهها) أي بعض وجهها وفي الصحاح وحر الوجه بضم الحاء ما بدا من الوجنة. وروى البزار عن عائشة أنها قالت: (22)سألت رسول الله  أي الناس أعظم حقا على المرأة، قال: زوجها، قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل، قال: أمه.
(وقال : (23)ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاته) أي لا يثيبهم عليها (ولا ترفع لهم إلى السماء حسنة العبد) وكذا الأمة (الآبق) أي الهارب بلا عذر (من سيده حتى يرجع) وفي رواية: حتى يرجع إلى مواليه (والمرأة الساخط عليها زوجها) لنحو نشوز (حتى يرضى) عنها زوجها (والسكران) أي المتعدي بسكره (حتى يصحو) من سكره. رواه ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي عن جابر.
(وقال : (24)إذا قالت المرأة لزوجها ما رأيت منك خيرا قط فقد حبط عملها) أي إذا أنكرت ما تقدم له من الإحسان فتجازي بإبطال عملها أي بحرمانها الثواب إلا أن تعود وتعترف بإحسانه. نعم، إن كانت على حقيقتها فلا لوم عليها. ومثل المرأة الأمة القائلة لسيدها ذلك، كذا قاله العزيزي رواه ابن عدي وابن عساكر عن عائشة وقال طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما سمعت رسول الله  يقول: (25)أيما امرأة قالت لزوجها ما رأيت منك خيرا قط إلا آيسها الله تعالى من رحمته يوم القيامة.
(وقال : (26)أيما امرأة سالت زوجها الطلاق من غير ما بأس) بزيادة ما للتأكيد أي من غير شدة حاجة إلى ذلك. وقال ابن رسلان بأن تخاف أن لا تقيم حدود الله فيما يجب عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة لكراهتها له أو بأن يضارها (فحرام) أي ممنوع (عليها رائحة الجنة) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن ثوبان عتيق رسول الله . قال أبو بكر الصديق : سمعت رسول الله  يقول: (27)إذا قالت المرأة لزوجها طلقني جاءت يوم القيامة ووجهها لا لحم فيه ولسانها خارج من قفاها وتهوي إلى قعر جهنم وإن كانت تصوم النهار وتقوم الليل دائما.
(وقال : (28)إن الله لا ينظر إلى امرأة لا تشكر زوجها) وقال: لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه. وقال أبو هريرة : سمعت رسول الله  يقول: (29)لو أن للمرأة من المال مثل ملك سليمان بن داود عليهما السلام وأكله زوجها ثم قالت له: أين مالي ؟، إلا أحبط الله عملها أربعين سنة. وقال عثمان بن عفان: سمعت رسول الله  يقول:(30) لو أن المرأة ملكت الدنيا بحذافيرها وأنفقت الجميع على زوجها ثم منت عليه بعد حين إلا أحبط اله عملها وحشرها مع قارون.
(وقال : (31)أو ما تسأل المرأة يوم القيامة عن صلاتها وعن بعلها) وقال رسول الله : (32)أول ما يحاسب الرجل على صلاته ثم عن نسائه وما ملكت يمينه أن أحسن عشرته معهم وأحسن إليهم أحسن الله إليه، وأول ما تحسب المرأة على صلاتها ثم عن حق زوجها. وقال رسول الله  لمزوجة: فأين أنت منه ؟، قالت: ما آلوه أي ما أقصر في خدمته إلا ما عجزت عنه، قال: (33)فكيف أنت له فإنه جنتك ونارك.
(وجاء عن النبي  أنه قال: (34)أربعة من النساء في الجنة وأربعة في النار. وذكر)  (من الأربعة اللواتي في الجنة امرأة عفيفة) أي كافة عن الحرام (طائعة لله ولزوجها ولودا) أي كثيرة الولد (صابرة قانعة) أي راضية (باليسير مع زوجها) قال سعد بن أبي وقاص : سمعت رسول الله  يقول: (35)إن المرأة إذا لم تفرج عن زوجها في ضيقه لعنها الله تعالى وغضب عليها ولعنتها الملائكة أجمعون. (ذات حياء وإن غاب عنها زوجها حفظت نفسها وماله) أي الزوج. قال سلمان الفارسي : سمعت رسول الله  يقول: (36)ما نظرت امرأة إلى غير زوجها بشهوة إلا سمرت عيناها يوم القيامة. وقال أبو أيوب الأنصاري : سمعت رسول الله  يقول: (37)خلق الله تعالى في سماء الدنيا سبعين ألف ملك يلعنون كل امرأة تخون زوجها في ماله وكانت يوم القيامة مع السحرة والكهنة وإن أفنت عمرها في خدمة زوجها. وقال معاوية: إني سمعت رسول الله  يقول: (38)أيما امرأة أخذت من مال زوجها بغير إذنه إلا كان عليها وزر سبعين ألف سارق (وإن حضر) أي الزوج (أمسكت لسانها عنه) وذكر  من الأربعة (امرأة مات زوجها ولها أولاد صغار لحبست نفسها على أولادها وربتهم وأحسنت إليهم ولم تتزوج خشية أن يضيعوا) قال : (39)حرم الله على كل أدمي الجنة أن يدخلها قبلي غير أني أنظر عن يميني فإذا امرأة تبادرني إلى باب الجنة، فأقول: ما لهذه تبادرني، فيقال لي: يا محمد هذه امرأة كانت حسناء جميلة وكان عندها يتامى لها فصبرت عليهن حتى بلغ أمرهن الذي بلغ فشكر الله لها ذلك (ثم قال)  (40)(وأما الأربعة اللواتي في النار فامرأة بذية اللسان) أي فاحشته (على زوجها إن غاب عنها زوجها لم تصن نفسها وإن حضر آذته) بمد الهمزة أي أغضبته من غير ذنب (بلسانها). قال عمر بن الخطاب: إن رسول الله  يقول: (41)أيما امرأة رفعت صوتها على زوجها إلا لعنها كل شيء طلعت عليه الشمس (وامرأة تكلف زوجها ما لا يطيق) قال أبو ذر: سمعت رسول الله  يقول: (42)إن امرأة عبدت عبادة أهل السموات وأهل الأرض ثم أدخلت على زوجها الغم من جهة النفقة إلا جاءت يوم القيامة ويدها مغلولة إلى عنقها ورجلها مقيدة وسترها مهتوك ووجهها كالح وتعلق بها ملائكة غلاظ شداد يهوون بها في النار (وامرأة لا تستر نفسها من الرجال وتخرج من بيتها متبرجة) أي مظهرة لزينتها ومحاسنها للرجال. قال سلمان الفارسي : سمعت رسول الله  يقول: (43)أيما امرأة تزينت وتطيبت وخرجت من بيت زوجها بغير إذنه فإنها تمشي في سخط الله وغضبه حتى ترجع. وقال : (44)أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها أي تكشفت للأجانب خرق الله عنها ستره. رواه الإمام أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي. (وامرأة ليس لها هم إلا الأكل والشرب والنوم وليس لها رغبة) أي إرادة (في صلاة ولا في طاعة الله ولا في طاعة رسوله)  (ولا في طاعة زوجها فالمرأة إذا كانت بهذه الصفات) أي الأربعة المذمومة (كانت ملعونة) أي مبعدة عن الخير (من أهل النار إلا أن تتوب) أي من ذلك كله.
(و) روى الحاكم (أنه (45)قالت امرأة للنبي : إن ابن عمي فلانا يخطبني) أي يدعوني إلى النكاح (فأخبرني) يا رسول الله (ما حق الزوج على الزوجة فإن كان) أي ذلك الحق (شيئا) أي أمرا (أطيقه) أي أقدر عليه (تزوجته، قال)  (من حقه أن) أي أنه أي الشأن (لو سال منخراه دما وقيحا فلحسته) بكسر الحاء (بلسانها ما أدت حقه) والمنخر بكسر الخاء المعجمة خرق الأنف (لو كان) أي الشأن (ينبغي) أي يجوز (لبشر أن يسجد لبشر) أي آخر (لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) إذا دخل عليها لما فضله اله عليها، قالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج ما بقيت الدنيا وقالت عائشة رضي الله عنها: (46)أتت فتاة إلى النبي  فقالت: يا رسول الله إني فتاة أخطب فأكره التزويج فما حق الزوج على المرأة، قال: لو كان من فرقه إلى قدمه صديد فلحسته ما أدت شكره، قالت: أفلا أتزوج قال: بلى تزوجي فإنه خير.
