مقدمة

إنّ الحمد لله تعالى نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وبعد :

Alhamdulillah, berkat Taufiq serta Hidayah-Nya, akhirnya blog sederhana ini dapat terselesaikan juga sesuai dengan rencana. Sholawat salam semoga selalu tercurah kepada Nabi Muhammad SAW beserta keluarga dan sahabat-sahabatnya.

Bermodal dengan keinginan niat baik untuk ikut serta mendokumentasikan karya ilmiah perjuangan Syaikhina Muhammad Najih Maemoen, maka sengaja saya suguhkan sebuah blog yang sangatlah sederhana dan amburadul ini, tapi Insya Allah semua ini tidak mengurangi isi, makna dan tujuhan saya.

Blog yang sekarang ini berada di depan anda, sengaja saya tampilkan sekilas khusus tentang beliau Syaikhina Muhammad Najih Maemoen, mengingat dari Ponpes Al Anwar Karangmangu Sarang sudah memiliki website tersendiri yang mengupas secara umum keberadaan keluarga besar pondok. Tiada lain tiada bukan semua ini sebagai rasa mahabbah kepada Sang Guru Syaikhina Muhammad Najih Maemoen.

Tidak lupa saya haturkan beribu terima kasih kepada guru saya Syaikhina Maemoen Zubair beserta keluarga, terkhusus kepada beliau Syaikhina Muhammad Najih Maemoen yang selama ini telah membimbing dan mengasuh saya. Dan juga kepada Mas Fiqri Brebes, Pak Tarwan, Kak Nu'man, Kang Sholehan serta segenap rekan yang tidak bisa saya sebut namanya bersedia ikut memotifasi awal hingga akhir terselesainya blog ini.

Akhirnya harapan saya, semoga blog sederhana ini dapat bermanfa’at dan menjadi Amal yang di terima. Amin.

Minggu, 30 Mei 2010

التدخين بين الكتاب والسنة والطب والخلق والضعف الجنسي والاقتصاد واستراتيجية أعداء الإسلام

منهم من قال إنه من الصغائر
كلمة حضرة فضيلة الأستاذ الجليل العلامة
الكياهي الحاج محمد نجيح بن ميمون بن زبير الساراني
صاحب زاوية دار الصحيحين التابعة للمعهد الأنوار
بسارانج رمبانج جاوى الوسطى


الحمد لله الذي أحلّ الطيبات وحرم الخبيثات القائل سبحانه: الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات، والصلاة والسلام على سيد السادات وأشرف المخلوقات القائل: « حبب إليّ من ديناكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة» وعلى آله وصحبه الذين نالوا بالتمسك بسنته أعلى المقامات وأكبر الدرجات، أما بعد:
فقد تصفحت هذه الرسالة النبيلة وصححتها قدر طاقتي حسبما التمسه مني كاتبها الأديب الأريب «الأستاذ طه حسين بن مجاهد» الذي تعلم بمكة المكرمة عند مشايخ عديدين، فوجدتها تحتوي على فوائد ممتعة شهية وأحكام راجحة قوية مؤيدة بأدلة ونصوص ناصعة وشواهد علمية نافعة. وفي الأخير ردّ وأنا معه على أحد الكياهيين المغرورين المنكرين على من نصحهم، لا سيما إذا كان أدنى منهم سنّا أو نسبا الذي إذا قيل له: اتق الله أخذته العزة بالاستهزاء فحسبه جهنم الاشتراك في السياسة مع أعوان الكاثوليكيين، وقد تعدى طوره وتجرأ في مناسبات عديدة على مقام الرسول  كما شاهدت ذلك بعيني. وفي المناسبة الأخيرة التي شاهدها الكاتب قال: لو أن الرسول  أدرك زماننا لأحب الدخان. أعاذنا الله من هذه المقالة وشرها وخطورتها وعواقبها وأعادنا والمسلمين أجمعين إلى شريعته وسنة نبيه الأمين في أسرع وقت وحين. آمين.
فقرت عيني وعيون جميع المؤمنين بهذه الرسالة وصاحبها لأنها دفاع عن سنة رسول الله  وذب عن مقامة الشريف وإذلال لمن سبّه وذركه بنقص وتحقير وإهانة لمن جعل رسول الله  مثله في حب السيجارة الخبيثة المحرقة ولا شك في أنّ معظم منتجيها من أهل المسيحية الممولين لحركة التنصير، فمن أعانهم بشراء سجائرهم فهو من أعوان التنصير.
ومع عدم خلو هذه الرسالة من بعض المبالغات والتشديدات التي يحتاج إليها في مقام الوعظ والإرشاد فإني من المؤيدين لنتائجها المقررة من حرمة التدخين أو كراهته الشديدة (يعني كراهة تحريم) فقد قال بذلك كثير من العلماء والأولياء، ذكر بعضهم مؤلف الرسالة ومنهم السيد عبد الله بن علوي الحداد قطب إرشادنا والسيد عبد الله بن الصديق الغماري حافظ المتأخرين والشيخ ابن عابدين إمام الأحناف اللاحقين.
وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الرسالة ويهدي بها المنحرفين ويكثر من أمثالها وأمثال كاتبها، بارك الله فيه وفي مؤلفاته وأوقاته بجاه رسول الله .

سارانج؛ يوم الجمعة 23 الربيع الأول 1419هـ
كتبه الفقير إلى الله المحب لرسول الله 

محمد نجيح بن ميمون


الحمد لله الذي استوى إلى السماء وهي دخان. وسوّى في أحكامه بين وضيع وسلطان ورعاع وخان .أحمده سبحانه حمد الحامدين وأشكره على كل نعمة ومنة شكر الشاكرين في كل حال وشأن وفي كل آن وحين .
أشهد أن لا إله إلا الله الذي شرح صدور المؤمنين والمتقين للهدى وطبع قلوب الطاغين والمنافقين فلا تهتدي إلى الحق أبدا. لا إله إلا هو يهدي من يشاء ويضل من يشاء ولا يظلم ربك أحدا. من يهدي الله فهو المهتدي. ومن يضلل فلن تجدله وليا مرشدا. وأشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله نبي الرحمة ورسول الهدى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كثيرا أبدا مؤبّدا .
أما بعد: فهذه رسالة في حكم التدخين. أقصد بها بيانا للامة وتذكرة للاخوة ممن هو مثلي من المسلمين. وهي تحاول عرض مشكلات التدخين وأضراره من كافة جوانبها الاجتماعية والسلوكية والاقتصادية والإستراتيجية والطبية والصحّيّة والجنسية وفي النهاية تتحدث عن طرق الوقاية والعلاج من هذه العادة السيئة مجيبة في ذلك كله عن بعض التساؤلات التي تجول في أذهان المسلمين والحقيقة أنه لا يدين لي بهذا الأمر. وقد رأيت من الأحبة من هو أحق بقيامه وأوفر في حظه. ولكن لما رأيتهم تقاعسوا عن مهمتهم و تباطاوا عن حمل لواء شريعتهم رأيت لزاما عليّ أن أقوم مقامهم " قياما بالواجب الذي وقع على عواتقنا « الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر »، فإن رأيتم منّي تجاوزي في ذلك حدي وتعرضي لما لا أقدر عليه مع ما رأيتم من ضعف منتي وقلة أدبي فما ذلك مني إلاّ مناصحة المسلم لإخوانه المسلمين عسى أن يكون ذلك من التبليغ عن الله ورسوله فإن الله يجزى كل من أعان الإسلام ولو بشطر كلمة. وقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله  قال: «الدين النصيحة»، قيل: لمن، يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ( ). وقال : «بلغوا عني ولو آية»(2).
وما كنت أجتهد رأيي في هذه الرسالة وإنما أتكلف اتباع ما رسمه العلماء الأقدمون وعلى استضاءة ما سلك به أسلافنا الصالحون. فإن أصبت فذلك من فضل الله، وإن كانت الأخرى فمن سوء فهمي ومن الشيطان .
والله أرجو أن يهدينا ويأخذ بأيدينا إلى الصواب وأن يتجاوز عن زلاتنا وسيئاتنا ويرزقنا الإخلاص والقبول في جميع حركاتنا وسكناتنا إنه ولي ذلك .وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

دين الإسلام
دين كامل يلبي جميع التطلعات الإنسانية والأحوال البشرية بحكم وبيان .
س: ما حكم التدخين ؟
ج: حكمه حرام او مكروه كراهة تحريم .
س: كيف تحكم بحرمته ولم يرد نص، لا قرآن، ولا حديث فيه قط .؟
ج: صحيح انه لم يرد نص خاص في تحريم الدخان، لأن التدخين عادة سيئة ودأب قبيح جديد لم تعرف في أيام النبوة .
وشجرة التبغ [التنباك] التي يصنع منها الدخان شجرة خبيثة يعرفها قلمبس [Colombus] لأول مرة أثناء سياحته وجولاته في البلاد الأمريكية عام 1492 م وقد وجدها عادة شعائرية دينية لقبيلة [هنديان] السكان الأصليون لقارات أمريكا( )، ولم تعرف في العالم الإسلامي إلا في القرن السابع عشر الميلادي يعنى حوإلى عام 1010 هـ( ). فالتدخين لم يوجد أيام الرسول , ولكن مع ذلك لا يصح أن يقال: إن الإسلام قد قصر في هذا الباب، لأن هذا الدين هو دين الرسالة الحق في الوجود، دين كامل بشهادة الله اليوم أكملت لكم دينكم( ) دين صالح مساير لنمو الحياة الإنسانية في كل عصر ومكان. دين جاء به محمد  إلى بني إنسان أجمع إلى الناس كافة. وبالتالي أن كان بمقدرته تلبية كل التطلعات الإنسانية والأحوال البشرية بحكم وبيان. ولم يدع شيء يجوز أن يخطر ببال الإنسان دون الحكم والتبيين .
قال تعالى: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء( ) أي بيانا تاما لكل شيء يحتاج إليه الإنسان( ).
وقال تعالى: كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد( ).
وقال تعالى: وكذلك أوحينا إليك روحا [أي قرآنا تحيا به القلوب] من أمرنا، ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم( ) وقوله ولا الإيمان أي الشرائع التفصيلية التي لا تعلم إلا بالوحي( )، وقال تعالى: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم( ).
قال الإمام الشافعي رحمه الله: فليست تنزل بأحد من دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها( ). فالنبي  بدون شك قد بلغ البلاغ المبين. وأنه ما من خير إلا ودل الأمة عليه وبينه وما من شر الاّ وحذرها منه ونهى عنه. وقد ترك الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

سرّ بقاء الشريعة الإسلامية صالحة
لكل زمان ومكان إلى قيام الساعة
س: كيف يكون ذلك: أي ما ذكر من الحكم والتبيين لكل شيء يحتاج إليه الإنسان ؟
ج: لقد وضع الإسلام الأسس والمبادئ والقواعد الكلية. وطبق رسول الله  كل ذلك وبينه. فكان تطبيقه مقياسا وبيانا ومرجعا يرجع اليها فقهاء المسلمين في استنباط أحكام كل أمر طارئ في الحياة الإنسانية طيلة بقاء هذه المعمورة. وبذلك حازت الشرعية المحمدية مزية لم تكن لسواها من الشرائع .
ولا أقول: إن ذلك بتغيير هذا الدين عن جوهره الأصلي وعن عقيداته وعن فرائضه وتشريعاته لا…لا…لا… فإن تلك المزيّة – يعني إمكانية الاستنباط إلى قيام الساعة – ثابتة في نصوص شريعة هذا الدين وأصولها من حيث مقدرتها على التفريع والتنويع ومرونتها المتكيفة مع سير العصر والزمان في تلبية جميع التطلعات والأحوال لكل بني إنسان بحكم وبيان. وهذا هو سر بقاء الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان إلى قيام الساعة ولذلك قال شيخنا العلامة المحدث السيد محمد علوي المالكي حفظه مولاه: إن الشريعة الإسلامية هي أكمل وأشرف وأشمل رسالة للهداية. وهي الشريعة التي ختم الله بها شرائع السماء وجعلها خالدة، وكتب لها البقاء إلى أن يرث الله الأرض. لذا كانت ثابتة مستمرة قوية البناء محكمة النظام، وافية بحاجة الأفراد والجماعات( ).
وقدرة الشخص على إلحاق كل مسألة بأصلها واستنباط حكمها من قواعدها الأصلية والقوانين والضوابط والأدلة التفصيلية والأقيسة والنظر الدقيق لاشك من الفقه في الدين. وفي الحديث الصحيح: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين( ).
قال المناوي: أي يفهمه أسرار أمر الشارع ونهيه بالنور الرباني الذي أناخه في قلبه.
قال الحسن: ولايكون ذلك إلا لعامل بعلمه( ). فما من مسألة من مسائل الدين إلا قيض الله سبحانه لها في كل قرن – من كان في وسعه استنباط حكمها من قواعد شريعة هذا الدين وضوابطها لتجديد أمور هذه الأمة ليبقى ذلك حجة لله على سكان هذه المعمورة إلى قيام الساعة. ولاشك في كون كتاب الله القرآن الكريم آخر كتاب أنزل على آخر نبي ورسول . وقد تكفل الله حفظه إلى قيام الساعة فقال عز من قائل: إنا نحن نزلنا الذكر وإن لـه لحافظون( ). وجعله نورا يهتدي به الإنسان إلى كل شيء يحتاج إليه في حياته، فقال تعالى: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء( ) وقال: ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا( ) ولذلك، قال الشافعي رحمه الله: فليست تنزل بأحد من دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها( )، وهكذا شأن ما نحن بصددها، فإن في كتاب الله وسنة نبيه  من عموم النصوص ما يدل على تحريم الدخان. وليس من الضروري وجود دليل خاص على تحريمه بخصوصه.
قال الشيخ القرضاوي في فتاويه [صـ: 662-663]: إنه ليس من الضروري أن ينص الشارع على كل فرد من المحرمات، ويكفي أن يضع ضوابط أو قواعد تندرج تحتها جزئيات شتى، وأفراد كثيرة، فإن القواعد يمكن حصرها. ويكفي أن يحرم (الشارع) الخبيث أو الضار ليدخل تحته ما لا يحصى من المطعومات والمشروبات الخبيثة أو الضارة، ولهذا أجمع العلماء على تحريم الحشيشة ونحوها من المخدرات، مع عدم وجود نص معين بتحريمها على الخصوص. إهـ.
وقال الشيخ عبد الرزاق عفيفي في مقدمته على فتوى الشيخ السعدي [صـ: 20]: وليس لأحد أن يتشبث بالمطالبة بذكر دليل خاص على تحريم الدخان بخصوصه غير قانع بعموم النصوص، إلا أن يكون قاصر النظر، ضعيف الفكر، جاهلا بمصادر الشريعة والاستفادة منها، فإن الأدلة الشرعية كما تجيء جزئية أحيانا، تجيء كثيرا قواعد كلية يتعرف منها أحكام الجزئيات التي تتضمنها وتندرج تحتها. وإن طالب الحق الباحث عنه لا يقف في سبيله مثل هذه الشبهة. إنما يتعلل بذلك من غلبته نفسه واستمكنت منه العادة فكانت أسيرا لها واستهواه الشيطان فاتخذه إماما يزين لـه الخبائث، ويحببها إلى نفسه ويزيغ قلبه بما يلقيه من الوساوس والشبهات الزائغة. إهـ.
وقال الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر سابقا: إن حكم الإسلام على الشيء بالحرمة أو الكراهة لا يتوقف على وجود نص خاص بذلك الشيء. فلعلل الأحكام وقواعد التشريع العامة، قيمتها في معرفة الإحكام. وبهذه العلل وتلك القواعد، كان الإسلام ذا أهلية قوية في إعطاء كل شيء يستحدثه الناس حكمه من حل أو حرمة. وذلك عن طريق معرفة الخصائص والآثار الغالبة للشيء. فحيث كان الضرر كان الحظر، وحيث خلص النفع أو غلب كانت الإباحة، وإذا استوى النفع والضرر كانت الوقاية خيرا من العلاج. إهـ.( )

 هل اختلف العلماء في حكم التدخين ؟ 
س: إذا قلت: إن كل مسألة من مسائل الدين يعرف حكمها باستنباطه من قواعدها الأصلية، وبإلحاقها بأصلها، فهذا التدخين عادة حديثة نجد أقوال فقهاء المسلمين مختلفة، وأنظارهم فيها متباينة، باختلاف فهمهم في استنباط الأحكام وإلحاق كل فرع بأصله .
فقد قال كثير من علماء الجاويين وغيرهم: إن الدخان من جنس المباحات، على قاعدة البراءة الأصلية، وعلى رأي بعض رأي الأصوليين: أن الأصل في الأشياء الإباحة، حتى يقوم الدليل الموجب للتحريم لقوله تعالى: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا( ) وقد ذكره الله تعالى في معرض الامتنان ولا يمتن إلا بالمباحات والجائزات.
ولقوله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبت من الرزق( ). وقوله : «إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيـّعوها، وحدّ حدودا فلا تعتدوها، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها» قال النووى: حديث حسن رواه الدارقطني وغيره( ). فالتدخين مما سكت عنه الله ورسوله ، فهو من جنس المباحات والجائزات.
س: وإن سلّمنا أن فيه المضار والأخطار على الأبدان، فوجودها ظني، فلا يقتضي التحريم ,بل أقصى ما ينتهي إليه الحكم هو الكراهة التنزيهية، على أنه من الشبهات، لا من المحرمات, فكيف تحكم بحرمته ؟.
ج: نعم .. .هذا في زمان قديم ( يعني حوالي عام ألف من الهجرة عند ظهور هذه العادة القبيحة ) مأخذ صحيح, يصار إليه قبل وجود مقتضى الحريم. وذلك لأن علماء ذلك العصر لم يتأكدوا من ثبوت أضرارها, ولم يظهر فيه من الإضرار مثل ما ظهر اليوم. ولكن متى ظهر موجب التحريم لزم الأخذ به. وإليك مثال ذلك من قول من أباح التدخين:
قال الشيخ مصطفي السيوطي الرحباني: كل عالم محقق، لـه إطلاع على أصول الدين وفروعه، إذا خلا من الميل مع الهوى النفساني، وسئل الآن عن شربه بعد اشتهاره ومعرفة الناس به, وبطلان دعوى المستدلين فيه بإضراره للعقل والبدن, لا يجيب إلا بإباحته, لأن الأصل في الأشياء التي لا ضرر فيها، ولا نص تحريم: الحلّ والإباحة, حتى يرد الشرع بالتحريم .
قال الشيخ القرضاوي بعد نقل هذا القول: وهذا ما قاله الشيخ مصطفي السيوطي بناء على ما تبين لـه في زمنه. ولو عرف ما ظهر من ضرره اليوم لغيّر رأيه يقينا( ).
قلت: يعني أن قول المبيحين – مثل الشيخ مصطفي السيوطي- إنما هو يستند على ظن عدم ثبوت الضرر في دخان التنباك, في زمنهم، ولا عبرة بالظن إذا تبين خطأه. وأما اليوم فثبوت الأضرار فيه يقيني حيث تبين الصبح لذي عينين, وإنجابت غياهب الشك بالكشوف العلمية في هذا العصر بقول «الأطبّاء و أهل الخبرة» في هذا الموضوع, لا ظني كما هو الحال في زمان قديم. وقد أجمع الأطباء على أن الدخان مضر, هدام لكيان الإنسان, مفسد لمثله السامية بإتلافه لخلايا دماغه واكثر أجهزة أجسامه تدريجيا. والضرر التدريجي في حكم الضرر الفوري, وقولهم في هذه المسألة معتبر, بل حجة شرعا باتفاق الفقهاء سلفا وخلفا, كما وقع مثل ذلك في باب التيمم، لأن إثبات الضرر أو نفيه في أمثال ذلك ليس من شأن علماء الفقه, بل من شأن الأطباء وعلماء التحليل وأهل الخبرة ولا ينبّئك مثل خبير( ), فهم الذين يسألون هنا. قال تعالى: فسأل به خبيرا( ). على أن الصحيح عند الأصوليين أن أصل المضار للتحريم لحديث: «لا ضرر ولا ضرار»( ) «وإن أصل المنافع الحلّ» لقوله تعالى: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا( ), وأما إطلاق بعضهم «أن الأصل في الأشياء الإباحة أو الحل» وإطلاق أخرين «أن الأصل في الأشياء التحريم» فهذا كما قال الأمام المحلي مقابل الصحيح، وهو قول فاسد، فلم نأخذ به.( )
ما يذكر من منافع الدخان
فإن قيل: لكن وجدت في الدخان منافع كثيرة, منها انّه لذيذ مستطاب, ودواء لدفع الأحزان مجرب, وآلة لتسهيل الأمور، ومغناطيس لجلب السرور, بل هو عندي ألذّ من أي الطعام والشراب. ومنها: أنه بمثابة شحذ للأفكار, وسن للأفهام، وجهاز لإزالة الهموم ورافعة لنفي الكربات والغموم. ومنها: أنه معين علي نيل المرامات بل علي كل العبادات .ومنها: أن المدخّن يتراءت منه الرجولية والوسامة.
فالجواب: أن ما ذكرت من أنه لذيذ مستطاب إلى آخر ما قلت، فإن شارب الخمر يقول في الخمر أجمل مما قلت في دخان السيجارة، وأنا شخصيّا لا أنكر أن في الدخان من المنافع اكثر مما قد ذكرته, ولم أدّع أنه خال من تلك المنافع بحال، إلا أن تلك المنافع مهدرة بجانب مضارّه الدّينية والصحيّة والماليّة والعقليّة والجنسيّة والأخلاقيّة والاجتماعية كما وقع مثل ذلك في الخمر، قال تعالى: قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما( )، بل ذكر الشيخ القرضاوى في [فتاويه صـ: 664]: أن المنافع في الدخان ليست ذاتية فيه. قال: أما يجده بعض الناس من راحة نفسية في التدخين، فليس منفعة ذاتية فيه، وإنما ذلك لاعتياده عليه وإدمانه لـه فهو لهذا يرتاح لاستعماله شأن كل ما يعتاد الإنسان تعاطيه مهما كان مؤذّيا وضارّا غاية الضرار. إهـ.
وإليك ملخص تلك الأضرار والأخطار لتكون علي بصيرة بها:
أما من حيث الصحيّة فلقد كشفت اضواء العلم الحديث أن الدخان من ألدّ أعداء الإنسان وأن فيه من المضار ما يقشعرّ منه الجلود لما فيه من المواد الفتاكة الموجودة في لفائف التبغ (التنباك) الذي يصنع منه أعواد دخان السيجارة. فقد قال الدكتورعثمان علوى: أن التبغ يحتوي أربعة آلاف من المواد الكيماوية( ) والعشرة منها تضرّ علي الصحية( ) منها مادة السامة كيماوية تسمى بـ "النيكوتين". وهذه المادة تفسد جهاز التنفس وبمرورها مرة واحدة علي مجارى الهواء يؤثّر سيليه [Silia] بالتخريب والتضعيف حتى لا تحسن العمل في تنقية مجارى الهواء( ), وقد رأيت بمكة المكرمة أن العودة الواحدة من سيجارة [Gudang Garam] المستوردة من إندونسيا لا تقل نسبة (النيكوتين) عن 8 بالمائة [8 %] من وزن التبغ كما هو المكتوب في ظرفها.
وقال الدكتور صبرى القبانى وعشرة ستنغرامات من هذه المادة (يعنى: النيكوتين) تكفي لقتل كلب( ). وقال الدكتور [AB. Wardoyo]: كانت هذه المادة السامة (يعنى: النيكوتين) تستعمل لإبادة الحشرات، ويصنع منها [Insektisida] القويّة، واليوم منع من استعمالها لثبوت ضررها على أبناء البشر, ولكن من الأهكومة أن تكون السيجارة التي تحتوي كمّية كبيرة من النيكوتين جاهزة معدة في كبير الدكاكين وصغيرها بدون أي حصر وتحديد, مع أن ّ(نيكوتين) أكثر سمّا من [DTT] بعشرة أضعاف, وإذا شربه المرء أثناء تدخينه من بين (40 ) أربعين إلى (50 ) خمسين سيجارة في جلسة واحدة فلا يبعد من أن يلقي حتف أنفه هدرا بعد دقائق لمشّقة التنفس( ). وقد حكي أن الأخوين تراهنا على أيهما يدخن أكثر من الآخر، فمات أحدهما قبل السيجارة السابعة عشر, ومات الأخر قبل أن يتم الثمانية عشر( ).
ومنها: مادّة سامّة كيماوية تسمّى بـ «التار» [TAR] ومعروف أنها هي التي تسبّب السرطان [Kanker Carcinogen]( ).
يقول الدكتور شريف عمر: إن الإدمان في التدخين يسبّب واللثة و البلعوم وحتى المثانة إنه يسبّب المرض اللعين في كلّ طرق التي يسلكها في الجسم. وقال محمد بن عبد العزيز المسند: إنه يسبّب سرطان الرئة، سرطان الحنجرة، سرطان الشفة، سرطان الفم، سرطان البلعوم، سرطان المريء، سرطان المثانة، وسرطان الكلي.( )
ومنها: مادّة سامّة تسمى بـ«بمونكسيد الكربون» [Karbon Monoksida]وهذه المادّة الموجودة في لفائف التبغ لاتقلّ نسبتها عن النيكوتين.
وقال الدكتور [AB. Wardoyo]: هذه المادّة الحاصلة من دخان السيجارة أقرب ما تكون مثل الدخان الذي خرج من أسطوانة الانفلات [Knalpot K.M.T]( ). فهذه المادّة تترسّخ إلى الدم من حياط أكياس الهواء [Alveoli] فتلطّخ بها، وتمنع من تسلّل الأكسيجين إلى الدم كمّية سويّة تحتاج إليها أنسجة البدن، وبالتالي كان ذلك سببا في تشمّع الكبد( ).
هذه قصارى القول فيما يتعلّق بمضارّ التدخين من حيث الصحيّة، وهي تدور حول الثلاث موادّ التي سبق ذكرها.
وأما من حيث المالية فلأن إنفاق المال فيما هو بهذه المثابة يعتبر من التبذير المحرم بنصّ القرآن، قال تعالى: ولاتبذّر تبذيرا  إن المبذّرين كانوا إخوان الشياطين( ). وأما من حيث العقليّة فلأن التدخين يفسد خلأيا الدماغ كما يفسد أمزجة البدن، ولاشك في كون حفظ العقل في إطار الضروريات الخمس او الست التي جاء من أجلها شريعة هذا الدين, بل إتفقت على حفظها جميع الشرائع والملل المنزّلة من السماء.
وأما من حيث الاجتماعية فلإيذاء من حوله من بيئة المعاشرة.
وأما من حيث الأخلاقية والسلوكية فلأن التدخين مصدر الأجرام ومستقر الأثام, فقد قال الدكتور جون د. كوانبوس من جامعة كولومبيا: "إن أخطر الشرور الناجمة عن التدخين هو إنقاص الشعور بالمسؤليات الأخلاقية وأيجاد ميل إلى الكذب والنفاق والسرقة لأن الحافز الأخلاقي قد انعدم بانعدام الخواص المخية التي تصدر عنها العاطفة السامية( ).
هذه خلاصة ما يتعلق بمضار التدخين، وسنتكلم في هذا الموضوع إن شاء الله مفصلا في باب مستقل.
وكيف إذا لم يتضرر المرء بأضرار التدخين ؟
فإن قيل: يا أخي …ليس هذا محل الخلاف بيني وبينك. فإني ما كنت أنكرت ذلك عليك حتى أقول: إن التدخين عديم المضار وخال من الأخطار، إلاّ أن الله تعالى فضلني ببدن متين، وجسم قوي مكين، وما كنت أظن أن الدخان يعمل بي شيءا، ولا يتسلل إلى جسمي علة ولاداء، ولأيلحقني سوءا ولاأسواء، بل هو عندي دواء، وهو مع العسل في اعتقادي سواء، وقد زادني قوّة ونشاطا، ورأيت كذلك جماعة وأنماطا .