(وروى) بسند جيد سليمان (الطبراني) نسبة إلى طبرية على غير قياس وهي مدينة بالشام ((47)إن المرأة لا تؤدي حق الله تعالى حتى تؤدي حق زوجها كله لو سألها وهي على ظهر قثب لم تمنعه نفسها). قال ابن عباس: (48)أتت امرأة من خثعم إلى رسول الله ، فقالت: إني امرأة أيم وأريد أن أتزوج فما حق الزوج ؟، قال: إن من حق الزوج على الزوجة إذا أرادها فراودها عن نفسها وهي على ظهر بعير لا تمنعه ومن حقه أن لا تعطي شيئا من بيته إلا بإذنه فإن فعلت ذلك كان الوزر عليها والأجر له ومن حقه أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه فإن فعلت جاعت وعطشت ولم يتقبل منها وإن خرجت من بيتها بغير إذنه لعنتها الملائكة حتى ترجع إلى بيته أو تتوب.
(وقال علي كرم الله وجهه: (49)دخلت على النبي  أنا وفاطمة فوجدناه يبكي بكاء شديدا، فقالت) له  (فداك أبي وأمي يا رسول الله) ففداك مبتدأ وما بعده خبره أي أنا أفدي لك من حزنك وبكائك بأبي وأمي لشدة محبتي إياك (ما الذي أبكاك ؟، قال)  ( يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي يعذبن في النار) أي جهنم بأنواع العذاب فبكيت (لما رأيت من شدة عذابهن) ثم فصل  هذا الإجمال بقوله (رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي) بكسر اللام (دماغها و) ثانيا (رأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم) أي المار الحار (يصب في حلقها و) ثالثا (رأيت امرأة قد شد رجلاها إلى ثديها و) شد أيضا (يداها إلى ناصيتها وقد سلط الله عليها الحياة والعقارب و) رابعا (رأيت امرأة معلقة بثدييها و) خامسا (رأيت امرأة رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار وعليها ألف ألف من العذاب و) سادسا (رأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها والملائكة يضربون رأسها بمقامع من نار، فقامت فاطمة الزهراء) أي البيضاء مشرقة الوجه (رضي الله عنها، وقالت: يا حبيبي وقرة عيني) أي سرور عيني وبردها (ما كان أعمال هؤلاء) أي المذكورات (حتى وقع عليهن هذا العذاب) أي المذكور (فقال : يا بنية أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال) أي الأجانب (وأما المعلقة من لسانها فإنها كانت تؤذي زوجها) أي بلسانها فإن الجزاء من جنس العمل (وأما المعلقة بثدييها فإنها كانت توطئ فراش زوجها وأما التي شد رجلاها إلى ثدييها ويداها إلى ناصيتها وقد سلط الله عليها الحيات والعقارب فإنها كانت نمامة كذابة وأما التي على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها فإنها كانت منانة حسادة، ويابنية الويل) أي الهلاك (لامرأة تعصي زوجها).
(والحاصل) أي المحصل من الكلام (أن الزوج للزوجة كالوالد للولد لأن طاعة الولد لوالده وطلب رضاه واجب ولا يجب ذلك على الزوج).
 فائدة  جليلة روي عن أبي هريرة  أنه قال: (50)دخل رسول الله  ذات يوم على ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها فوجدها تطحن شعيرا على الرحا وشغل البيت فجلس النبي  وما يبكيك يا فاطمة لا أبكى الله لك عينا، قالت: يا أبت أبكاني حجر الرحا وشغل البيت فجلس النبي عندها فقالت: يا أبت من فضلك تسأل عليا أن يشتري لي جارية لتعينني على الطحين وعلى شغل البيت فلما سمع النبي  كلامها قام وجاء إلى الرحا وأخذ الشعير بيده المباركة وهي تدور وحدها وتسبح الله تعالى بلغات مختلفة حتى فرغ الشعير فقال النبي  للرحا: اسكني بإذن الله تعالى فسكنت ونطقت بإذن الله الذي أنطق كل شيء، فقالت بلسان فصيح عربي: يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا ورسولا لو أمرتني أن أطحن شعير المشرق والمغرب لطحنته كله وإني سمعت في كتاب الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فخفت يا رسول الله أن أكون من الحجارة اللاتي يدخلن النار، فقال لها النبي : أبشري فإنك من حجارة قصر فاطمة الزهراء في الجنة فعند ذلك فرحت الرحا واستبشرت وسكنت فقال النبي  لابنته فاطمة : لو شاء الله يا فاطمة لطحنت لك الرحا وحدها ولكن أراد الله تعالى أن يكتب لك الحسنات ويكفر لك السيئات ويرفع الدرجات يا فاطمة أيما امرأة طحنت لزوجها وأولادها إلا كتب الله لها بكل حبة من القمح حسنة ومحا عنها سيئة ورفع لها درجة، يا فاطمة عرقت عند طحينها لزوجها إلا جعل الله بينها وبين النار سبع خنادق، يا فاطمة أيما امرأة دهنت رؤوس أولادها وسرحتهم وغسلت ثيابهم إلا كتب الله لها أجر من أطعم ألف جائع وكسا ألف عريان، يا فاطمة أيما امرأة منعت حاجة جيرانها إلا منعها الله تعالى عن الشرب من حوض الكوثر يوم القيامة، يا فاطمة أفضل من ذلك كله رضا الزوج عن زوجته ولو كان زوجك غير راض عنك ما كنت أدعو لك أما تعلمين يا فاطمة أن رض الزوج من رضا الله تعالى وسخطه من سخط الله تعالى، يا فاطمة إذا حملت المرأة بالجنين في بطنها استغفرت لها الملائكة وكتب الله لها كل يوم ألف حسنة ومحا عنها ألف سيئة فإذا جاءها الطلق كتب الله لها ثواب المجاهدين في سبيل الله تعالى فإذا وضعت حملها خرجت من ذنوبها كيوم ولدتها أمها، ولم تخرج من الدنيا وعليها من الذنوب شيء وتجد قبرها روضة من رياض الجنة وأعطاها الله تعالى ثواب ألف حجة وألف عمرة ويستغفر لها ألف ملك إلى يوم القيامة، وأيما امرأة خدمت زوجها يوما وليلة بطيب نفس وإخلاص ونية صادقة إلا غفر الله لها ذنوبها كلها وألبسها يوم القيامة حلة خضراء وكتب لها بكل شعرة في جسدها ألف حسنة وأعطاها الله مائة حجة وعمرة، يا فاطمة أيما امرأة تبسمت في وجه زوجها إلا نظر الله لها بعين الرحمة، يا فاطمة أيما امرأة فرشت لزوجها بطيب نفس إلا ناداها مناد من السماء استقبلي العمل فقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، يا فاطمة أيما امرأة دهنت رأس زوجها ولحيته وقصت شاربه وقلمت أظافره إلا سقاها الله من الرحيق المختوم ومن أنهار الجنة وهون الله عليها سكرات الموت وتجد قبرها روضا من رياض الجنة ويكتب الله لها براءة من النار والجواز على الصراط. ومعنى الرحيق الخمر الصافية الطيبة ومعنى المختوم الممنوع من أن تمسه يد إلى أن يفك الأبرار ختمه والمختوم أشرف من الجاري.
وروي عن ابن مسعود  عن النبي  أنه قال: (51)إذا غسلت المرأة ثياب زوجها كتب الله لها ألف حسنة وغفر لها ألف سيئة ورفع لها ألف درجة واستغفر لها كل شيء طلعت عليه الشمس.
وقالت عائشة رضي الله عنها: صرير مغزل المرأة يعدل التكبير في سبيل الله وأيما امرأة كست زوجها من غزلها إلا كان لها بكل سدي مائة ألف حسنة.