فالجواب: اسمع ياأخى رحمك الله! فإن تحريم الدخان ليس فقط لأضراره وأخطاره، حتى لو فرض أن تلك الأضرار لم تعمل ببدنك شيئا، فإن ذلك لا ينافي تحريم الدخان، فإنه وإن لم يكن من المسكرات لكنه من المفترات، والمفترات في حكم المسكرات، لحديث: «نهي رسول الله  عن كل مسكر ومفتر»( ). وحسبك بهذا الحديث دليلا على تحريمه .
والمفتّر هو الذي يحدث في الجسم أو بعض أعضائه فتورا وخدرا وهو السكون بعد الحدة واللين بعد الشدة. وهكذا شأن كل المفترات والمخدرات يأتي لآكلها وشاربها ساعة نشاط وخفة مؤقتة، بحيث يرتاح مسرورا، وينبسط مستبشرا ,وتطيب نفسه فرحا وسرورا, ويحس بذهاب حزنه منخدعا ومغرورا، ثم تأتي من بعدها - يعني قدر ساعتين من أكلها وشربها - ساعة الفتور والخدر، بحيث ضعف جسمه، ولانت مفاصله، واصبح فاترا كسولا, عن الوظيفات متثاقلا, وعن الواجبات متوانيا ومالاّ, لا يهتم بمهام الأمور ولا بتفهاتها, ولا ينشط إلى الأعمال ولا إلى غيرها, حتى يتطلع إلى طريق الخلوص من ذلك كله, فلا يجده إلا في إعادة الكرة إلى التدخين لمرة ثانية، وإلا صارت همومه متراكمة, وغمومه متزاحمة, نسأل الله السلامة والعافية.
وما حكم القهوة والشاي ؟
فإن قيل: لكن وجدت كذلك في القهوة والشاي, ولم أسمع أحدا من العلماء يحرمهما مع ما فيهما من المواد الكيماوية الفعالة, بل نصح بعض الناس للمدخّن أن يشربها رجاء مقابلة السموم بالسموم.
فالجواب: صحيح، أن القهوة (أو البنّ) والشاي, والكولا [Cola] والكاكاو [Cocoa], ونحوها من المواد التي تمحو آثار التعب والكدة, وتزيد المخّ والتفكير وضوحا وحدّة، ولكن من غير تفتير يعقب ذلك, فهذه المنافع ليست فقط للمدخنين كما وهمه بعض الناس بل لغيرهم أيضا كما هو المشاهد يوميا. وهذه المواد -لاختصاصها بتلك الصفة - تعد من المنبهات لا من المفترات, والمواد الفعالة فيها (الكافيئين) و (الثيفولين) و (الثيوبروفين) ومواد كيماوية أخرى.
وهذه المنبهات تساعد على الهضم بعد الغذاء الثقيل, وتنبه الجهاز العصبي، والقلب, وعضلات الجسم, ولها تأثير طبي لمعالجة بعض الأدواء كأمراض القلب، والربو [Asma], والمفص المراريّ, وكمنبه عام في حالة الهبوط, كما أن لها سلبيات لصاحب المزاج الحادّ, كزيادة تنبه الجهاز العصبي والقلب، والتأريق, وينبغي الاعتدال في استعمالها لمن هذه حاله( ).وبما تقرر عرفنا أن المكيفات ثلاثة أنواع، المسكرات, والمفترات، والمنبهات.
فالأوليان منها حرام بنص الحديث: «نهي رسول الله  عن كل مسكر ومفتر». وأما الثالثة فتعتبر من الطيبات المباحة ومن الأشربة الغذائية لعدم احتوائها على مواد مفترة( ).
 ما يتعلق بأضرار التدخين 
س: وهل في استطاعتك أن تذكر لي جميع المضار والأخطار الناجمة من التدخين ؟
ج: إن المضار والأخطار الناجمة منه كثيرة جدا, وسنذكر لك بعضها مع ما يتعلق به على حسب ما بدا لي إن شاء الله في الفصول الآتية.
(1) فصل في التدخين والضعف الجنسي
ومن المعلوم بداهة أن اللذة الجنسية والشبع الجنسي هما أساسان لاستقرار الحياة الزوجية وأن الاتصال الجنسي شهوة من الشهوات، ولذة من اللذات، بل قيل: إنه نصف لذات الدنيا وما فيها، فيا للعجب لمن شراها بلذة الدخان، فيا لـه من غبن ومن خسران.
وقد أثبت الطب الحديث أن التدخين يؤثر على ميكانية الانتصاب (وقوة الانتصاب لأكثر المدخنين ما بين [5] إلى [15] دقيقة، مع أنها بالنسبة لغير المدخنين لاتقل عن [10] إلى [30] دقيقة غالبا، بل قد تزيد لبعضهم على أكثر من ساعة كاملة) .
والتدخين قد يؤدّي (أيضا) إلى ضعف الرغبة الجنسية، والارتخاء والعنّة. ولاشك في أن ذلك حدث خطير يهدّد الحياة الزوجيّة تهديدا كبيرا، وقد يفصم عراها نهائيا إذا فقدت غرضها الأساسي، وهو تكوين الأسرة وحفظ النسل( ).
وهذا الدكتور أوشنشر الذي يبلغ السابعة والستين من عمره وهو كبير المستشارين في مستشفي "نيو أورليانز" وأحد المكافحين الرواد ضدّ التدخين استطاع أن يكشف عن طريق التجربة بأن هناك صلة وثيقة بين التدخين وسرطان الرئة - وكذلك بين التدخين والنشاط الجنسي فيقول الدكتور أوشنشر: أنه من الصعب إقناع المدخّنين عن الإقلاع عن التدخين مهما كانت نتائجه، ولكن عند ما أذكر لهم بأن التبغ يؤثّر على النشاط الجنسي بطريقة سلبية يبدأون بالتفكير جدّيا بالأمر وهذا من دواعي الأسف لأيبالون بأخطاره الجسيمة على أكثر أجهزة أجسامهم.
وهذا ما يشجّع أحد مرضاه على اتباع نصيحته بالتوقف عن التدخين وعاد إليه نشاطه الجنسي. وكانت التحاليل الطبية قد أظهرت بأنها هرموناته كافية، إلا أن عدد الحُيَيِّئات المنوية كان ضئيلا يكاد لأيقوى على التحرك. وعند ما عاد هذا المريض بعد ثلاثة أشهر لاستشارة طبيبه أظهرت التحاليل المَخْبَرية بأنه أحرز تقدما ملموسا من ناحية نشاط المني وحيويته، وبعد أربعة أشهر كانت زوجته حاملا بعد زمان يسير.( )
وبهذا يظهر لنا أن التدخين يفسد مستقبل الشباب من الناحية الجنسية والتناسلية. وننصح الشباب والشابات أن لايغتروا بإغراءات التدخين في التليفزيونات والجرائد والمجلات من أجل الاحتفاظ بالقوة الجنسية حتى الزواج وحتى آخر العمر وامتثالا لأمر الله، وابتغاء لمرضاته، لأن التدخين قد يؤدّي إلى ضعف الانتصاب عند الزوج، وإلى الجناية على زوجته بعدم قدرته على مزاولة الاتصال الجنسي في الحين المبكر بقوة مرجوة وطريقة مرضية ترغب فيها الزوجة، حيث لم يكن في استطاعته إتمام العملية الجنسية إلى أن تقتدي زوجته وطرها، لأن المرأة تحتاج في أغلب الأحيان إلى مدّة أطول من الرجل للوصول إلى قمة الشهوة وقد يؤدي ذلك – لا سمح الله - إلى نفورها وسخطها، وتكون الحياة الزوجية في مثل ذلك حياة نارية، وهي إلى الطلاق أقرب .
وفي بعض المدن مثل جاكرتا وسورابيا وجدنا بعض النساء الجاهلة يتعودن تعاطي التدخين المدمر. وفي ذلك جناية على نفسها وجنينها واولادها وعلى حقوق أزواجها جميعا. فالحياة الأسرية في مثل ذلك أيضا إلى الشقاق أقرب .
بخلاف ما إذا كان في استطاعة كل من الزوجين أن يتفهم أسس الحياة الزوجية، من التعاون والتعاطف وإرضاء كل لآخر في استجابة مطالب شريك حياته العاطفية والبدنية والجنسية – كانت العلاقة الزوجية في مثل ذلك أمتع وأجمل. وبالتالي تصبح الحياة الزوجية شهر عسل دائم، وفيها من المتع ما يجعل الزوجين يحرصان على دوامها والتمسك بها، ونكاد نقول: إن الطلاق بعدها مستحيل. ونحن لا ندعي في ذلك كله أن اللقاء العضوية أو العمل الجنسية هو الأساس في تكوين الأسرة. لا.. لا .. لا .. ولكن لاشك في أنه من أكبر دوافع الإنسان في تكوين الحياة الزوجية، امتثالا لأمر الله واتباعا لسنة نبيه ، ولاغرو فإن الشهوات أمر محبب للإنسان، وهي إحدى الغوائز التي خلقها الله تعالى في أبناء البشر. غريزة ذات أثر فعال في حياتهم. كيف لا .. ؟ وقد قال تعالى: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا( ). فقدمت الآية الغريزة الجنسية على بقية الغرائز.
وقدر من هذه الأمور كلها ضروري للحياة البشرية، ومن ثم كانت: الدوافع: في كيان الإنسان – دوافع الطعام والشراب، والمسكن، والملبس، والبروز، والتملك، والجنسي، لتربطه بالحياة، وتدفعه إلى الحياة( ).
ولذا – لا يبعد عن الصواب إن قلنا: إن نجاح الزوج في أداء وظيفته الزوجية ودوائرها يلعب دورا هاما في تحقيق السعادة في الحياة الزوجية واستمرارها، إضافة إلى العوامل الشخصية البقية، والعوامل الروحية والعاطفية، كالعادات، والطباع، والمستوى التعليمي والاقتصادي، وغيرها لكل من الزوجين، وقدرة كل منهما على تكييف هذه العوامل حسبما تقتضيه الظروف. والتدخين كما يفسد الزوج من ناحية أداء وظيفته الزوجية، كذلك يفسده من ناحية الروحية، والعاطفية، والأخلاقية، والشعورية، كما سنبينه لكم إن شاء الله في ترجمة مستقلة.
قد يقول قائل: وأين نحن مع أضرار التدخين من ناحية القوة الجنسية، وقد وجدنا في زماننا الحاضر أدوية كثيرة، أصناف وأصناف، فضلا عن ارتفاع أثمانها، لزيادة النشاط الجنسي وتقوية القدرة في هذا المجال مع فوائد أخرى يعسر تعدادها ؟
وعند ذلك نقول: إن هذه الأدوية المنشطة انتشرت بشكل واضح في السنوات الأخيرة، نظرا لازدياد الطلب عليها إذ تستغل الشركات العالمية المختلفة اهتمام الناس غير الطابعي بالجنس، لتزيد شعلته في نفوسهم، وتثري من وراء ذلك ثراء فاحشا: والغريب أن الإقبال عليها يزيد زيادة ملموسة، ويستعمله الكل دون انضباط: وحتى دون استشار الطبيب. [صحيح أن لكل البيانات المرفقة بها تشير إلى فائدتها في هذه الناحية، ولكننا نتساءل من باب العلم: هل هي مفيدة حقا ؟] .
فهذه الأدوية تحتوي على هرمونات التي قد تزيد فعلا في حيوية الشخص ونشاطه، ولكن لفترة محدودة وقتية، كما أن استعمالها دون حاجة حقيقة إليها لا يمكن أن يفيد، بل إنه قد يضر. وقد حدث أن مات رجلان أمريكيان في آخر مايو 1998 هذه كما أخبر به إذاعاة [BBC] لندن.
وبعد الفحص إلى حالهما, أدرك أحد الإحصائيين حقيقة الأمر الذي ماتا بسببه, وهو استعمال أحد هذه الأدوية بشكل خاص. وأخبرت كذلك إذاعة ألمانيا صباح يوم الأحد [21 من يونية 1998م] أن ستة عشر رجلا من الأمريكيين ماتوا هدرا نتيجة عدم مبالاتهم باستشارة الصيدليين في استعمال أحد هذه الأدوية وبالبيانات المرفقة به. ومن هنا كان للجوء الكثيرين إليها نوع من الإسراف الذي لا داعي له، وجري وراء السراب الذي لا حقيقة لـه كسراب بقيعة يحسبه الظمأن ماء, حتى إذا جآءه لم يجده شيئا( ) فلا هي تقدم ما يظنه الشخص ببالدرجة التي يتطلع عليها, ولا هي تعالج عجزا إن وجد. ولذلك فإن الأمر بالنسبة لها في حاجة إلى مراجعة، من جانب الناس, ومن جانب المنتجين والمستوردين لها, والمشجعين عليها, حرصا على صحة الناس وعلى أموالهم أيضا( ).وعلى كل حال، فإن الواجب المحتم على المرء الاحتفاظ بصحة بدنه, وعدم إلقاء نفسه في مدمرة ومهلكة, «فإن الوقأية خير من العرج».

(2) فصل في بيان التدخين
وفساد الأخلاق وإنقاص الشعور وتشويش الأفكار
أثبت البحث الحديث أن التدخين يؤثر أخلاق المرء وسلوكه وشعوره سلبيا، حيث يعمل على إتلاف أنسجة دماغه, وإنقاص شعوره بالمسؤليات والواجبات, حتى يسوقه إلىالتمرد عن النظم والقوانين .وإليك النقول من أقوال رجال العالم :
قال الرئيس الأمريكي هوفر: ليس في الوجود بأسره عامل هدام لصحة بنينا وبناتنا ولكفأياتهم، وثقافتهم، وأخلاقهم كالدخينة, وقال: هي مصدر الأجرام ومستقر الآثام .
وقال المستر اديسون: إن لدخان السيجارة فعلا فادحا في مراكز الأعصاب مفسدا لخلأيا الدماغ فسادا مضرا جدا, ويخالف أكثر المخدرات السامة بأنه دائم التأثير, لا يقهر. وقال: إن عادة التدخين الذي يمارسه الفتيان تعمل على إتلاف أنسجة أدمغتهم وتفضي إلى إسقاط المستوى الأدبي فيهم, وتوجد عندهم ميلا إلى الأجرام.
وقال الدكتور دون د. كوانبوس من جامعة كولومبيا: إن أخطر الشرور الناجمة عن التدخين هو إنقاص الشعور بالمسؤليات الأخلاقية, وأيجاد ميل إلى الكذب, والنفاق, والسرقة, لأن الحافز الأخلاقي قد انعدم بانعدام الخواص المخية التي تصدر عنها العاطفة السامية, وقال: إن الشخص الذي يقع في أسر التدخين ينحط ويتدهور ويصير شاحب الوجه، عديم الشهامة, والرجولة, فاتر الهمة, عديم الاكتراث بالواجبات.
وقال الأستاذ اوزوراس دأيفس هو من كبار المربين: إن طلبة المدارس الذين يقعون في قبضة التدخين يصبحون لـه عبيدا أرقاء, ولا يستطيعون الالتفاتإلى أعمالهم بدونه, وأن حالتهم الجسمانية والأخلاقية تصير ألعوبة بيد التبغ.
وقال القاضي كراين النيويوركي: إن لفائف التبغ تهلك الاولاد, وتجري عليهم الويل والخراب, وتعرض حياتهم للخطر,وتفسد عقولهم, وتضعف إدراكهم وتصيرهم من كبار المجرمين، ويفقدون الأدب, واللياقة والاستقامة وكل خلّة حسنة.
وقال المستر جورج تورنس: إن التدخين أقدر من المسكر على الفتك بالفتيان، وجعلهم من المجرمين.
وقد أثبت عدد من القضاة في محاكم الأحداث أن 80 بالمائة [80 %] من أحداث المجرمين هم من المدخنين, وتتلخص تقارير عدد كبير من البين أن المتاعب التي يتلقونها في تهذيب الطلبة ترجع إلى العيوب العقلية والنقائص الأخلاقية التي يحدثها التدخين, وما يتبعه من الآفات والرزأيا وأنه يغير مزاج الصبي, ويفسد فطرته تماما ويجعله سفيها قاسيا عديم الحنان والإنسانية ويسوقه إلى التمرد على النظم والقوانين المدرسية سيء التصرف مسرفا في الأنانية والسلاطة وقلة الحياء( ).
وقال الشيخ القرضاوي في فتاويه ص 665: " وهناك ضرر آخر يغفل عنه عادة الكاتبون في هذا الموضوع، وهو الضرر النفسي, وأقصد به أن الاعتياد على التدخين وأمثاله, يستعبد إرادة الإنسان، ويجعلها أسيرة لهذه العادة السخيفة. بحيث لا يستطيع أن يتخلص منها بسهولة إذا رغب في ذلك يوما لسبب ما. كظهور ضررها على بدنه, او سوء أثرها في تربية ولده, او حاجته إلى ما ينفق فيها لصرفه في وجوه أخرى أنفع وألوم, او نحو ذلك من الأسباب.ونظرا لهذا الاستعباد النفسي, نرى بعض المدخنين, يجور على قوت اولاده, والضروري من نفقة أسرته, ومن أجل إرضاء مزاجه هذا, لأنه لم يعد قادرا على التحرر منه. وإذا عجز مثل هذا يوما عم التدخين, لمانع داخلي او خارجي, فإن حياته تضطرب, وميزانه يختل, وحاله تسوء, وفكره يتشوش, واعصابه تثور, لسبب او لغير سبب.
ولا ريب أن مثل هذا الضرر جدير بالاعتبار في إصدار حكم على التدخين.
(3) فصل في بيان التدخين والسرطان
أثبت الطب الحديث أن هناك صلة وثيقة بين التدخين وأمراض السرطان. منها:
1. سرطان الرئة بأربعة أنواعه :
- Karsinoma Epidermoid.
- Adeno Karsinoma.
- Karsinoma للخلايا الصغيرة.
- Karsinoma للخلايا الكبيرة.
وقال الدكتور [AB. Wardoyo]: إن [90 %] من سرطان الرئة صادرة عن المدخنين. إهـ( ).
2. سرطان الشفة واللثة. 3. سرطان الفم.
4. سرطان البلعوم. 5. سرطان المريء.
6. سرطان المثانة. 7. سرطان الكلى.
8. سرطان الحنجرة( ).
(4). فصل في بيان التدخين وباقي الأضرار .
ومن مضار التدخين :
1. الإلتهاب الرئوى [Bronkitis].
2. انتفاخ الرئة من تضأيق التنفّس [Emfisema].
3. الآم واوجاع في الأرجل نتيجة عدم طلاقة الدورة الدموية فيها [Peripheral Artery Disease].
4. تشمع الكبد وتفرقه [Ischemic Heart Disease].
5. كلوح الوجه صفراء، وتغضن الجلود، كأنه أكبر من سنه.
6. قرحة المعدة. وهذه كثيرا ما تسبب الموت كذا قاله الدكتور[AB. Wardoyo]( ).
7. تنخير الأسنان. 8. عشر الهضم.
9. انتفاخ البطن وتطبله. 10. إصابة الإمساك وصعوبة البراز.
11. تصلـّب الشرابين. 12. دروان الرأس.
13. الخفاقة. 14. خناق الصدر.
15. الأرق [INSOMNIA]. 16. القلق.
17. التحسّس [SENSITIFITAS]. 18. الكآبة.
19. وهن الإرادة. 20. ضعف الذاكرة.
21. ضعف الإدراك. 22. الكسل.
23. ضعف الحيوية وعجزها عن مقاومة الأمراض.
24. الخمول. 25. التعب والنصب.
26. إفساد العقول. 27. الضجر.
28. تقطع التنفس واضطرابه. 29. يبس الحلق وجفافه.
30. خرش أغشية الحنجرة. 31. التعرض للسعال.
32. التعرض للرشح والزكام. 33. تسويد الشفة.
34. إفساد خلايا الدماغ. 35. ضعف البصر وعمشه.
36. ضعف الذوق. 37. ضعف الشمّ.
38. حدوث الرائحة النتنة والمستقدرة 39. السلّ [TBC].
40. اهتناج الأعصاب وثورانها. 41. سقام القلب.
42. خمود الدهن وكلته. 43. حدوث التخمّرات في الفم( ).
44. تخريب كريات الدم( ).
ولا يبعد بعد هذا أن يقال: إن التدخين يجرّ المرء تدريجيا إلى المقبرة. وإن مات بسبب ذلك كان قاتل نفسه، لأن القتل التدريجي في الحكم القتل الفوري. ولا شك في أن ذلك من الكبائر، ففي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد وغيره ان رسول الله  قال: «من تحسّى سمّا فقتل نفسه فسمه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالدا مخلدا أبدا»( ).
وقال تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما( ). وقال تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة( ). وفي الحديث: «لا ضرر ولا ضرار»( ).
(5) فصل في التدخين وأيذاء الغير .
ومن المعلوم البديهي، أن التدخين يؤذي ويضر ويجني من حوله من بيئة المعاشرة، بتكدير الهواء بدخان سيجارته بعد يكون صافيا. وخاصة على من كان في غرفة مغلقة الأبواب. ولا سيما إذا كانت تلك الغرفة مبردة بالمكيفات [AC] ويسمى المجني عليه في هذا الموقف بـ المدخن السلبي [Perokok Pasif] وقد اثبت البحث الحديث، أن الدخان السيجارة أضر على المدخن السلبي منه على المدخن النافذ الحقيقي [Perokok Aktif] لأن كميّة مونكسيد الكربون [Karbon Monoksida] للسلبي بتكدر الهواء تساوى لما كان للنافذ عندما يشرب دخان سيجارته. وتزداد نسبة ذلك بخمس مرات عند ما ينفخ النافذ ويلقي دخان إلى اخيه. واثبت أيضا أن هذا الدخان الخارج يحتوى على مواد (التار) و (النيكوتين) أكثر من التدخان الداخل بأربع مرّات. وأن نسبة السرطان إلى الدخان الخارج أكثر نجوما بأربعين مرات إلى الدخان الداخل( ).
وقد ذكرت في غير هذا الموضع أن الدخان الخارج بالنسبة إلى المرءة جناية على نفسها، وجنينها، واولادها وحقوق زوجها جميعا .
(6) فصل في التدخين وأيذاء الملائكة .
وقد عرفت مما ذكرنا، أن تكدر الهواء بدخان السيجارة، يؤذى من حول المدخنين من بيئة المعاشرة، واضف إلى ذلك ما ينبعث من افواههم من الروائح المستقذرة والعفونات مما يغير الطعم والأفواه والأسنان، ويلبسها ثوب السواد، والأصرار، والدرانات. ولا شك بعد هذا في أن الدخان من الخبائث، لأن ما كان لـه الرائحة الكريهة المستقذرة المؤذية لا يمكن أن يكون من الطيبات، ولآن ما كان مضرّا بالصحة ومسببا للأمراض القاتلة لا يمكن أيضا – بحال من الأحوال – من الطيبات وكلتا الصفتين موجودتان في الدخان التنباك. بل خبثه (يعنى الدخان) أشد وأسوأ من خبث الثوم والبصل والكراث( ). لأنه من المعلوم بداهة ان رائحة التدخين ليست أقل كراهية من رائحة هذه الثلاثة( ).
وقد ثبت في الصحيحين أن آكلها يمنع من إتيان المسجد لوجود الرائحة الكريهة. ففي رواية البخاري عن جابر  قال: قال رسول الله : «من آكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا» أو قال: «فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته»( ). قال الأسنوي: ومقتضى الحديث التحريم يعنى تحريم دخول المسجد على آكلهما. وبه قال ابن المنذر( ). وفي رواية لمسلم أن تلك تؤذى الملائكة كما تؤذى المسلمين. قال رسول الله : «من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربنّ مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم»( ).
فتأذى الملائكة برائحة الدخان اشد، وتحريم دخول المسجد على شاربه أولى. فإن قال القائل: إن إلحاقك دخان السيجارة بالثوم والبصل والكراث يقتضي كون الدخان حلالا غير محرّم، لأن هذه الثلاثة عند الجمهور ليست بحرام( ).
قلت: إنما إلحاقي دخان السيجارة بهذه الثلاثة في خبثها، وفي إيذاء الملائكة والمسلمين برائحتها الكريهة. بل خبثه أشد، وأسوأ، لأن رائحة التدخين ليست أقل كراهية من رائحة هذه الثلاثة، مع أن الأصل في الخبيث كونه محرما، إلا إن وجد هناك دليل على إباحته. وقد قال تعالى مبينا نعت رسول الله : الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبئث( ).
فهذه الآية تدل دلالة واضحة صريحة لا غبار فيها على أن الأصل في الخبائث, كونها محرمة. وأما حلية هذه الثلاثة يعنى الثوم والبصل والكراث مع كونها من الخبائث, فبدليل آخر يخصص العمومات التي وردت في هذه الآية، فقد أخرج مسلم من رواية أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدرى  أن رسول الله  قال: «من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقربن في المسجد» فقال الناس: حرمت حرمت، فبلغ ذلك النبي  فقال: « أيها الناس ... إنه ليس لى تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها»( ).
فثبت بهذا الحديث أن خبث هذه الثلاثة إنما هو بالنظر إلى ريحها لا إلى ذاتها، فلذلك زالت الكراهة بالطبخ، لذهاب ريحها، كما ورد ذلك في حديث عمر ( ). بخلاف الدخان, فإن خبثه إنما هو بالنظر إلى ريحه وذاته معا, وذلك لأن ما كان لـه الرائحة الكريهة المستقذرة لا يمكن أن يكون من الطيبات, ولأن ما كان مضرّا في الصحة ومسبّبا للأمراض ومضيّعا للحقوق ومفسدا للشعور والأخلاق والسلوك ومؤذيا للملائكة والمسلمين، لأيمكن أن يكون - بحال من الأحوال - من الطيّبات .
فثبت بذلك كون الدخان خبيثا لريحه وذاته معا وكونه من الخبائث يكفي في كونه محرّما. والله أعلم.
فإن قال القائل: لكن الدخان عندي ليس بمستخبث، ولابمستقذر وقد ألفته منذ سنوات فما وجدت نفسي إلا زادت فيه رغبة وإليه محبّة.
فالجواب: إنه منتن ومستخبث عند من لم يعتده وأما من ألفه واعتاده فلا يرى خبثه كالجُعَلِ [Bedhigal; jawa] لا يستخبث العذرة .والدود لأيستقذر الجيفة( ).
فصل: في التدخين وإضاعة المال والتبذير والإسراف
وقد سمعت مما تقدّم ما يترتّب من التدخين من المضارّ الدينيّة والاجتماعيّة والبدنيّة والعقليّة والأخلاقيّة والسلوكيّة والجنسيّة. ولا شك بعد هذا في كون إنفاق المال فيما هو بهذه المثابة يعتبر من إضاعة المال ومن التبذير والإسراف التي جاء الإسلام بمنعها.
وإليك بيان هذه الثلاثة مع أدلّتها من الكتاب والسنة وأقوال العلماء في هذا الموضوع:
(1). إضاعة المال:
هو: إنفاقه فيما لا يعود إلى الجسم أو الروح بفائدة ولا نفع لا في الدنيا ولا في الآخرة.
قال النووي: وإضاعة المال هو صرفه في غير وجوهه الشرعية وتعريضه للتلف (أي من غير أية فائدة جسمية أو روحية، شرعية أو دنيوية) وسبب النهي أنه إفساد وإتلاف للمال والله لا يحب المفسدين. وفي الحديث الصحيح: «إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال». [رواه مسلم]( ).
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي: وأي إضاعة أبلغ من حرقه في هذا الدخان الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ولا نفع فيه بوجه من الوجوه، حتى أن كثيرا من المنهمكين فيه يغرمون الأموال الكثيرة وربما تركوا ما يجب عليهم من النفقات الواجبة، وهذا انحراف عظيم وضرر جسيم. فصرف المال في الأمور التي لانفع فيها منهي عنه، فكيف بصرفه بشيء محقق ضرره ؟( ).
قال الشيخ القرضاوي في [فتاويه: 664]: إن في التدخين نوعا من الضرر يجب أن لا يغفل، وهو ضرر يقيني لاشك فيه وهو الضرر المالي، وأعني به إنفاق المال فيما لا ينفع بحال لا في الدنيا ولا في الدين ولاسيما مع غلاء أثمانه وإسراف بعض هواته في تناوله حتى إن أحدهم قد ينفق فيه ما يكفي لإعاشة عشرة كاملة.
أما ما يجده بعض الناس من راحة نفسية في التدخين، فليس منفعة ذاتية فيه وإنما ذلك لاعتياده عليه وإدمانه لـه فهو لهذا يرتاح لاستعماله. شأن كل ما يعتاد الإنسان تعاطيه مهما كان مؤذيا وضارا غاية الضرر.
وقال أحد العلماء: لو اعترف شخص أنه لا يجد في التدخين نفعا بوجه من الوجوه فينبغي أن يحرّم عليه لا من حيث الاستعمال بل من حيث إنه إضاعة للمال إذ لافرق في حرمة إضاعته بين إلقائه في البحر وإحراقه بالنار أو غير ذلك من وجوه الإتلاف، فكيف إذا كان مع الإتلاف للمال ضرر يقينا أو ظنا ؟ أي أنه اجتمع عليه إتلاف المال وإتلاف البدن معا. فوا عجبا لمن يشتري ضرر بدنه بحر ماله طائعا مختارا( ).
(2). التبذير.
وهو كما قال الشافعي : إنفاق المال في غير حقه. ولاتبذير في عمل الخير. وهذا قول الجمهور( ). وروي هذا المعنى عن عبدالله بن مسعود ( ).
وقال مالك: التبذير هو أخذ المال من حقه ووضعه في غير حقه( ). ولأيخفي أن إنفاق المال في التدخين تبذير لله وإنفاق في غير حقه لأن من حقوق الأموال أن تصرف في المنافع والخيرات، وليس التدخين في خير من شيء. فهو أي المدخن المبذر بتصرفه هذا قد اقام نفسه في صف من صفوف إخوان الشياطين الملعونين. قال تعالى: ولاتبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين( ) ولما كان إنفاق المال في حقوقه وفي الخيرات أدعى إلى الشكر وإنفاقه فيما لا ينبغي وفي غير حقوقه (كالتدخين) أقود إلى الكفر. قال تعالى: وكان الشيطان لربه كفورا( ).
(3). الإسراف.
أ‌- هو إنفاق المال في معصية الله قل أو كثر، وروي هذا المعنى عن مجاهد وعن الزهري. قال تعالى: ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين( ) قال الزهري: أي ولاتنفقوا في معصية الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه قال: ... ولو أنفق (رجل) درهما في معصية الله كان مسرفا( ). وعلى هذا فإنفاق المال في التدخين إسراف له. ولو كان - ذلك - عودا واحدا.
ب‌- ومن معنى الإسراف مجاوزة الحد في كل شيء( ). والإسراف على هذا المعنى ممنوع ولو كان في المباح الذي لاشبهة فيه، فكيف الإسراف في الشر وفي معصية الله؟. قال تعالى: وكلوا واشربوا ولاتسرفوا إنه لا يحب المسرفين( ). فالإسراف بكثرة الأكل والشرب ممنوع شرعا فكيف الإسراف بكثرة التدخين المدمر؟.
ت‌- الإسراف على قول أعم من التبذير ومن إضاعة المال. قال الإمام ابن حزم في [محلاه: جـ:7/صـ:503]: السرف حرام وهو:
1- النفقة فيما حرم الله تعالى قلت أو كثرت ولو أنها جزء من قدر جناح بعوضة.
2- أو التبذير فيما لا يحتاج إليه ضرورة مما لأيبقى للمنفق بعده غنى.
3- أو إضاعة المال وإن قل برميه عبثا.
وبما تقرر عرفنا ان إنفاق المال في التدخين إسراف وتبذير وإضاعة وإفساد لذلك المال بدون أية منفعة ولافائدة، لاجسمية ولا روحية، لاشرعية ولادنيوية، وصاحبه بلاشك سوف يسأل عن تصرفاته هذه يوم القيامة. وفي الحديث: «لاتزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن علمه فيما عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه». قال الحافظ في [الفتح: جـ:11/صـ:505]: أخرجه مسلم عن أبي برزة الأسلمي رفعه، وله شاهد عن ابن مسعود عند الترمذي وعن معاذ بن جبل عند الطبراني. وقال تعالى: ثم لتسألن يومئذ عن النعيم( ) قال مجاهد: أي عن كل لذة من لذات الدنيا( ).
قلت : " يعني أن عموم هذه الآية يدل على وقوع السؤال عن كل نعمة أنعمها الله على عبد، صغيرها وكبيرها، دنيئها و عظيمها، لأن المحلى بال من صيغ العموم كما هو مقرر في علم الأصول. وفي خبر الترمذي عن عبد الله بن زبير رضي الله عنهما عن أبيه قال: لما نزلت ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قال الزبير : وأي النعيم نسأل عنه وإنما هما الأسودان التمر والماء ؟ (يعني: فهما ليستا مما نسأل عنه لدناءتهما)، قال رسول الله : «أما إنه سيكون»( ).
وجاء في خبر أحمد [5/98] عن أبي عسيب مولى رسول الله  تخصيص عموم السؤال الذي ورد في الآية – بثلاث مسائل، قال: … قيل: يا رسول الله، أئنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟، قال: «نعم إلا من ثلاث: خرقة كفي بها الرجل عورته، أو كسرة سد بها جوعته، او حجر يتدخل فيه من الحر والقر». فال الحافظ ابن كثير : تفرد به أحمد( ).
ومن هنا عرفنا أنه لا بد من وقوع السؤال عن كل نعمة من نعم الدنيا، إلا ما ورد الشرع بتخصيصه. يعني: أكان يشكرها أم يكفرها، وكان ينفقها في الخيرات أم في المعاصي, وهل كان استمتاعه بها على وجه السرف لإرادة الترف, أو كان لإرادة القوة للنشأة إلى الخير فلم يخرج عن الشرف، فالمؤمن المطيع يسأل سؤال التشريف، والعاصي يسأل سؤال توبيخ وتأفيف.
وعلى هذا، فإقدام الرجل إلى تعاطي التدخين في حاجة إلى مراجعة مرات ومرات، لأن العاقل إذا علم أن بين يديه سؤالا عن كل ما يتلذذ به، علم أنه يعوقه ذلك في زمن السؤال عن لذات الجنة, فكان خوفه من مطلق السؤال مانعا لـه عن التنعم بالمباح, فكيف بالمكروه؟، فكيف، ثم كيف بالمحرم؟, فكيف إذا كان السؤال من ملك تذوب لهيبته الجبال؟, فكيف إذا كان السؤال على وجه العتاب ؟ فكيف إذا جر إلى العذاب؟( ).
وخلاصة الكلام: أن إنفاق الأموال في المباحات يستوجب السؤال والحساب، وإنفاقها في الخيرات أدعي إلى شكرها ويستوجب الثواب، وإنفاقها في المعاصي (كالتدخين) أقود إلى كفرها، ويستوجب العذاب. لئن شكرتم لأزيدنّكم، ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد( ). وحسبكم هذه الآية ردعا عن التدخين. والله أعلم .
(8) فصل في التدخين وتقليد المجوس واليهود والنصارى .
وعرفنا مما مر أن التدخين مما لا ينبغي تعاطيه عقلا، ولا طبا ولا خلقا، ولا اجتماعيا، ولا جنسيا، ولا شرعا، فهو ليس من الإسلام في شيء، بل إنه من تقاليد المجوس واليهود والنصارى، ومن عاداتهم بشهادة التاريخ والحس والواقع .
يقول الشيخ محمد إبراهيم: وكان حدوثه يعنى في الديار الإسلامية في حدود عام ألف من الهجرة، واول خروجه في أرض اليهود، والنصارى، والمجوس وأتى به رجل يهودي – يزعم أنه حكيم – إلى أرض المغرب، ودعا الناس إليه. وأول من جلبه إلى البر الرومي رجل أسمه [الإتكلين] من النصارى. وأول أخرجه ببلاد السودان المجوس, ثم جلب إلى مصر، والحجاز، وسائر الأقطار الإسلامية( ). هذا مع كثرة ما رأيت من اغترار كثير من الناس بهذه العادة السيئة، ولم يشعروا بأنفسهم أظفارها إلا بعد أن أنشبت في أنفسهم أظفارها، فخذ حذرك ياأخي من متابعة عاداتهم وتقاليدهم، فقد قال تعالى: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله، إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون( ). فما أصدق قول النبي الأعظم والرسول الأكرم، وهو الصادق المصدوق، إذ قال فيما أخرجه أحمد [2/438] عن أبي هريرة : «والذي نفسي بيده لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، وباعا فباعا، حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه» قالوا: ومن هم يا رسول الله ؟ أهل الكتاب ؟ قال: «فمه ؟».
فانظر إلى أحوال المسلمين اليوم, تجد جميع اتجاهات حياتهم إلى الغرب: فكرتهم مثلا فكرة الغرب، موضتهم [MODEL BUSANA] موضة الغرب، وتقاليدهم متابعة الغرب فإنا لله وإنا إليه راجعون.