وقال النبي : (52)من اشترى لعياله شيئا ثم حمله بيده إليهم حط الله عنه ذنوب سبعين سنة. وقال : (53)من فرح أنثى فكأنما بكى من خشية الله ومن بكى من خشية الله تعالى حرم الله جسده على النار. وقال : (54)البيت الذي فيه البنات ينزل الله فيه كل يوم اثنتي عشرة رحمة ولا تنقطع زيارة الملائكة من ذلك البيت ويكتبون لأبويهن كل يوم وليلة عبادة سبعين سنة.



(في فضل صلاة المرأة في بيتها وأنه أفضل من صلاتها في المسجد مع النبي )
(روي عن امرأة حميد الساعدي) نسبة إلى بني ساعدة قوم من الخزرج (أنها جاءت إلى النبي  فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال) : (1)(علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك) أي موضع بيتك الذي تنامين فيه (خير من صلاتك في حجرتك) بضم الحاء وهو كل موضع حجر عليه بالحجارة (وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجدي) وذلك لطلب زيادة الستر في حقها.
وقال رسول الله : (2)لأن تصلي المرأة في بيتها خير لها من أن تصلي في حجرتها، ولأن تصلي في حجرتها خير لها من تصلي في الدار، ولأن تصلي في الدار خير لها من أن تصلي في المسجد. رواه البيهقي عن عائشة.
وقال : (3)صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أي خزانتها التي في أقصى بيتها أفضل من صلاتها في بيتها أي صلاتها في كل ما كان أخفى أفضل لتحقق أمن الفتنة. رواه أبو داود عن ابن مسعود والحاكم عن أم سلمة.
وقال : (4)صلاة المرأة وحدها تفضل على صلاتها في الجمع أي جمع الرجال بخمس وعشرين درجة. هذا محمول على الشابة ونحوها. رواه الديلمي عن ابن عمر.
(وقال رسول الله : (5)إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان في بيتها ظلمة. وقال رسول الله : (6)إن المرأة تخرج من بيتها وما بها بأس) الواو للحال أي والحال ليس بها ضرر (فيستشرفها الشيطان) أي يرفع بصره إليها ليغويها (فيقول) أي الشيطان (لا تمرين بأحد إلا أعجبته، وإن المرأة لتلبس ثيابها فيقول أهلها: أين تريدين ؟، فتقول) أي المرأة (أعود مريضا أو أشهد جنازة أو أصلي في مسجد وما عبدت المرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها) أي محل إقامتها.
(وعن أبي محمد الشيباني أنه (7)رأى عبد الله) بن الشياب وهو صحابي (يخرج النساء من المسجد يوم الجمعة، ويقول: اخرجن إلى بيوتكن) أي اخرجن من المسجد واذهبن إلى بيوتكن (فذلك خير لكن. رواه) أي هذا الحديث سليمان اللخمي (الطبراني في الكبير) أي المعجم الكبير المصنف في أسماء الصحابة. وروي أن امرأة مرت على أبي هريرة  وريحها يعصف فقال لها: أين تريدين يا أمة الجبار ؟، قالت: إلى المسجد، قال: أوتطيبت؟، قالت: نعم، قال: فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله  يقول: (8)لا يقبل الله صلاة من امرأة خرجت إلى المسجد وريحها يعصف حتى ترجع. فتغتسل هذا وليس المراد خصوص الغسل بل إذهاب رائحتها.
وقال : (9)المختلعات والمتبرجات هن المنافقات أي اللاتي يطلبن الخلع من أزواجهن من غير عذر واللاتي يظهرن الزينة للناس الأجانب هن المنافقات نفاقا عمليا. رواه أبو نعيم عن ابن مسعود.
(وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: بينما رسول الله  جالس في المسجد) وأصل بين أن تضاف لمتعدد غير جملة فكفتها ما عن الإضافة للمفرد أو عن الإضافة أصلا فصارت لمجرد الربط والمفاجأة وإذ بعدها لمجرد تأكيد مفاجأتها ورسول الله مبتدأ وجالس خبره. كذا قاله شيخنا يوسف. وقال أحمد الدردير: بينما ظرف زمان تضاف إلى الجمل ثم ضمنت معنى الشرط فلذا كانت لا بد لها من جواب وجوابها لا بد أن يكون مقرونا بإذ كما هنا أو بإذا الفجائيتين، والمعنى بين أوقات كون رسول الله  جالسا في المسجد (إذ دخلت امرأة من مزينة) بالتصغير اسم قبيلة من مضر وهو مزينة بن أدبن طابخة بن إلياس بن مضر (ترفل) بفتح الفاء أي تطيل ثيابها (في زينة لها في المسجد، فقال النبي : (10)أيها الناس انهوا نسائكم عن لبس الزينة والتبخير) أي مشوا متكبرين (في المسجد). رواه ابن ماجه وهذه الزينة كبيرة إذا تحققت الفتنة أما مجرد خشيتها فهو مكروه أو مع ظنها فهو حرام غير كبيرة كما أفاد ابن حجر.
(وقال النبي : (11)أيما امرأة استعطرت) أي استعملت العطر وهو الطيب ولمراد ما يظهر ريحه (ثم خرجت) أي من بيتها (فمرت على قوم) من الأجانب (ليجدوا ريحها) علة لما قبله (فهي زينة) أي كالزينة في حصول الإثم وإن تفاوت (وكل عين) نظرت إلى محرم (زانية) كما تقدم. رواه الإمام أحمد والنسائي والحاكم عن أبي موسى الأشعري.
(وقال رسول الله : (12)اطلعت) بتشديد الطاء المهملة (في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء) وليس هذا يوجب فضل الفقير على الغني، وإنما معناه أن الفقراء في الجنة أكثر من الأغنياء فأخبر عن ذلك كما تقول أكثر أهل الدنيا الفقراء إخبارا عن الحال وليس الفقر أدخلهم الجنة وإنما دخلوا بصلاحهم مع الفقر فإن الفقير إذا لم يكن صالحا لا يفضل. قال العزيزي: وظاهر الحديث تحريض على ترك التوسع من الدنيا كما أن فيه تحريض النساء على المحافظة على أمر الدين لئلا يدخلن النار كما قال (واطلعت في النار) أي نار جهنم أي عليها (فرأيت أكثر أهلها النساء). رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي عن أنس والبخاري والترمذي عن عمران بن حصين (وذلك) أي كثرة دخول النساء في النار (لقلة طاعتهن لله ولرسوله ولأزواجهن وكثرة تبرجهن) ولأن كفران العشير وترك الصبر عند البلاء فيهن أكثر. (والتبرج هو إذا أرادت الخروج من بيتها لبست أفخر ثيابها) أي أعظمها (وتجملت) أي تزينت (وتحسنت) أي اجتلبت الإضاءة (وخرجت تفتن الناس) أي تستميلهم (بنفسها فإن سلمت في نفسها لم يسلم الناس منها).
(ولهذا) أي لعدم سلامة الناس منها (قال النبي : (13)المرأة عورة) أي يستقبح ظهورها للرجال (فإذا خرجت من بيتها) أي خدرها (استشرفها الشيطان) أي رفع بصره إليها ليغويها فيوقع في الفتنة أو المراد شيطان الإنس سمي به على التشبيه (وأقرب ما تكون المرأة من الله إذا كانت في بيتها، (14)وفي رواية: المرأة عورة) أي غير وثيقة بها فساد كبير (فاحبسوهن في البيوت فإن المرأة إذا خرجت الطريق) أي خرجت من خدرها وأرادت أن تسلك الطريق (قال لها أهلها: أين تريدين؟، قالت: أعود مريضا وأشيع جنازة فلا يزال بها الشيطان حتى تخرج ذراعها وما التمست المرأة) أي طلبت (وجه الله) أي رضاه (بمثل أن تقعد في بيتها وتعبد ربها وتطيع بعلها) أي زوجها وكان حاتم الأصم يقول: المرأة الصالحة عماد الدين وعمارة البيت وعون على الطاعة والمرأة المخالفة تذيب قلب صاحبها وهي ضاحكة. (15)وكان عبد الله بن عمر يقول: علامة كون المرأة من أهل النار أن تضحك لزوجها إذا أقبل وتخونه إذا أدبر. (16)وكان حاتم الأصم يقول: من علامة المرأة الصالحة أن يكون حبها مخافة الله وغناها القناعة بقسمة الله وحليها السخاوة بما تملك وعبادتها حسن خدمة الزوج وهمتها الاستعداد للموت.