(9) فصل في التدخين والإقتصاد واستراتيجية أعداء الإسلام .
لتكن أيها القارئ على علم بأن التدخين كما يفتك بالجسم فهو يفتك أيضا بالمال، مال الفرد ومال الأمة. انظر جدول ضرائب التنباك التالي تر أموال الأمة المحروقة من أجل التدخين:
« جدول ضرائب التنباك »
PENERIMAAN CUKAI
Dalam Miliar Rupiah

Tahun Anggaran Cukai Tembakau Rp Cukai Lain (Rp.) Jumlah Rupiah
PELITA I
1969/70 28,47 3,99 (14 %) 32,46
1970/71 32,42 4,26 (13,4%) 36,68
1971/72 36,04 5,08 (14%) 41,12
1972/73 40,60 6,09 (15%) 46,69
1973/74 53,47 8,49 (15,8%) 61,96
PELITA II
1974/75 66,13 09,94 (15 %) 76,07
1975/76 83,82 14,21 (16,9 %) 98,03
1976/77 111,80 17,44 (15,5%) 129,26
1977/78 161,18 20,58 (12,7 %) 181,76
1978/79 234,64 24,36 (10,3 %) 259
PELITA III
1979/80 290,59 32,72 (11,25%) 323,31
1980/81 396,36 43,39 (10,9%) 440,25
1981/82 503 50 (9,94 %) 553
1982/83 565,20 53,20 (9,4 %) 618,40
1983/84 623,80 64,10 (10,2 %) 618,90
PELITA IV
1984/85 (RAPBN) 654,80 73,(11%) 727,50
ظهر من ذلك الجدول أن الكمارك للتنباك لعام [1984-1985م] [650] مليار روبية وذلك ممثّل لـ [30 %] أو [35 %] من مجموع أثمان التنباك. وبعبارة أوضح أن أموال الأمة المحروقة من أجل التدخين نحو [650] مليار روبية × 3= [1950] مليار روبية في السنة الكاملة، فكانت المحروقة يوميّا [5,34] مليار روبية.
وإحراق تلك الأموال لا يزال يقع باستمرار كلّ يوم بدون أية منفعة ظاهرة إلا من حيث كونه لأجل إرضاء المزاج وتلبية الهوى. فما أسرع تقدّم هذه البلاد في تعميرها لو كانت تلك الأموال لتمويل الصناعات والمعادن والاتصالات والزراعات وغيرها.
وفي اعتقادي أن تلك الأرقام الطائلة ليست بحاجة إلى أن نسأل أنفسنا: من يستنزف اقتصاد هذه البلاد؟، ومن المستفيد؟. فقد ظهر ظهور الشمس في رابعة النهار أن أكثر المستنزفين لهذه البلاد من الصينيين وأن أكثر المنتجين للدخان من أعداء الإسلام من النصارى والكاثوليكيين. فعلينا نحن الإندونيسيين أن ننتبه وأن نفتح عيوننا جيّدا لما يحدث حولنا وبيننا من حركة التنصير وتجهيل المسلمين وإبعاد المسلمين عن روح الإسلام فإن أحد تلك مصادر الحركة (التنصيرية والتبشيرية) هو المال المحصّل من تجارة الدخان. وقد حققت هذه الحركة نجاحها منذ أوائل الثمانينات.
يقول الأستاذ عبد الرحمن زين الدين: إن حركة التنصير في إندونيسيا في الوقت الحاضر (يعني في أوائل الثمانينات) قد وصلت إلى أوجِها وحولت ملايين حسب مصادرهم من المسلمين إلى النصرانية. وأن استراتيجية المبشرين المسيحيين تعتمد على المستقبل، وكان منا من يقول: إن الكنائس الكبيرة الموجودة في وسطنا إنما أصبحت بنايات جوفاء تسكنها الشياطين ولكن إذا نظرنا إلى هذه الظاهرة من ناحية ثانية يمكن أن نقول: إن لهذه السياسة إستراتيجية بعيدة المدى، لأننا نرى أن الكنائس لا تقوم منفردة ولكن توجد بجانبها مدارس، وروضات الأطفال، بل أحيانا نوادي للشباب والشابات. هذه الظاهرة إن دلت على شيء إنما تدل على أن هذا النشاط موجه إلى الأجيال والصاعدة أكثر من كونه موجها إلى الجيل الحاضر( ).
ومما سبق عرفنا أن التدخين هو إحراق أموال المسلمين وتمويل حركة المبشرين المسيحيين. ولا شك في أن مثل ذلك جدير بالإعتبار في إصدار حكم على التدخين.