(ومن الكبائر) أي كبائر الذنوب (خروج المرأة المزوجة من بيتها) أي محل إقامتها (بغير إذنه ولو لموت أحد أبويها) أي لأجل جنازته. (وفي الإحياء) للغزالي رحمه الله تعالى (فقال النبي : (17)أطيعي زوجك) أي ولا تنزلي (فمات) أي الأب (فاستأذنت) أي رسول الله في النزول لأجل شهود جنازته (فقال : أطيعي زوجك) في عدم النزول (فدفن أبوها فأرسل رسول الله  إليها) أي المرأة (يخبرها أن الله قد غفر لأبيها بطاعتها لزوجها).
 فائدة  أوصت امرأة بنتها فقالت: احفظي لزوجك خصالا عشرا يكن لك ذخرا، الأولى والثانية: القناعة وحسن السمع له والطاعة، والثالثة والرابعة: التفقد لمواقع عينه وأنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك إلا طيب الريح، والخامسة والسادسة: التفقد لوقت طعامه ومنامه فإن شدة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة، والسابعة والثامنة: الإحراز لماله والرعاية إلى حشمه وعياله، والتاسعة العاشرة: لا تعصين له أمرا ولا تفشين له سرا فإنك إن خالفت أمره أو غرت صدره ,عن أفشيت سره لم تأمني غدره وإياك ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مهتما والكأبة لديه إن كان فرحا.
(وقال : (18)إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره) بأن لم يرض عنها في خروجها (لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع أو تتوب. وقال رسول الله : (19)أما ترضى إحداكن أيتها النساء) أي نساء هذه الأمة (أنها إذا كانت حاملا من زوجها وهو عنها راض) بأن تكون مطيعة له فيما يحل ومثلها الأمة المؤمنة الحاملة من سيدها (إن لها) أي بأن لها مدة حملها (مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله) أي في الجهاد (وإذا أصابها الطلق) أي وجع الولادة (لم يعلم أهل السماء والأرض) من إنس وجن وملك (ما أخفى) أي خبئ (لها من قرة أعين) أي من شيء نفيس تقربه عينها لأجل ما أقلقها (فإذا وضعت لم يخرج من لينها جرعة) بضم فسكون (ولم يمص) أي الولد (من ثديها مصة) بنصب مصة وبناء يمص للفاعل ويجوز بناؤه للمفعول (إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة فإن أسهرها ليلة) أي واحدة (كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهم في سبيل الله) أي في طاعته (بإخلاص) أي من غير رياء. قال المناوي: والمراد بالسبعين التكثير ومثل الزوجة الأمة المؤمنة الحامل من سيدها. رواه الحسن بن سفيان والطبراني وابن عساكر عن سلامة حاضنة سيدنا إبراهيم ابن رسول الله .
(وقال رسول الله : (20)إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه) بشهوة أو غيرها (نظر الله تعالى إليهما نظر رحمة فإذا أخذ بكفها) أي ليلاعبها أو يجامعها (تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما) أي من بينها والمراد صغائر الذنوب لا الكبائر ومحل ذلك فيما إذا كان قصدهما الإعفاف أو الولد لتكثير الأمة. رواه ميسرة بن علي والرافعي عن أبي سعيد الخدري.
(وروي عن النبي : (21)أن الرجل ليجامع أهله) أي زوجته (فيكتب له بجماعه أجر ولد ذكر قاتل في سبيل الله) أي قاتل الكفار لإعلاء دين الله (فقتل) وإنما قال ذلك لأنه لو ولد له مثل هذا الولد لكان له أجر التسبب فيه مع أن الله تعالى خالقه ومحييه ومقويه على الجهاد والذي إليه من التسبب فقط فعله وهو الوقاع وذلك عند الإمناء في الرحم.
واعلم أن في التوصل إلى الولد قربة من أربعة أوجه. الأول: موافقة محبة الله بالسعي في تحصيل الولد لبقاء جنس الإنسان. والثاني: طلب محبة رسول الله  في تكثير من به مباهاته. والثالث: طلب التبرك بدعاء الولد الصالح بعده. والرابع: طلب الشفاعة بموت الولد الصغير إذا مات قبله.


( في حرمة نظر الرجل إلى النساء الأجنبيات وعكسه )
(قال الله تعالى) في سورة الأحزاب  وإذا سألتموهن متاعا  أي شيئا من آلات البيت  فاسألوهن من وراء حجاب  أي ستر يستركم عنهن ويسترهن عنكم.
(وقال تعالى) في سورة النور  قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم  أي عما لا يحل لهم نظره  ويحفظوا فروجهم  أي عما لا يحل لهم فعله بها  ذلك أزكى  أي خير  لهم إن الله خبير بما تصنعون  أي بالإبصار والفروج فيجازيهم عليه  وقل للمؤمنين يغضضن من أبصارهن  عما لا يحل لهن نظره  ويحفظن فروجهن  عما لا يحل لهن فعله بها.
(وقال رسول الله : (1)النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركها) أي النظرة (خوفا من الله تعالى) أي غضبه (أعطاه الله تعالى إيمانا يجد حلاوته) أي الإيمان (في قلبه. وقال عيسى عليه السلام: (2)إياكم والنظرة) أي اتقوا النظرة (فإنها تزرع) أي تثبت (في القلب شهوة وكفى بها فتنة) وهذه الجملة فعل وفاعل وتمييز (وقال سعد بن جبير: (3)إنما كانت فتنة داود عليه السلام من أجل النظرة) روي (4) أن داود وقع بصره على امرأة أوريا بن حنان فمال قلبه إليها وليس له في هذا ذنب ألبتة أما وقوع بصره عليها بغير قصد فليس بذنب وأما حصول الميل عقب النظر فليس أيضا بذنب لأن الميل ليس في وسعه فليس مكلفا به فلما وقع في قلبه محبتها طلب من أوريا فقال له عليه السلام: انزل عن امرأتك واكفلنيها فاستحيا أوريا أن يرده وطلقها وكان ذلك جائزا في شريعة داود معتادا فيما بين أمته غير مخل بالمروءة فكان يسأل بعضهم بعضا أن ينزل عن زوجته فيتزوجها إذا أعجبته هذا وإن كان جائزا في ظاهر الشريعة إلا أنه لا يليق لتركه الأفضل ولذلك عاتبه الله على ذلك ثم إن طلب داود امرأة أوريا لسر يعلمه الله تعالى وهو أنه لما تزوجها أتت له بسليمان عليه السلام فهي أمه.
(5)وروي أن داود عليه السلام تمنى يوما من الأيام منزلة آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب وسأل عليه السلام ربه أن يمتحنه كما امتحنهم ويعطيه من الفضل ما أعطاهم فأوحى الله تعالى إليه إنك تبتلى يوم كذا فاحترس فلما كان ذلك اليوم جاءه الشيطان فتمثل له في صورة حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن فأعجبه حسنها فمد يده ليأخذها ويريها بني إسرائيل لينظروا إلى قدرة الله تعالى فطارت غير بعيد فتبعها فطارت من كوة فنظر داود أين تقع فأبصر داود امرأة في بستان تغتسل فعجب داود من حسنها وحانت منها التفاتة فأبصرت ظله فنقضت شعرها فغطى بدنها فزاده إعجابا فسأل عنها فقيل له: إنها امرأة أوريا فطلب منه أن يطلقها ليتزوجها فذلك جائز من غير نكير إلا أن داود عليه السلام لعظم منزلته وارتفاع مرتبته وعلو شأنه لا ينبغي له أن يسأل رجلا ليس له إلا امرأة واحدة أن ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه بل كان المناسب له أن يغلب هواه ويصبر على ما امتحن به فلذلك عاتبه الله تعالى ((6)وقال داود لابنه سليمان عليهما السلام: يا بني امش خلف الأسد والأسود) أي العظيم من الحيات وفيه سواد كما في الصحاح (ولا تمش خلف المرأة) وقال مجاهد: إذا أقبلت المرأة جلس إبليس على رأسها فزينها لمن ينظر وإذا أدبرت جلس على عجيزتها فزينها لمن ينظر ((7)وقيل ليحيى عليه السلام) وهو لم يكن له ميل إلى أمر النساء (ما بدء الزنا ؟، قال: النظر) للمرأة (والتمني للزنا بالقلب) وزنا العين من كبار الصغائر وهو يؤدي إلى القرب إلى الكبيرة الفاحشة وهو زنا الفرج ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ فرجه (وقال الفضيل: يقول إبليس: هو) أي النظر (قوسي القديمة وسهمي الذي لا أخطئ به) أي بذلك السهم. قال بعضهم:
( كل الحوادث مبدأها من النظر
( والمرء ما دام ذا عين يقلبها
( كم نظرت فعلت في قلب صاحبها
( يسر ناظره ما ضر خاطره
ومعظم النار من مستصغر الشرر )
في أعين العين موقوف على الخطر )
فعل السهام بلا قوس ولا وتر )
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر )

((8)وقالت) أم المؤمنين (أم سلمة) رضي الله عنها (استأذن) عبد الله (ابن أم مكتوم الأعمى) وهو ابن شريح بن مالك بن ربيعة وأم مكتوم أم أبيه واسمها عاتكة بنت عامر (على رسول الله  وأنا وميمونة جالستان، فقال : احتجبا، فقلنا: أوليس بأعمى) فالهمزة داخلة على مقدر ومدخول الواو معطوف عليه أي أهو مبصر وليس بأعمى (لا يبصرنا، فقال: وأنتما لا تبصرانه) وهذا يدل على أنه لا يجوز للنساء مجالسة العميان فيحرم على الأعمى الخلوة بالنساء كذا في الإحياء. وقال ابن حجر في الزواجر: وكانت عائشة وحفصة جالستين عند النبي  فدخل ابن أم مكتوم الأعمى فأمرهما  بالاحتجاب منه، فقالتا: إنه أعمى لا يبصرنا، فقال : أفعمياوان أنتما ألستما تبصران ؟، فقوله أنتما مبتدأ وعمياوان خبره والمعنى أهو غير بصير فأنتما عمياوان. (وقال رسول الله : (9)لعن الله الناظر والمنظور إليه لا يجوز لامرأة مؤمنة بالله أن تظهر على كل أجنبي أي ليس بزوج ولا محرم بنسب) أي قرابة (أو رضاع) أو مناكحة (ولا يجوز النظر منه إليها ولا منها إليه) فكما يجب على الرجل أن يغض طرفه عن النساء كذلك يجب على المرأة أن تغض طرفها عن الرجال كما قاله ابن حجر في الزواجر (ولا) يجوز (المس بالمصافحة أو مع مناولة أو نحوهما) فإن ما يحرم نظره يحرم مسه بالأولى لأنه أبلغ في اللذة وأغلظ بدليل أنه لو مس فأنزل بطل صومه ولو نظر فأنزل لم يبطل كذا في النهاية شرح الغاية.
(وروي الطبراني في الكبير) أي المعجم الكبير فإن له معاجم ثلاثة كبيرا وأوسط وأصغر (عن معقل) بفتح الميم وكسر القاف (ابن يسار) هذا الحديث ((10)لأن يطعن) بالبناء للمفعول (في رأس أحدكم بمخيط) بكسر الميم وفتح المثناة التحتية وهو ما يخاط به كالإبرة (من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) وقال : (11)اتقوا فتنة الدنيا وفتنة النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من قبل النساء. وقال : (12)ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
(وقال رسول الله : (13)إياكم والخلوة) أي اجتنبوا الخلوة (بالنساء) فوجود الأمرد والأنثى غير الثقة لا ينفي حرمة الخلوة بخلاف المحرم والرجل غير الأمرد والأنثى الثقة فإن كلا منهم ينفي ذلك (فوالذي) أي والله الذي (نفسي) أي روحي (بيده) أي بقدرته (ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما) أي الرجل والمرأة فيوقعهما في الفتنة (ولأن يزاحم) أي يضايق (رجل خنزيرا ملطخا بطين أو حمأ) أي طين أسود منتن وأو هنا للشك من الراوي (خير له من أن يزاحم منكبه منكب امرأة لا تحل) وقال عليه السلام: (14)النساء حبائل الشيطان ولولا هذه الشهوة لما كان للنساء سلطنة على الرجال وقد قيل في تأويل قوله تعالى:  ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به  معناه: شدة الغلمة. وقد قيل: إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلثا عقله.
(فيجب على المرأة إذا أرادت الخروج أن تستر جميع بدنها ويديها من أعين الناظرين) إذا خرجت فيجب عليها أن تتنكر على من تظن أنه يعرفها أو تعرفه وإذا استأذن صديق لبعلها على الباب وليس البعل حاضرا لم تستفهم ولم تعاوده في الكلام غيرة على نفسها وبعلها كذا قاله الغزالي.
(وقال : (15)كتب على ابن آدم) أي قضى عليه وأثبت في اللوح المحفوظ (نصيبه من الزنا) أي مقدماته كما نقله العزيزي عن المناوي (مدرك) أي فهو مدرك (ذلك) أي ما كتب عليه (لا محالة) بفتح الميم أي لا بد ولا شك (فالعينان زناهما النظر) إلى ما لا يحل (والأذنان زناهما الاستماع) إلى ما لا ينبغي شرعا (واللسان زناه الكلام) بما لا ينفع دنيا ولا دينا (واليد زناهما البطش) أي القهر والأخذ بالعنف (والرجل زناها الخطا) بضم الخاء المعجمة أي نقل الأقدام إلى ما لا يحل (والقلب يهوى) بفتح الواو أي يحب (ويتمنى) ما لا يحل (ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه) أي بالإتيان بما هو المقصود من ذلك أو بالترك. [رواه مسلم عن أبي هريرة]. وقال عليه السلام: (16)لكل ابن آدم حظ من الزنا فالعينان تزنيان وزناهما النظر واليدان تزنيان وزناهما البطش والرجلان تزنيان وزناهما المشي والفم يزني وزناه القبلة والقلب يهم أو يتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. كذا في الإحياء.
(وقال  لابنته فاطمة) رضي الله عنها ((17) أي شيء خير للمرأة ؟، قالت: أن لا ترى رجلا ولا يراها رجل فضمها إليه)  (وقال)  (ذرية بعضها من بعض) أي بعضها على دين بعض أو بعضها من ولد بعض في التناصر كما في الخازن (فاستحسن)  (قولها) وكان أصحاب رسول الله  يسدون الكوى الثقب في الحيطان لئلا تطلع النسوان إلى الرجال ورأى معاذ امرأته تطلع في الكوة فضربها.