أكثر الكياهيّين يدخنون ؟
س: كيف يكون التدخين محرما، مع ما رأيته من أكثر الكياهيين الجاويين يدخنون ؟ ؟
ج: إن هؤلاء الكياهيين لم يدعوا لأنفسهم العصمة، وكثير منهم ابتلوا به في مرحلة الشباب والطيش، ثم ضعفت إرادتهم عن التخلص من نيره وشدته، وكثير منهم أفتى بكراهته رغم أنه مبتلى بتعاطيه.
وقد رأينا من الإبطاء أيضا من يؤمن بأضرار التدخين ويتحدث أو يكتب في ذلك. ومع ذلك لم يقلع عن التدخين( ).
ولكن لا يخفى أن صدور هذا الفعل من عالم أو ممن يقتدي به أشد وأسوأ، لأن غلطة الصاقل بعشرة وغلطة الجاهل بواحدة. وما أكثر ما من عوام الناس قولهم: إنما ندخن لأنا رأينا أكثر الكياهيين يدخنون، ولا غرو، فإن لهم بهم قدوة، وفيهم أسوة. وفي الحديث الصحيح: «من سن سنة حسنة كان لـه أجرها، ومثل أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيىء. ومن سن سنة سيئة عمل بها من بعده، كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا». [والحديث في الصحيحين وغيرهما] .
على أن العوام لامذهب لهم فهم تبع لعلمائهم وليسوا مستقلين، وليس لهم أن يخرجوا عن أقوال علمائهم كما قال تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون( ).
والحق أن فعل الكياهيين ليس بحجة، ولا تشريع، لأن الميزان الحقيقي هو: ما دلت عليه أصول الشرع وقواعده، ولي لأحد مخالفتها، لا لكياهي، ولا لولي، لأنه لا محاباة بين الله وبين أحد من خلقه( ), فلا ينبغي لمؤمن، ولا لمسلم إذا تبين لـه كلام الله، او كلام رسوله في مسئلة من المسائل أن يلتفت إلى فعل أحد من الناس او إلى قوله – اتباعا للهوى لا اتباعا للحق والهدى .
وليس قصدنا في هذا المقام – الإساءة على كياهياتنا بتتبع عوراتهم، واظهار مساويهم، لا، لا، لا، فإن هؤلاء عظماءنا وسادتنا, وإنما أقصدني لذلك (البيان) إزالة تلبيس الشيطان, وشبهة المتاولين لإحقاق الحق وإبطال حجة المعارضين, فما وجدت من نفسي بدا من أن أخوض فيما لا يرضى به الناس, رجاء رضاءه سبحانه بتنزيل كل شيء منزلة نفسه من غير إفراط ولا تفريط, والله تعالى يهدينا ويهدي المسلمين. آمين.
التدخين من الصغائر أم من الكبائر ؟
س: إذا أنت تقول بحرمة التدخين, فهل هو من الصغائر أو من الكبائر ؟
ج : الظاهر من صنيع العلماء أنهم اختلفوا في هذا الموضوع باختلافهم في تعريف الكبائر والصغائر واختلاف فهمهم في استنباط الأحكام وإلحاق كل فرع بأصله.
(أ‌) : منهم من قال إنه من الصغائر، ولكن يكون الإصرار عليه يجعله من الكبائر كما أن الإصرار على المكروه قد يقربه من الحرام. وأصحاب هذا القول لا يقولون بوجوب الحد ولا التعزير على المدخنين، لأن الصغائر هي: ما خرج عن حد أقل الكبائر أو هو ما دون الحدين (حد أقل الكبائر وحد أكبرها) ولم يقترن بالنهي عنه وعيد أو لعن أو غضب أو عقوبة أو نفي الأيمان عن فاعله، مثل النظر إلى النساء، وإنشاد الضالة في المساجد، والخصومة فيها، والالتفات في الصلاة( ).
يقول الشيخ القرضاوى في [فتاويه صـ؛ 667]: إن ميلنا إلى تحريم التدخين لما ذكرنا من وجهة النظر والإعتبارات الشرعبة، لا يعنى أنه مثل شرب الخمر، أو الزنى، أو السرقة مثلا، يعنى أنه ليس من الكبائر .
ونقل الشيخ إبراهيم( ) عن الشيخ نجم الدين بن بدر الدين الغزي الشافعي أنه قال: وليس من الكبائر تناوله المرة أو المرتين، بل الإصرار عليه يكون كبيرة.
وقد ذكر بعض العلماء أن الصغيرة تعطى حكم الكبيرة بواحدة من سبعة أشياء:
إحداها: الإصرار والمواظبة عليها، كما روي ذلك عن عمر وعن ابن عباس ( ).
والثانية: التهاون بها، وهو الاستخفاف والاستصغار وعدم المبالاة بفعلها، فإن الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه، صغر عند الله، وكلما استصغره كبر عند الله، لأن استعظامه يصدر عن نفور القلب عنه وكراهيته له.
الثالثة: أن يأتيها ويظهرها أمام الناس، لأن في ذلك ترغيبا للغير فيها، والحمل عليها. لحديث: «كل أمتى معافي إلا المجاهرين» الحديث. متفق عليه.
الرابعة: الفرح والسرور بها، والغفلة عن كونها سبب الشقاوة .
الخامسة: التفاخر بها بين الناس .
السادسة: التهاون بستره تعالى عليه وإهماله إياه، مع الأمن من مكره تعالى ومن أليم عذابه، كما قال تعالى: ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول، حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير( ).
السابعة: صدورها من العالم، أو ممن يقتدى به( ).
(ب‌) : ومنهم من ألحقه – أي التدخين – بشرب الخمر لما فيه من التفتير والتخدير، والمفترات في حكم المسكرات، لحديث: نهي رسول الله  عن كل مسكر ومفتر( ). والمفتر: هو الذي يحدث في الجسم أو بعض أعضائه فتورا وخدرا وهو السكون بعد الحدة، واللين بعد الشدة.
واستدلوا بأن الدخان مسكر. قالوا: والمراد بالإسكار مطلق تغطية العقل، وإن لم يكن معه الشدة المطربة، ولا ريب أنها حاصلة لمن يتعاطاه أول مرة أو يكثر منه، أو يقيم يوما أو يومين لا يشربه ثم شربه وبعضهم قال: ومن المعلوم أن كل من شرب دخانا كائنا ما كان أسكره بمعنى أشرقه، وأذهب عقله بتضييق أنفاسه ومسامه عليه، فالإسكار من هذه الحيثية، لاسكر اللذة والطرب( ). فلذلك أدخله بعضهم من جملة الكبائر، وأوجبوا على فاعله الحد والتعزير .
والكبائر جمع كبيرة. وهي كل ذنب تعظم عقوبته، حيث يكون فيه حدّ في الدنيا، أو وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو لعن فاعلها كالزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحقّ وغيرها. قال الضحاك: هي ما أوعد الله عليه حدّا في الدنيا أو عذابا في الآخرة( ).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي كل ذنب ختمه الله تعالى بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب. وقال مرّة أخرى: كل ما نهي الله عنه فهو كبيرة، أي لأن كل ذنب ومعصية ومخالفة فهي بالنسبة إلى جلال الله تعالى كبيرة( ).
وهذه من أساليب بعض حكام المسلمين في معاقبة المدخنين:
 كان المهدي بالسودان يرى حرمة التبغ ويعاقب من يتناوله بالجلد ثمانين جلدة وبسجنه أسبوعا.
 إن السلطان مراد الرابع كان يأمر بقطع شفتي المدخّن وجدع أنف من يستعمل التبغ سعوطا.
 وكان السلطان محمد الرابع يأمر بلف حبل من أوراق التبغ حول عنق المدخن ووضع غليونه في أنفه ثم شنقه في هذه الحالة.
 وكان والي مصر محمد اليدقجي أصدر أمرا بمنع التدخين في الشوارع والدكاكين وأمر الشرطة ينكلون بمن يجدونه يدخّن.
 وكان شريف مكة مسعود بن سعيد يرى تحريمه وأصدر أمرا بمنعه من المقاهي والأسواق في مكة( ).
وهل تقبل شهادته ؟
س : إن كان الإصرار على التدخين يجعله من الكبائر، فهل يقتضي ذلك سقوط شهادة فاعله ؟
ج : إن العلماء اختلفوا في تفسيق شارب الدخان وعدمه، ولاسيما أنه مما عمّت به البلوى لأن ما ذكره بعضهم من أن الصغيرة تعطى حكم الكبيرة بإحدى السبعة أشياء المذكورة ليس بمتفق عليه. فإن بعضهم يقول: إن تلك الصغيرة بقيت صغيرة ولا ينقلها أحد تلك الأشياء إلى درجة الكبيرة إلا أنها تقرّبها من الكبائر، فلا يلزم من ارتكابها ثبوت الفسوق ونفي العدالة.
وذلك لأن الحرام في الإسلام درجات، بعضها صغائر وبعضها كبائر. فكما للكبائر درجات فكذلك للصغائر درجات ولكل حكمه ودرجته. فالكبائر لا تكفرها إلا التوبة النصوح. وأما الصغائر فتكفرها الحسنات إن الحسنات يذهبن السيئات( )، بل يكفرها مجرد اجتناب الكبائر إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما( ). فلا يحتاج من ارتكابها إلى التوبة ولا يلزم من إصرارها نفي العدالة حتى يسقط الشهادة لتكفيرها بفعل الحسنات وبمجرد اجتناب الكبائر.
وبعضهم يقول: إن الصغيرة تعطى حكم الكبيرة بإحدى السبعة أشياء المذكورة. ورتب على هذا سقوط شهادة مرتكبها ونحوه، لأنه يلزم من ارتكابه الكبيرة ثبوت فسوقه ونفي عدالته .
ويؤيد ذلك قول حجة الإسلام أبي حامد الغزالي رحمه الله في البسيط: والضابط الشامل المعنوي في ضبط الكبيرة: أن كل معصية يقدم المرء عليها من غير استشعار خوف، وحذار ندم كالمتهاون بارتكاب والمتجرئ عليه اعتيادا، فما اشعر بهذا الإستخفاف والتهاون (أي ومثله بقية السبعة أشياء المذكورة) فهو كبيرة. (أي يثبت الفسوق ويمنع العدالة)، وما يحمل على فلتات النفس أو اللسان وفترة مراقبة التقوى ولا ينفك عن تندم يمتزج به تنغيص التلذذ بالمعصية، فهذا لا يمنع العدالة (أي ولا يثبت الفسوق) وليس هو بكبيرة( ).
وأما التوبة من الصغيرة، فقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: الأصحّ وجوبها يعنى أصر عليها أو لا( ).
وهل تجوز إمامته في الصلاة ؟
س: إن كان صدوره من عالم أو ممن يقتدى به يعتبر من الكبائر، فهل يقتضي ذلك عدم جواز إمامته وعدم صحتها؟ وعدم الإقتداء به وعدم صحّته؟.
ج: والحق أن هذه المسئلة تدور حول إمامة الفاسق، يعنى: هل تجوز أو لا؟ وهل يجوز الإقتداء به ويصح؟ وقد عرفنا مما سبق، أن العلماء اختلفوا في تفسيق شارب الدخان وعدمه، فلذلك نجد أقوالهم في هذه المسئلة مختلفة :
منهم من قال: بتحريم إمامته، لأن الدخان مسكر، وشرب المسكرات من الكبائر، يقتضي تفسيق مرتكبه، وليس للفاسق حق الإمامة. قالوا: والمراد بالإسكار في قولهم: مطلق تغطية العقل، وإن لم يكن معه الشدة المطربه، ولا ريب أنها حاصلة لمن يتعاطاه أول مرة( ). وبعضهم قال: ومن المعلوم أن كل من شرب دخانا كائنا ما كان أسكره، بمعنى أشرقه وأذهب عقله بتضييق أنفاسه ومسامه عليه، فإسكار من هذه الحيثية، لا سكر اللذة والطرب( ).
وقال الشيخ عبد الله بن محمد عبد الوهاب: وصحّ بالتواتر عندنا وبالمشاهدة إسكاره في بعض الأوقات، خصوصا إذا أكثر منه أو أقام يوما أو يومين لا يشربه ثم شربه. وقال الشيخ عبد الله أبا بطين: حصل به الإسكار فيما إذا شاربه مدة، ثم شربه أو أكثر منه( ).
قال القرضاوى: ورتب بعضهم على هذا (الإسكار) عدم جواز إمامة من يشربه( ). وقال الشيخ خالد بن أحمد من فقهاء المالكية: لا تجوز إمامة من يشرب التنباك، ولا يجوز الإتجار به، ولا بما يسكر( ).
ومنهم من قال بصحة إمامته وصحة الصلاة خلفه ولكنها مع القدرة على إمامة غيره من أهل الخير لا تخلو عن الكراهة. قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز: أما إمامة شارب الدخان وغيره من العصاة في الصلاة، فلا ينبغي أن يتخذ مثله إماما، بل المشروع أن يختار للإمامة الأخيار من المسلمين المعروفين بالدين والاستقامة، لأن الإمامة شأنها عظيم، ولهذا قال النبيّ : «يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما» الحديث رواه مسلم في صحيحه( ).
وفي الصحيحين عن النبي  أنه قال لمالك بن الحويرث وأصحابه: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم»( ). لكن اختلف العلماء رحمهم الله: هل تصح إمامة العاصي والصلاة خلفه؟ فقال بعضهم: لا تصح الصلاة خلفه لضعف دينه ونقص إيمانه, وقال آخرون من أهل العلم: تصح إمامته والصلاة خلفه, لأنه مسلم قد صحت صلاته في نفسه فتصح صلاة من خلفه, ولأن كثيرا من الصحابة صلوا خلف بعض الأمراء المعروفين بالظلم والفسق. ومنهم ابن عمر رضي الله عنهما قد صلى خلف الحجاج وهو من أظلم الناس.
وهذا هو القول الراجح, وهو صحة إمامته والصلاة خلفه, لكن لا ينبغي أن يتخذ إماما مع القدرة على إمامة غيره من أهل الخير والصلاح( ). هذا خلاصة ما ورد من خلاف العلماء في حكم إمامته والصلاة خلفه.
قلت: لعل الاولى القطع بصحة إمامته وصحة الصلاة خلفه لورود الأحاديث بصحة الصلاة مع أئمة الجور, إذ لا معنى للخلاف بعد ورود النص, فقد روى النسائى والإمام أحمد عن أبي ذرّ  أنه سأل رسول الله  عن الصلاة مع أئمة الجور فقال: «صل الصلاة لوقتها فإن أدركت معهم فصلّ, ولا تقل إني صليت فلا أصلي». قال الإمام السندي: أي خوفا من الفتنة.
وعن ابن مسعود  قال: قال رسول الله : «لعلكم ستدركون أقواما يصلون الصلاة لغير وقتها فإن أدركتموهم فصلوا الصلاة لوقتها, وصلوا معهم واجعلوها سُبحة». قال السيوطي: أي نافلة( ).
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة  أن النبي  قال: «أئمتكم يصلون لكم ولهم, فإن اصابوا فلكم ولهم، وإن أخطاوا فلكم وعليهم»( ).
وفي مسند الإمام أحمد [4/181] عن عقبة بن عامر  قال: سمعت رسول الله  يقول: «إنها ستكون عليكم أئمة من بعدي, فإن صلّوا الصلاة لوقتها فأتموا الركوع والسجود فهي لكم ولهم, وإن لم يصلوا الصلاة لوقتها ولم يتموا ركوعها ولا سجودها فهي لكم وعليهم».
فظاهر هذه الأحاديث يدل على صحة إمامة الفساق وأئمة الجور لأمره  الصلاة معهم والإقتداء بهم، كما هو في حديثي أبي ذر وابن مسعود رضي الله عنهما، ويدل ذلك أيضا على صحة الصلاة خلفهم (وإن كان ذلك- أي ما ذكر من الإمامة والإقتداء- لا يخلو عن التحريم أو الكراهة) إذ يستحيل عليه  الأمر بتعاطي العبادة الفاسدة. وقوله «سبحة» يؤكد هذا المعنى (الظاهر), إذ لا يتصور وجود العبادة الفاسدة وتكون سبحة. ولا منافاة بين صحة الصلاة وحرمة أو كراهة الإمامة, ولا بين صحة الصلاة وحرمة أو كراهة الإقتداء.
وأما حديث ابن ماجة: «ولا تؤمنّ امرأة رجلا، ولا أعرابي مهاجرا, ولا فاجر مؤمنا». فقال الحافظ في بلوغ المرام: إسناده واه. وأما حديث: «لا يؤمنّكم ذو جرأة في دينه» فهذا أيضا ضعيف لا يستقيم بمثله الحجة في مقابلة الأحاديث الكثيرة الصحيحة التي تدل على صحة إمامة الفساق وأئمة الجور وصحة الصلاة خلفهم وإن كان ذلك لا يخلو عن الكراهة والتحريم. وقد أخرج البخاري في تاريخه عن عبد الكريم بن مالك الجزاري أنه قال: أدركت عشرة من أصحاب محمد  يصلون خلف أئمة الجور. وكان ابن مسعود يصلي خلف الوليد بن عقبة وهو متهم بالشرب, وكان ابن عمر يصلي خلف الحجاج, وهو من هو في سفك الدماء, والتطاول على العلماء( ). فذلك كله يؤيد ما قلناه من صحة إمامة الفاسق أو الجائر, وصحة الصلاة خلفه, وإن كان ذلك لا يخلو عن الكراهة أو التحريم، إلا إذا تعذر غيره, أو لم تحصل الجماعة إلا بمثله, فلا كراهة أو فلا تحريم, لا في الإقتداء به ولا في تقديمه للإمامة. ومثله إذا خيف من الفتنة.
قال الشيخ سليمان الجمل في [حاشيته على فتح الوهاب؛ جـ:1/صـ:530] نقلا عن الطبلاوي: وإذا لم تحصل الجماعة إلا بالفاسق والمبتدع لم يكره الائتمام بهما.
قلت: أي ولاتقديمهما للإمامة، ذلك لأن الجماعة مما يهتمّ به الشرع، ولو قلنا بعدم صحة إمامة الفاسق وعدم صحة الصلاة خلفه، أو قلنا بعدم صحتهما ولكن مع الكراهة أو التحريم فيما هو في هذه الجماعة، أو قلنا بعدم صحة شهادة الفاسق في مثل تلك الحالة يعني تعذّر غيره أو لم تحصل الشهادة إلا بمثله لتعطّل كثير من مهمات الدنيا والدين لعسر العثور على الإمام الصالح أو على الشاهد الصالح، وخصوصا في مثل هذا الزمان الذي عمت فيه المعاصي والفساد والمنكرات بكل ألوانها وصورها حيث أصبح كثير من الإذاعات بنوعيها المرئي والمسموع وسيلة من وسائل التحلل عن الأخلاق الإسلامية بإفساحها لأوسع جوانبها للهو والأغاني المتكسرة ذات الكلمات المثيرة للغريزة بل وللصور الخليعة والأفلام الفاجرة والروايات الداعرة بكل صراحة وبلا استحياء. بينما تجعل بعض هذه الإذاعات للبرامج الدينية ما لا يزيد على خمسة في المائة من بين ساعاتها في الأسبوع. وأصبح أيضا الصحف والمجلات يسلك هذا المسلك لأجل استجلاب الربح الكثير ولو من السبل المعوجّة إضافة إلى أنواع المخدرات والمسكرات وألوف من بيوت الدعارة وأمكنة الاختلاط التي انتشرت في هذه البلاد؛ ولا يخفي في أن ذلك كله مما يشقي الفرد ويدمر المجتمع ويؤثر الخلل في كل نواحي الحياة بل وقد ساق ذلك بعض الرجال إلى السقوط في دركات الحيوانية والمتاهات المردية بارتكاب كبائر الذنوب وصغائرها ثم لا يتوبون ولاهم يذكرون( ) وساق آخرين إلى درجة اللامبالاة بالمبادئ والخلق فأخذوا ينقلون ما يصدر عن الغرب من الموضات والعادات والتقاليد ولو كان ذلك شذوذا وانحرافا عن أخلاق الإسلام حتى يوقعهم ذلك في هاوية الإدمان لصغائر الذنوب مختلفة الأنواع.
فما بقي بعد ذلك إلا نزر قليل من أناس صالحين ممن أكرمه الله بعصمتهم مما وقع فيه الناس من الهلاك والدمار حتى إنه لعسر علينا في بعض الأوقات العثور على رجل صالح يصلح للإمامة أو الشهادة .
ولو قلنا في مثل هذه الحالة بعدم صحة إمامة الفاسق وعدم صحة الصلاة خلفه أو قلنا بصحتهما ولكن مع الكراهة أو التحريم أو قلنا بعدم قبول شهادته لوقع الناس في ضيق وحرج، وقد قال عز من قائل: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج( ) وقال أيضا: وما جعل عليكم في الدين من حرج( ).
فلأجل ما ذكرنا من وجهة النظر والاعتبارات الشرعية نقول : لعل الأولى والأرجح القطع بصحة إمامة الفاسق وصحة الصلاة خلفه ولكن مع القدرة على إمامة غيره من أهل الخير لا يخلو ذلك عن التحريم (عند بعضهم) أو عن الكراهة (عند آخرين) ولا منافاة بين صحة الصلاة وحرمة أو كراهة تقديم الفاسق للإمامة، ولابين صحة الصلاة وحرمة أو كراهة الاقتداء به.
وأما صلاة الصحابة رضوان الله عليهم خلف أئمة الجور فإنما هي لخوف من الفتنة، كما فسر به الإمام السندي لحديث أبي ذر  ؛ ثم إننا اليوم لما شعرنا بعسر العثور على رجل يصلح للإمامة ملنا إلى القول بصحة إمامة عامة الناس وصحة الصلاة خلفه بدون كراهة ولاتحريم ما دام لم يكن منهم إخلال لشروط الإمامة وإن كانوا غالبا لم ينفكوا عن عادة التدخين ولا سيما إنها مما عمت به البلوى على أنه ليس من شرط الائتمام الاطلاع على بواطن إمامه من حاله واعتقاده بل يصلي خلف مستور الحال من غير سبق بحث ولا تطلع. والله أعلم .
وهل من علماء المذاهب من يحرّم التدخين ؟
س : وهل من علماء المذاهب الأربعة من يحرم التدخين ؟
ج : نعم، وجدنا أصوات علماء المذاهب تعالت وتوالت في تحريم التدخين، والشمة (مضغ التنباك مع موادّ أخر [Susuran; jw]) والبردقان (استنشاق التنباك من أنفه بعد طحنه)، والقات (اسم النبات يستعمل فيه أكلا ومضغا)، وأشباهها منذ ظهورها في ديار المسلمين وشيوع تعاطيها في حدود عام ألف وعشرة (1010 من الهجرة) إلى وقتنا الحالي. منهم:
1. الشيخ نجم الدين بن بدرالدين الشافعي الغزي العامري الدمشق.
2. الشيخ خالد بن احمد المالكي.
3. الشيخ احمد السنهوري الباهوتي الحنبلي المصري.
4. شيخ المالكية بمصر صاحب نظم جوهرة التوحيد الشيخ إبراهيم اللقاني وله كتاب نصيحة الإخوان في تحريم الدخان.
5. الشيخ عبدالله أبا بطين الحنبلي.
6. الشيخ محمد العيني الحنفي، وله رسالة في تحريم الدخان.
7. السيد عمر البصري الصديقي الشافعي.
8. الشيخ إبراهيم بن جمعان اليمني.
9. الشيخ جمال الدين القاسمي، وله أبيات في تحريم الدخان.
10. السيد احمد بن محمد البحري المنصوري اليمني بعد توبته ورجوعه عن قوله بتحليله.
11. الشيخ ابو الحسن الحنفي المصري.
12. الشيخ المحقق عبد الملك العصامي المالكي وله رسالة في تحريم الدخان.
13. الشيخ الأعظم محمد الخواجه التركي.
14. الشيخ أبو بكر بن الأهدل اليمني.
15. الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي الحنبلي، وله كتاب نصيحة الإخوان.
16. الشيخ محمد بن العلان الصديقي الشافعي المكي صاحب دليل الفالحين.
17. الشيخ حمود التويجري، وله كتاب الدلائل الواضحات.
18. الشيخ أبو الغيث القشاشي المغربي المالكي.
19. الشيخ عيسى الشهاوي الحنفي التركي.
20. الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي الحنبلي، وله كتاب تحريم الدخان.
21. الشيخ الإمام شهاب الدين احمد بن حجر الهيتمي الشافعي، وله كتاب تحذير الثقات من أكل الكفتات والقات.
22. الشيخ عبد الله بن سعد الغامدي، وله تحفة البيان في تحريم الدخان.
23. الشيخ مكي بن فروخ المكي.
24. السيد سعد البلخي المدني.
25. الشيخ محمد البرزنجي المدني الشافعي.
26. الشيخ محمد عبد اللطيف ن وله كتاب منهل الظمآن.
27. الشيخ زكي الدين بن سند المصري.
28. الشيخ معروف الرصافي، وله قصيدة بعنوان العادات قاهرات.
29. الشيخ محمود طاهر، وله كتاب تحذير الإخوان عن شرب الدخان.
30. الشيخ محمد بن سالم البيجاني.
31. الشيخ محمد الفلاتي، وله كتاب غأية البيان في تحريم الدخان.
32. الشيخ محمد الجمالي المالكي، زله كتاب تنبيه الغفلان في منع شرب الدخان.
33. الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وله رسالة تحريم الدخان.
34. الشيخ علي بن قاسم الفيفي، وله كتاب الحوار المبين عن أضرار التدخين والتخزين.
35. الشيخ محمد بن مانع كبير علماء قطر.
36. الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر سابقا, وله فتوى في تحريم الدخان.
37. الشيخ يوسف القرضاوي، وله فتوى في تحريم الدخان.
38. الدكتور نبيل صبحي الطويل، وله التدخين وسرطان الرئة.
39. الدكتور عبد العزيز أحمد شريف.
40. الدكتور صبري القباني، وله طبيبك معك.
41. حضرة الوالد شيخنا العلامة المحدث محمد حسن الجيشي اليمني المكي الحنبلي.
42. شيخنا العلامة محمد خير حجازي المعروف بالشيخ محمد مكي الباكستاني المكي الحنفي.
43. شيخنا العلامة طه عبد الواسع البركاتي اليمني المكي الشافعي.
44. شيخنا العلامة عبد الفتاح رواه الاندونيسي المكي الشافعي صاحب التأليفات العديدة.
45. شيخنا العلامة الدكتور صالح بن عبد الله حميد المكي الحنبلي إمام المسجد الحرام.
46. شيخنا العلامة المحدث عبد الله بن عبد الرحمن البسام صاحب توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام.
47. شيخنا العلامة المحدث محمد صالح العثيمن.
48. الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي المملكة العربية السعودية، وله فتوى في تحريم الدخام وحكم إمامة من يتجاهر بشربه.
49. الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني.
50. الشيخ العلامة الكياهي إحسان محمد دحلان الجمفسي الكديري صاحب سراج الطالبين، وله تنبيه الإخوان في حكم شرب القهوة والدخان.
51. شيخنا العلامة المحدث السيد محمد علوي المالكي الحسني يحظر على جميع طلابه شرب الدخان ويعاقب من يرتكبه منه بإخراجه من بيته ومعهده .