 خاتمة  في ذكر أحوال بعض النساء (اعلم: أنه) أي الشأن (قد غلب) أي كثر (على النساء في هذا الزمان التبرج) أي إبراز الزينة وإبراز المحاسن للرجال (وقلة الحياء) أي عدم الحياء بأن تمشي بين الرجال فذلك التبرج كما قاله مجاهد (والمشي بالتغنج) أي التدلل والتكسر كما قاله مجاهد وقتادة في تفسير التبرج (في جموعات الرجال والأسواق وفي المساجد بين الصفوف خصوصا في النهار وإن كان) أي مشيها (ليلا قربت) أي المرأة (الضوء) فقرب إن كان من باب سمع فهو متعد كما هنا وإن كان من باب كرم فهو لازم كما في القاموس (لإظهار زينتها للناس وقد قيل: إذا ظهر في امرأة ثلاث خصال تسمى) أي تلك المرأة (قحبة) أي مغنية فاسقة زانية؛ الأولى (خروجها في النهار متبرجة) أي مبرزة للزينة والمحاسن ماشية بين الرجال (و) الثانية (نظرها إلى) الرجال (الأجانب و) الثالثة (رفع صوتها حيث تسمع) أي المرأة الرجال (الأجانب) ذلك الصوت (ولو كانت صالحة) أي عفيفة (لأنها شبهت نفسها الخبيثة) أي الفاجرة ولا يراد بذلك الاسم الشتم لأنه جعل كاللقب (ولذلك قال المصطفى) : ((18)من تشبه بقوم) أي في لبسهم وبعض أفعالهم (فهو منهم) أي من تشبه بالصالحين يكرم كما يكرمون ومن تشبه بالفساق لم يكرم وفي هذا الحديث إشارة إلى أن من تشبه من الجان بالحيات المؤذيات وظهر لنا فإنه يقتل وأنه لا يجوز في زماننا لبس العمامة الصفراء أو الزرقاء إذا كان مسلما. [رواه ابن رسلان وأبو داود عن ابن عمر والطبراني عن حذيفة]. (حاشا) مصدر منصوب بفعل محذوف والتقدير أحاشي حاشا كما قاله الشيخ خالد أي أنزه تنزيها (أن ترضى امرأة ذات حياء ودين بهذا الاسم) أي الذي هو قحبة (على نفسها فينبغي) أي يجب (لمن يخاف الله ورسوله ومن له مروءة) بفتح الميم وضمها بالهمز وتركه مع إبدالها واوا وهي آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات (أن يمنع أهله) أي زوجته وبناته (من الخروج من البيوت متبرجات) أي مظهرات للزينة والمحاسن للرجال (19)وكان رسول الله  قد أذن لهن في الأعياد خاصة أن يخرجن والخروج مباح للمرأة العفيفة برضا زوجها ولكن القعود أسلم، وينبغي أن لا تخرج إلا لمهم فإذا خرجت فينبغي أن تغض بصرها عن الرجال، ولسنا نقول إن وجه الرجل في حقها عورة كوجه المرأة في حقه بل هو كوجه الصبي الأمرد في حق الرجل فيحرم النظر عند خوف الفتنة فقط فإن لم تكن فتنة فلا إذ لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن متنقبات ولو كان وجوه الرجال عورة في حق النساء لأمروا بالتنقب أو منعن من الخروج إلا لضرورة (وأن يبالغ في حفظهن خصوصا في هذا الزمان ولا يقصر في ذلك عن شيء مما يطيق) أي يقدر عليه (ولا يأذن في الخروج إلا في الليل مع محرم) بنسب أو غيره تستحي بحضرة مثلها ما لا يستحيه الذكر بحضرة مثله ومن ثم لم تجز خلوة رجل بأمردين أو أكثر ولا يجوز للمرأة أن تخرج خارج السور ولو مع النسوة الثقات أو أذن الزوج بل لا بد من خروجه هو أو المحرم معها فما يقع الآن من خروج النساء إلى المقابر التي خارج السور معصية يجب منعهن منه.
(وحكي) أن امرأة من تيم الله بن ثعلبة كانت تبيع السمن في الجاهلية فأتاها خوات بن جبير الأنصاري فساومها فحلت نحيا مملوءا بالسمن فقال: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره ثم حل آخر وقال لها: أمسكيه فلما شغل يديها ساورها حتى قضى ما أراد وهرب ثم أسلم خوات وشهد بدرا، فقال له رسول الله : (20)يا خوات كيف كان شراؤك وتبسم رسول الله  فقال: يا رسول الله قد رزق الله خيرا وأعوذ بالله من الحور بعد الكور أي من النقصان بعد الزيادة.
وحكي أن رجلا من أشراف أهل الهند اشترى غلاما فرباه وتبناه فلما كبر اشتد به هوى مولاته فراودها عن نفسها فأجابته فدخل مولاه يوما فإذا هو على صدر مولاته فعمد إليه فجب ذكره ثم ندم على ذلك فعالجه إلى أن برأ من علته فأقام الغلام بعدها مدة يطلب أن يأخذ ثأره من مولاه وكان لمولاه ابنان أحدهما طفل والآخر يافع كأنهما الشمس والقمر فغاب الرجل يوما عن منزلة لبعض الأمور فأخذ الأسود الصبيين فصعد بهما على ذروة سطح وجعل يطعمهما ويلعب معهما إلى أن دخل مولاه فرفع رأسه فرأى ابنيه في شاهق مع الغلام، فقال: ويلك عرضت ابني للموت، قال: أجل لئن لم تجب ذكرك مثل ما جببتني لأرمين بهما، فقال: الله الله يا ولدي في تربيتي لك، قال: دع هذا عنك فجعل يكرر عليه وهو لا يقبل ذلك فلما أراد الرجل الصعود إليه أدلاهما الأسود من ذلك الشاهق فقال الرجل: ويلك اصبر حتى أخرج مدية وافعل ما أردت ثم أخذ مدية وجب ذكره وهو يراه فلما رأى الأسود ذلك رمى الصبيين من ذلك الشاهق فماتا وقال: إن جبك ثأري وقتل أولادك زيادة فيه.
(وإذا كان) أي الأمر (كذلك) أي المذكور (فيمنع العبد والسقاء) بفتح السين والقاف المشددة وهو من يملأ الجرة بالماء (من دخوله) أي كل منهما (على النساء إذا بلغ كل منهما) أي العبد والمرأة أو هي والسقاء (خمس عشرة سنة لأن عامة الفتنة بهم وحفظ النسل) أي الولد (من أعظم الأمور). (و) قال الغزالي (في الإحياء: قال : (21)إني لغيور وما من امرئ لا يغار إلا منكوس القلب) والطريق المغني عن الغيرة أن لا يدخل عليها الرجال وهي لا تخرج إلى الأسواق. وقال : (22)إن الله تعالى يغار وإن المؤمن يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه. رواه الإمام أحمد والشيخان والترمذي عن أبي هريرة.
((23)وكان علي رضي الله عنه يقول: ألا تستحيون ألا تغارون يترك أحدكم امرأته تخرج بين الرجال تنظر إليهم وينظرون إليها) (24)وقال علي رضي الله عنه: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمي بالسوء من أجلك فقوله يترك بمعنى يجعل وقوله امرأته مفعول أول وجملة قوله تخرج مفعول ثان. وقال عليه السلام: (25)إن من الغيرة ما يحبه الله ومنها ما يبغضه الله ومن الخيلاء ما يحبه الله ومنها ما يبغضه الله فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة والغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة والاختيال الذي يحبه الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدمة والاختيال الذي يبغضه الله الاختيال في الباطل.
(أما زماننا) هذا (إذا خرجت) أي المرأة (من بيتها فهذا) أي الرجل (يغمز بعينه) أي يشير إليها بعينه وحاجبه ويجسها بيده (وهذا) أي الرجل (يقبص بيده) والقبص بالصاد المهملة التناول بأطراف الأصابع (وهذا) أي الرجل (يتكلم بكلام فاحش لا يرضاه) أي ذلك الكلام (ذو دين لأهله) أي زوجاته وبناته وأتباعه (ولا امرأة صالحة لنفسها. وقال) أحمد بن محمد بن علي (ابن حجر) في الزواجر عن اقتراف الكبائر (إذا اضطرت امرأة للخروج لزيارة والد) أي مثلا (خرجت لكن بإذن زوجها غير متبرجة) أي غير مظهرة للزينة والمحاسن للرجال وحال كونها (في ملحفة) بكسر الميم وهي الملاءة التي تلتحف بها المرأة (وسخة) بكسر السين اسم فاعل (وثياب بذلة) بكسر الباء على الأفصح والفتح لغة وهي الممهنة (وتغض طرفها) بسكون الراء (في مشيها ولا تنظر) أي المرأة (يمينا ولا شمالا وإلا) تكن كذلك بأن خالفت المذكور (كانت عاصية) لله ولرسوله ولزوجها.
(و) حكي أنه ((26)ماتت امرأة متبرجة) أي مبرزة للزينة ماشية بين الرجال (فرآها بعض أهلها في النوم وقد عرضت على الله في ثياب رقاق) بضم الراء (فهبت ريح فكشفتها فأعرض الله عنها، وقال: خذوا بها ذات الشمال) أي ناحيته (إلى النار فإنها) أي هذه المرأة (كانت من المتبرجات) أي المبرزات للزينة والمحسنات للشيء (في الدنيا).
((27)وحكي أنه) أي الشأن (لما مات زوج الولية رابعة العدوية رضي الله عنها استأذن الحسن البصري) وهو من أكبر التابعين (وأصحابه) رضي الله عنهم في الدخول (فأذنت) أي رابعة (لهم بالدخول وأرخت) أي أرسلت رابعة (سترا) بكسر السين وهو ما يستر به (وجلست وراء الستر فقال الحسن وأصحابه إنه) أي الشأن (قد مات بعلك فاختاري من هؤلاء الزهاد من شئت ؟، فقالت: نعم حبا وكرامة ولكن) سألتكم (من أعلمكم حتى أزوجه) أي الأعلم (نفسي، فقالوا: ) أي أصحاب الحسن أعلمنا (الحسن البصري رضي الله عنه، فقالت: ) أي رابعة (إن أجبتني عن أربعة مسائل فأنا زوجة لك، فقال: ) أي الحسن (اسألي إن وفقني الله) أي أقدرني على الجواب (أجبتك، فقالت: ما تقول لو متت خرجت من الدنيا مسلمة أو كافرة، قال: ) أي الحسن (هذا) أي معرفة الخروج مع تلك الصفة (غيب) عن الخلق (فقالت: ما تقول إذا وضعت في قبري وسألني منكر ونكير أأقدر علي جوابهما أم لا، فقال: هذا) أي معرفة قدرة الجواب لسؤالهما أم لا (أيضا) أي كما غاب ما تقدم (غيب، فقالت: إذا حشر الناس) في الموقف (يوم القيامة وتطايرت الكتب) أي كتب الأعمال التي كتبتها الملائكة الحفظة من خزانة تحت العرش بتطيير الريح إياها بأمر الله تعالى وتلتصق بعنق صاحبها ثم تأخذها الملائكة من الأعناق ليعطوها لصاحبها (فيعطى بعضهم الكتاب) أي كتاب أعماله (بيمينه) أي من أمامه وهو المؤمن المطيع (وبعضهم بشماله) من وراء ظهره وهو الكافر (أأعطى كتابي بيميني أم بشمالي، فقال: هذا) أي معرفة إعطاء الكتب (أيضا غيب، فقالت: إذا نودي في القيامة فريق في الجنة وفريق في السعير أأكون من أهل الجنة أم من أهل النار، فقال: ) أي الحسن (هذا) أي معرفة كونك من أهل الجنة أو من أهل النار (غيب أيضا) أي كما غاب ما تقدم (فقالت) أي رابعة (أمن له هم هذه الأربعة يحتاج إلى زوج أو يتفرغ إلى اختيار زوج).
(فانظروا) أي أيها السامعون (إلى هذه العابدة الزاهدة كيف خافت) أي هذه العابدة وهي رابعة البصرية (خاتمتها وما هذا) أي الخوف (إلا بصفاء قلبها من كدوراتها ورسوخ) أي ثبوت (حكمتها) أي علمها المصاحب للعمل. روي عن بعض الصالحين قال: كان لرابعة العدوية أحوال شتى فكانت مرة يغلب عليها الحب ومرة يغلب عليها الأنس ومرة يغلب عليها الخوف وقال زوجها: جلست يوما من الأيام آكل وهي جالسة بجانبي فقعدت تذكر أهوال يوم القيامة، فقلت: دعينا نتهنأ بطعامنا، فقالت: لست أنا وأنت ممن ينغص عليه الطعام بذكر الآخرة ثم قالت: والله إني لست أحبك حب الأزواج إنما أحبك حب الإخوان. وكانت إذا طبخت قدرا قالت: كله يا سيدي فما يصح جسمي إلا بالتسبيح ثم قالت لي: اذهب فتزوج فتزوجت بثلاث نساء فكانت تطعمني اللحم وتقول: اذهب بقوتك إلى أهلك وكانت تأتيها الجن بكل ما تطلب وكان لها كرامات كثيرة حتى ماتت.
فمنها: ما حكي أن لصا دخل بيت رابعة العدوية وهي نائمة فجمع أمتعة البيت وهم بالخروج من الباب فخفي عليه الباب فقعد ينتظر الباب وإذا هاتف يقول: ضع الثياب واخرج من الباب فوضع الثياب فظهر له الباب فعلمه ثم أخذ الثياب فخفي عليه الباب فوضعها فظهر له الباب فأخذها فخفي وهكذا ثلاث مرات أو أكثر فناداه الهاتف إن كانت رابعة قد نامت فالحبيب لا ينام ولا تأخذه سنة ولا نوم فوضع الثياب وخرج من الباب.
(وكانت المرأة الصالحة إذا وقع) أي حصل (منها زلة) أي خطأ في المنطق أو الفعل (في زوجها ندمت) بكسر الدال وتابت (حالا) أي بسرعة (واستعطفت) أي طلبت (رضاه) أي الزوج بالتلطف (وتبكي) أي هذه المرأة (أياما) عديدة (خوفا من عقاب الله تعالى) على زلتها (وتقول) أي تلك المرأة (لزوجها إذا رأته مهموما) أي محزونا (إن كان اهتمامك) أي اغتمامك (لأمر الآخرة فطوبى) أي العيش الطيب أو الخير الكثير (لك، وإن كان) أي اهتمامك (لأمر الدنيا فأنا لا نكلفك ما لا تقدر عليه) فالكاف مفعول أول وما مفعول ثان.
(و) حكي أنه (كانت رابعة) بنت إسماعيل (الشامية) نسبة إلى الشام (امرأة) أبي الحسين (أحمد ابن أبي الحواري) من أهل دمشق وكان الجنيد يقول: أحمد بن أبي الحواري ريحانه الشام (تطعمه الطعام الطيب) أي المستلذ (وتطيبه) أي تضمخه بالطيب (وتقول له) أي للشيخ أحمد (اذهب بنشاطك) أي بخفتك وإسراعك (وقوتك إلى أهلك) وزوجاتك (وكان له امرأة غيرها) أي رابعة أي كان له ثلاث نسوة غيرها وكانت رابعة هذه تشبه في أهل الشام رابعة العدوية بالبصرة (وكانت) أي رابعة هذه إذا كان بعد صلاة العشاء (تطيبت) أي استعملت الطيب (ولبست ثيابها) أي التي للمباشرة (وأتت إلى فراشه) أي الشيخ أحمد (فقالت: ألك حاجة) في نفسي بالمباشرة أم لا (فإن كانت له حاجة كانت معه) إلى أن يرضى عنها (وإلا) تكن له حاجة (نزعت ثيابها) التي كانت عليها وهي أفخر الثياب ولبست ثيابا آخر للعبادة (وانتصبت) أي ثبتت (في مصلاها حتى تصبح) أي تدخل في الصباح (وكانت هي) أي رابعة بنت إسماعيل (دعت ابن أبي الحواري إلى التزوج بها لأنه) أي الشأن (كان لها) أي رابعة (زوج قبله) أي أحمد بن أبي الحواري (فمات) أي الزوج الأول (عنها) أي رابعة (وورثت منه) أي الزوج (مالا) جزيلا (فأرادت) أي رابعة (من ابن أبي الحواري أن يتصدى) أي يتوجه (لإنفاق ذلك المال على أهل الدين والخير في إطعام ونحوه لأن الرجل أوفق) أي أصلح (لذلك) أي الإنفاق (والمرأة أقوم) أي أعدل (به) أي بذلك الإنفاق (فلذلك) أي الغرض المذكور (دعته بأن يتزوج بها رحمة الله عليهما) وكان أحمد أولا كره التزوج لما خطبته رابعة لما كان فيه من العبادة وقال لها: والله مالي همة في النساء لشغلي بحالي فقالت: إني لأشغل بحالي منك ومالي شهوة لكن ورثت مالا جزيلا من زوجي فأردت أن تنفقه على إخوانك وأعرف بك الصالحين فيكون لي طريق إلى الله تعالى، فقال: حتى أستأذن أستاذي فرجع إلى أبي سليمان الداراني، قال: وكان ينهاني عن التزوج ويقول: ما تزوج أحد من أصحابه إلا تغير فلما سمع أبو سليمان كلامها قال لابن أبي الحواري: تزوج بها فإنها ولية.