الرد على رأي أحد الكياهيين
س: قد أكثرت من ذكر علماء المسلمين الذين قالوا بتحريم التدخين وأمثاله, وما أريد أن أرد عليك من ذلك شيئا, إلا أنني سمعت أحدا من الكياهيين ير على مانع التدخين( )، ويقول وهو على منبر: كيف يكون التدخين محرما؟, مع أن الدخان شيء مستحدث, لم يوجد أيام الرسول ، ولا أيام الصحابة, ولا أيام التابعين, فأنّى لـه هذا التحريم؟ بل هو عندي حلو طيب, حتى لو فرض أنه وجد في أيام الرسول ، فما أظنه  إلا وسيستعمله ويصغى إليه بالمودة والإستحسان. فماذا رأيك تجاه هذه الفكرة؟.
ج :إنا لله وإنا إليه راجعون. هذا كلام يدوي ولا يداوي, ويسقم ولا يبري( ) مطلوعه من غير مطلعه, ورجوعه إلى غير أهله.
كلام أنأى من الكواكب، ولكن بتلبيسه كأنه أدنى من حبل الوريد( ). كلام أمرّ من الشري، ولكن بتزيينة كأنه صفوة الأري، وكيف لا ؟ وهو كلام مريح، وغلط صريح، لرتوعه في غير مرتع، وحلوله بمكان غير ذى زرع. كلام لا يحجزه تقى، ولا يردعه نهي ولا يكفه تحرج، ولا يدفعه تورع, ولا يقبل به عقل، ولا طب ولا خلق، ولا شرع.
وهو أيضا اجتراء على مقام النبوة، نشاء ذلك عن عدم مبالاته بتعاليم الإسلام، وعن هوى يتبعها لغير هدى من الله، وعن ظن إليه يفرغ، لا عن علم، ولا عرفان، ولا دليل ولا برهان.
وقد قال عز من قائل: ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله( ) وقال تعالى: قل هاتوا برهنكم ان كنتم صدقين( ).
وقال تعالى: قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا، إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون( ).
وقال تعالى: وان الظن لا يغني من الحق شيئا( ) وفي الحديث الصحيح: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»( ).
فصريح الحديث يدل على عدم جواز تعمد الكذب على النبي ، وظاهره يدل على عدم جواز نسبة أي شيء إليه  ما دام لم يرد به دليل ثابت (صحيح) فكيف بمجرد الأوهام والأظانين؟ فقد قيل: إن الظن يتفرع منه الأكاذب, وقالوا: وما أكثر الظنون إلا الميون جمع مين وهو الكذب فـما لكم كيف تحكمون( ).
ولو فتح هذا الباب( ) لقال أهل الأهواء ما قالوا، ولأدى ذلك إلى فتح أبواب الفساد، فلذلك عقبه  بالوعيد بدخول النار، فقال : «فليتبوأ مقعده من النار». فكيف يصح لعالم أو لعاقل أو لمسلم أن ينسب إلى حضرة النبوة ما لا يقبله الفطرة السليمة والطبيعة الصحيحة، مع ما أثبته المحققون من علماء المسلمين، وأطباء العالم، ومفكريهم وعقلائهم، وأيدته الأجهزة الحديثة مثل التحليلات المخبرية ولغة الأرقام من أن الدخان مغو، غرار مكار، بل إنه من ألد أعداء الإنسان، وإنه مضر عليه، وعامل هدم لكيانه لاحتوائه على المواد الفتاكة بإتلافه دماغه [Sel-sel Otak] وأكثر أجهزة أجسامه تدريجيا، شيئا بعد شيء ,وهذا الضرر التدريجي في حكم الضرر الفوري.
وما كنت أظن أن أحدا في هذا العصر يقول: إنّ الدخان عديم المضار, وخال من الموادّ الفتّاكة والأخطار، إلا من أولع به ويحبه, وسلب منه قلبه, واختلس منه لبه, لأن أضرار التدخين مما يتساوى في معرفته عموم الناس, مثقّفين أو أمّيّين, وكيف لا…؟ وقد أفاضت الهيئات العالميّة الطبّيّة في بيان أضراره, ونشرتها الإذاعات, والتليفزونات, والصحف, والمجلات, وكتبت من أجلها الكتب والرسالات, وشوهد من ضحاياه في كثير من المستشفيات, حتى لا يحتاج إثباتها إلى طبيب إختصاصي أو محلل كيماوي, لاستواء معرفتها عند سائر الناس, فأنى لك هذا العمى المبين, يا مكابرا للحس والواقع؟
ولست أدري ما الذي دفع هذا الكياهي إلى أن يقول مثل هذه القالة, إلا لكونه من مدمني التدخين ومحبيه, وقديما قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة  كما انّ عين السخط تبدي المساوى
والمحبّة تعمى كل شيء, وتفسد عقل الرجل ودينه, فلا يرعوي لناصح جريا خلف لذات أوهام زائفة, وأحلام كاذبة, وربّ عالم قتله جهله, ومعه علمه لا ينفعه( ) وحسبنا الله ونعم الوكيل, ولا حول ولا قوّة إلا باالله العلي العظيم .
فهل يا ترى أنّ هذا القائل يعترف بخطأه ؟ لا…لا… فإنّ تطاوله عن نصح أخيه, وتبذخه عن قبول الحق وتحكيمه الهوى في الدين تأبى ذلك, بل أخاف لا سمح الله من أن يكون من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وقد وقفت على فحوى كلامه، وعاينته وهو على المنبر يدافع عن رأيه, ويعنف أخاه الناصح لـه ويبكته ويستهزئ به, والعيان يغني عن البيان, والله المستعان .
وكم كان يجدر بهذا القائل أن يؤثر رضاء ربه على حظوظ نفسه, وأن يبذل جهده وفكره لسلامة جيلنا وشبابنا عن هذه العادة الخبيثة التي لم يكن من ورائها أي جدوى بدون ضرر.
وكم كان أيضا يجدر به أن ينصح شبابنا الانصراف إلى تصرفاتهم المفيدة والممتعة التي تكسبهم قوة ونشاطا لمتابعة أعمالهم, ودروسهم بتفوق ونجاح، وذلك بتحويل صرف أموالهم وأوقاتهم إلى ما هو أنفع وأجدى, ولكن كل ذلك لم يكن. والله يهدينا ويهدي المسلمين إلى سواء السبيل وهذا التدخين رغم توافر الأدلة القاطعة على ثبوت مضارها الدينية والطبية والأخلاقية والسلوكية والجنسية والإقتصادية والإستراتيجية, فإن من الناس من اجتالت الأهواء واستطاع بكيده ومكره وبيانه أن يصور الحق بصورة الباطل (إن من البيان لسحرا) حتى تنقلب الحقائق, ويتصور الخبيث في نظر العامة بصورة الطيب والمتخيّل.
ومنهم من أبصر إلى تلك المضار أو شعر بها بل واعترف بخبثه وحرمته. ولكن الشيطان يملأ قلوبهم بالأماني الكاذبة ويحملهم على التفريط بذكر قوله تعالى إن الله غفور رحيم( ) ورحمتي وسعت كل شيء( ) ناسين أو متناسين ما جاء في أيات أخر نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم( ) إن رحمت الله قريب من المحسنين( ) وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى( ).
ومنهم من عميت قلوبهم وأبصارهم فلم يعترفوا بالحقائق العلمية التي أثبتها العلماء من مختلف التخصّصات في أنحاء العالم، بل وقد أيدتها الأجهزة الحديثة مثل "التحاليل المخبرية" و "لغة الأرقام". ومنهم من يرى خيثه وحرمته ولكن ضعفت إرادته ولانت همته عن التخلّص منه.
ولا ينبغي للعاقل أن يلتفت إلى هؤلاء الأصناف من الناس ولو كانوا كثيرين. وليتذكّر دائما تنبيه العليم الخبير في كثير من الآيات على عدم اهتداء كثير من الناس, وإرشاده سبحانه إلى إلى عدم الإغترار بالأكثرية، مثل قوله تعالى: ولكن أكثر الناس لا يؤمنون( ) أو للحق كارهون( ) أو فاسقون( ) أو لا يعقلون( ) والله يعافينا ويوفقنا إلى ما فيه رضاه. آمين.
خاتمة في طرق الوقاية والعلاج من هذه العادة
س: قد فهمت مما ذكرت أن عادة التدخين إثم وداء فكيف الدواء ؟ وكيف طريق الوقاية والعلاج والخلوص منها ؟
ج : إن عادة التدخين من أسوأ العادات المتفشية في جيلنا الحاضر حتى لا يكاد أن يوجد بيت من البيوت إلا وفيه من وقع في شركها وسقط في حبائلها, رغم المجهود المبذول من العلماء والخبراء من مختلف التخصصات. وإذا أراد المرء الخلوص لنفسه من هذه العادة فعليه بكل خطوة من خطوات العلاج التالية, فإن طريق الخلاص بهذه الخطوات سهلة جدا. إن شاء الله تعالى :
(أولا): أن يعترف بطبيعة الأخطاء التي وقع فيها كأن يقول (ولو في نفسه): قد أساءت إلى الله وإلى نفسي وإلى أهلي وأولادي وإلى الناس وهكذا … فيكثر من الاستغفار والإنابة إلى الله، فإنه بهذه الخطوة قد غلق بابا أمام الماضي وفتح في نفس الوقت بابا جديدا لحياته على الحاضر.
(ثانيا): أن يكون على استعداد تام في ترك هذه العادة لأجل رضائه تعالى.
(ثالثا): أن يكون قوي الإرادة شديد العزيمة وصادق النية.
(رابعا): أن يسال الله تعالى بخشوع القلب أن يزيلها من نفسه.
واعلم أن الوقاية والعلاج من ظاهرة تعاطي هذه العادة ر بد من منع العوامل والأسباب التي تؤدي بالمرء إلى تعاطيها. وهذه العوامل والأسباب مثل الثقافية والإقتصادية وبيئة العمل وبيئة الأصدقاء والمدرسة والأسرة والمناخ والمكان إضافة إلى وفرة السجائر وسهولة الحصول عليها في أي مكان بدون أي حصر وتحديد وإغراءات جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة على تعاطي هذه العادة وتشجيع بعض أولياء الأمور من علماء ومدرسين وآباء (قولا أو فعلا).
وكم كان المرء وقع في أحابيلها وهو في سن الشباب نتيجة فقدانه عن أسوة حسنة وقدوة صالحة من خلال بيئته, وعدم اهتمام الأهل وانشغالهم عنه بالأشغال والترفيهيات حتى يصيبه شرار الصحبة الفاسدة, وقد نبهنا  إلى الصحبة الطيبة التي يصيب الفرد شيء من عطرها وحذّرنا عن خطورة الصحبة الفاسدة التي يصيب الفرد شيء من شرارها إن لم يحترق كله فقال : «مثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه, ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه»( ).
وأعتقد أنا أن الشباب لا بد لهم من خلال بيئتهم من أسوة حسنة وقدوة صالحة وأن المثبل الواحد يغني عن ألف خطبة وخطبة وعلى كل حال فإن المسؤولية تقع على عواتقنا معاشر أولياء الأمور من ولاة ومدرسين وآباء. وأن المسؤولية على العلماء حملة الشرع أكبر منها على غيرهم. فلذلك يجب عليهم أن يهتموا بتوعية الناس يتحريم الدين الإسلامي لتعاطي هذه التدخين وأن ينبهوا وسائل الإعلام إلى ضرورة البعد عن الوسائل الإعلامية التي تشجع العامة على تعاطي هذه العادة الخبيثة.
هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد الله رب العالمين
بلورا, 23 جمادى الثانية 1419 هــ
14 أكتوبر 1998 م
المحتويات
الموضوع
مقدمة
مقدمة الكتاب
دين الإسلام
سرّ بقاء الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان إلى يوم القيامة
هل اختلف العلماء في حكم التدخين؟
ما يذكر من منافع الدخان
وكيف إذا لم يتضرر المرء بأضرار التدخين
وما حكم القهوة والشاي؟
ما بتعلق بأضرار التدخين
فصل في التدخين والضعف الجنسي
فصل في بيان التدخين وفساد الأخلاق وإنقاص الشعور وتشويش الأفكار
فصل في بيان التدخين والسرطان
فصل في بيان التدخين وباقي الأضرار
فصل في التدخين وإيذاء الغير
فصل في التدخين وإيذاء الملائكة
فصل في التدخين وتقليد المجوس واليهود والنصارى
فصل في التدخين والاقتصاد واستراتيجية أعداء الإسلام
جدول ضرائب التنباك
أكثر الكياهيين يدخنون؟
التدخين من الصغائر أم من الكبائر؟
وهل تسقط شهادته؟
وهل تجوز إمامته في الصلاة؟
وهل من علماء المذاهب من يحرم التدخين؟
الرد على رأي أحد الكياهيين
خاتمة في طريق الوقاية والعلاج من هذه العادة




13 February 2007










Related Posts by Categories



1 komentar:

  1. bagus juga tulisan dari bolg ini, kunjungi blog kami www. kitab-kuneng.blogspot.com

    BalasHapus