(وأخبار النساء الصالحات في زمن السلف) أي المتقدمين (من أمثال ذلك كثيرة):
حكي عن بعضهم أنه قال عندنا رجل حداد كان يدخل يده في النار ويخرج بها الحديد المحمى ولا تمسه النار فقصده رجل لينظر صدق ذلك الأمر وسأل عن الحداد فلما رآه يصنع كما وصف له أمهله الرجل حتى فرغ من صنعته فأتاه وسلم عليه فرد عليه السلام فقال له الرجل: إني ضيفك في هذه الليلة، فقال له الحداد: حبا وكرامة فمضى به إلى منزله وتعشى معه وبات وهو معه فلم يزد على فرضه ونام إلى الصبح فقال الرجل في نفسه: لعله استتر مني في هذه الليلة فبات عنده ثاني ليلة وهو على حاله لا يزيد على الفرض فقال له الرجل: يا أخي إني سمعت ما أكرمك الله به ورأيته ظاهرا علك ثم نظرت فما رأيت منك كثرة عمل ولم تزد على فرضك فمن أين لك هذه المرتبة ؟، فقال له الحداد: يا أخي إنه كان لي حديث عجيب وأمر غريب وذلك أنه كان لي جارة جميلة وكنت بها مولعا فراودتها عن نفسها مرارا عديدة فلم أقدر عليها لاعتصامها بالورع فجاءت سنة قحط وعدم الطعام وعم الجوع الأنام فبينما أنا يوما من الأيام جالس ببيتي إذا بقارع يقرع الباب فخرجت لأنظر إليه فإذا بها واقفة بالباب فقالت: يا أخي أصابني جوع شديد فهل لك أن تطعمني لله، فقلت لها: أما تعلمين ما أنا فيه من حبك فما أطعمك إلا إن مكنتني من نفسك، فقالت: الموت ولا معصية مع الله ومضت إلى منزلها فلما كان بعد يومين عادت إلي، وقالت لي كالمرأة الأولى فأجبتها مثل جوابي الأول فدخلت وقعدت في البيت وقد أشرفت على الهلاك فلما جعلت الطعام بين يديها ذرفت عيناها بالدموع ثم قالت: هذا لله فقلت: لأن تمكنيني من نفسك فقامت ولم تأكل منه شيئا وخرجت من عندي إلى منزلها فلما كان بعد يومين إذا بها تقرع الباب فخرجت إليها وهي وقفة بالباب وقد قطع الجوع صوتها وقصم ظهرها، فقالت: يا أخي أعيتني الحيل ولم أقدر على التوجه لأحد غيرك فهل لك أن تطعمني لله، فقلت: نعم إن مكنتني من نفسك فأطرقت رأسها ساعة ثم دخلت وقعدت في البيت ولم يكن عندي طعام فقمت وأضرمت النار وصنعت لها طعاما فلما وضعته بين يديها تداركني لطف الله تعالى وقلت في نفسي: ويحك يا هذا إن هذه امرأة ناقصة عقل ودين تمتنع من طعام لا قدرة لها عليه وهي تتردد المرة بعد المرة من ألم الجوع وأنت لا تنتهي عن معصية الله تعالى ثم قلت: اللهم إني تائب إليك مما كان مني إني لا أقربها في معصية أبدا فدخلت إليها وهي ما تأكل فقلت لها: كلي ولا روع عليك فإنه لله تعالى فلما سمعت ذلك رفعت رأسها إلى السماء وقالت: اللهم إن كان صادقا فحرم عليه النار في الدنيا والآخرة قال: فتركتها تأكل وقمت لأزيل النار وكان ذلك في زمان الشتاء فوقعت جمرة على قدمي فلم تحرقني فدخلت إليها وأنا فرح مسرور وقلت أبشري فإن الله تعالى أجاب دعاءك فرمت اللقمة من يدها وسجدت شكرا لله تعالى، وقالت: اللهم أريتني مرادي في هذا الرجل فاقبض روحي هذه الساعة فقبض الله روحها وهي ساجدة وهذا حديثي يا أخي والله أعلم.
(وحكي) إن امرأة خرجت من بيتها لتسمع كلام النبي  مع الصحابة  أجمعين فرآها رجل شاب في الطريق فقال لها: يا حرمة أين قصدك، فقالت: أنا قاصدة النبي  أجلس عنده وأسمع كلامه المليح، فقال لها الشاب: هل تحبينه قالت: نعم أحبه، فقال لها: بحق حبه علك ارفعي نقابك حتى أنظر وجهك فلما حلفها بحب النبي  كشفت له عن وجهها فرآه ثم إنها لما رجعت أخبرت زوجها بما جرى لها مع الشاب فلما سمع زوجها كلامها تغير خاطره وقال في نفسه: لا بد من أن أعلم صدقها من كذبها لأرتاح منها ولا بد من أن أمتحنها فأوقد لها تنورا وهو المحل الذي يقمر فيه الخبز على هيئة الجرة وصبر عليه حتى اشتد لهيبه ثم قال لها: بحق النبي  ادخلي التنور، فلما حلفها بحق النبي  ألقت نفسها فيه وهو نت بروحها لكونها صادقة في محبة النبي  فلما رآها زوجها وقعت في التنور وغطست فيه حزن عليها وعلم أنها صادقة في قولها فذهب الرجل إلى النبي  وأخبره بما جرى لزوجته فقال له النبي : (28)ارجع واكشف عنها التنور فرجع وكشف عنها النار فوجدها سالمة وقد بلها العرق كأنها في حمام أي مغتسل بالمار الحار.
(اللهم أصلحنا) في جميع أمورنا (وأصلح أهلينا) أي أقاربنا وأتباعنا (وذرارينا) أي أولادنا (وجميع المسلمين) في جميع أمورهم (والحمد لله رب العالمين).
ختم المصنف كتابه بالحمدلة كما ختم أهل الجنة دعاءهم بها نسأل الله تعالى أن يمن علينا بالرضوان الأكبر وبالنعمة السابغة فبذلك تتم السعادات والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبفضله نفوز بالجنات والصلاة والسلام على سيد السادات سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والزوجات ما دامت الأرض والسموات والحمد لله وحده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
 قال مؤلفه  قد تم هذا الكتاب بعون الملك الجليل في وقت الضحى نهار الأحد في السابع والعشرين من شهر الله المحرم سنة ألف ومائتين وأربع وتسعين على يد الحقير محمد بن عمر بن عربي بن علي تاب الله عليهم آمين.




انتهى بحمد الله وتوفيقه إتمام خدمتنا لأحاديث النبوية الشريفة المذكورة في كتاب "عقود اللجين" بعمل لجنة التخريج في زاوية دار الصحيحين من معهد الأنوار المبارك في سارانج 14 جمادى الأولى 1422هـ ولأجل التخليد للذكرى التاريخية نسجل أسماءهم:
(1). محمد عازب خيران البندونج ساري. (2). مستفيد يمين الجفاراوي.
(3). شمس العارفين القدسي. (4). فارح عبده اللوماجانجي.
(5). محمد طيب الفاسورواني. (6). ولدان حبيبي البنيووانجي.
(7). أحمد رشيدي البليتاري. (8). أحمد زكي وفا الجفاراوي.
(9). على محمود سوتروان القدسي.
بإشراف وتصحيح المحدث محمد نجيح بن ميمون حفظهم الله ونفع بعلومهم وغفر لهم ونفع بهذا التخريج في الدارين. آمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبارك وسلم والحمد لله رب العالمين.

كتبه: لجنة التخريج يوم السبت 28 جمادى الأولى 1422هـ
تحريرا بسارانج بزاوية دار الصحيحين من معهد الأنوار.








Related Posts by Categories



Tidak ada komentar:

Posting Komentar